عون يتسلم وثيقة الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي ونقابات المهن الحرة: الدولة وفرت الأمن والعدالة وظروفاً مالية ستظهر قريباً لجذب الاستثمارات
عقد الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية ونقابات المهن الحرة لقاء، في مقر الاتحاد، تحت شعار «الاستقرار للاستمرار: وحدتنا.. إنتاجنا، إنتاجنا.. مناعة وجودنا وبقائنا»، بحضور رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار، رئيس اتحاد غرف التجارة والزراعة في لبنان محمد شقير، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز شارل عربيد، نقيب محرري الصحافة الياس عون وممثلين عن نقابات المهن الحرة والهيئات والنقابات الاقتصادية والاتحادات العمالية.
بداية، تحدث الأسمر مرحباً بالجميع، «باسم عمال لبنان في بيت العامل، بيت الشعب اللبناني – في هذا اللقاء النوعي». وقال: «إذا كان من رمزية لهذا اللقاء فإنما يرمز إلى بداية ارتقاء العلاقة بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية إلى مستوى جديد ومتقدّم وواعد، نأمل أن يكون خطوة رائدة في سبيل خير الوطن والمواطن وتثبيت الاستقرار الاجتماعي والمعيشي وتكريس انفراج على جميع الأصعدة في هذا الظرف العصيب الذي يمر به الوطن».
أضاف: «ما يزيد من أهمية هذا اللقاء أنه يأتي في ظرف سياسي واجتماعي واقتصادي بالغ الدقة، وتتخطى مفاعليه أرض الوطن. وما تنظيم هذا اللقاء إلا للتأكيد على وحدة الصف ووحدة الموقف خلف المؤسسات الدستورية الوطنية، بدءاً من مؤسسة رئاسة الجمهورية إلى مؤسسة المجلس النيابي إلى المرجعيات الروحية والزمنية التي أثبتت قدرتها العالية في التصدي للأزمات الناتجة عن استقالة دولة الرئيس سعد الحريري، وهنا نؤكد أن عودته تشكل مدخلاً للانفراج السياسي والاقتصادي».
ودعا الأسمر إلى «المزيد من الخطاب الهادئ البعيد عن التشنج من قبل جميع الأطراف السياسية». وقال: «إنّ لبنان مر بأزمات عديدة في تاريخه الحديث وتجاوز تلك الأزمات بفضل وعي اللبنانيين وحكمة قياداتهم. ونحن على ثقة بأن تجاوز الحالة الراهنة سيتم سريعا بفضل ذلك الوعي الوطني وسبل المعالجة القائمة».
وختم: «انطلاقاً من ذلك، نرجو لهذا اللقاء أن يكون مقدمة لعلاقات سوية ومتوازنة ومحترمة بين جميع أطرافه وأن يشكل محطة أساسية للانطلاق في معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية القائمة، وهي كثيرة ومستحقة وعلى قاعدة حماية اقتصادنا الوطني وإنصاف عمالنا وتأمين الاستقرار الاجتماعي».
ثم بدأت جلسة المناقشة والحوار بين الهيئات المشاركة والتي اكدت «أهمية التضامن والوحدة في هذه الظروف».
وبنتيجة المناقشات، أذاع شارل عربيد وثيقة صادرة عن المجتمعين، نصت على ما يلي:
«حين يقف الوطن بثبات خلف سور منيع من وحدة ابنائه حول تماسك بلدهم مؤسسات ودستورا وقوانين فانه يتخطى أي أزمة تختم على امتداد مساحته.
وها نحن في وطننا لبنان وطن الصيغة والنظام والمأسسة والنتاج المجتمعي، وطن الإنسان والأحزاب والتعددية الفكرية والثقافية، وطن الجمهورية الحاضنة لمواطنيها من كل فئاتهم وانتماءاتهم.
ها نحن اليوم عند مفترق سؤالين: هل نستمر في الإمساك بأيدي بعضنا البعض فندعم بنياناً أخذ يعلو منذ سنة أم نتباعد فريقين واتجاهين فتضعف قوة مؤسساتنا ونخسر رصيداً ينمو اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً لنرى البنيان يتهاوى؟
خيارنا واحد وحيد. دولة مؤسسات شئناها ولا نزال غداة انتخاب رئيس جمهوريتنا، وبعد انطلاقة حكومية رفعت في شهور عشرة رصيدها في سوق الأسهم السياسية والاقتصادية وسعت لتعزيز الثقة لدى المواطن عاملاً وصاحب عمل ومهنة ومربياً ومسؤولاً، واكبتها ورشة تشريعية استجابت لصوت الناس وهمومهم، وجيش بطل لمعت سيوفه فانتصر الوطن الصغير على الإرهاب الكبير.
فأي تحول جرى لتتبدد الصورة ويشاع القلق ويعود التساؤل عن المصير والكيان، ولندور في دائرة علامة استفهام تقلقنا حول الغد وفصول المشاريع الإنمائية وعجلة الحركة الإنتاجية بالتوازي مع صعوبات تذللت وموازنة تحققت وتعيينات تولدت وانتخابات ارتسمت.
رغم هذا التساؤل والحذر من الخطر نبقى شعباً لن يعود إلى الوراء، فتجارب الماضي المريرة علمتنا أن لا نفتح شبابيكنا إلا للشمس، ولوجود لا يحتله الفراغ، لتكاتف لا يتفكك، لمجتمع مجمع على الانتاج والاستمرار، ولاقتصاد يصبو إلى التطور والازدهار.
نعم، وطننا وطن الكيان والجوهر، يبني الانسان في رحم المواطنة والانتماء والالتزام.. ويعتز بجاليات تعم البلدان والقارات مدركاً أنها موارد أساسية لبلدها الام، لأهلها وحركة اقتصادها.
أمام كل ما يجري وانطلاقاً من الثوابت، تعلن قوى الإنتاج، عمالاً، أصحاب عمل ومهن حرة، أنها ستبقى واحدة موحدة دفاعاً عن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، أنها تدعم مواقف فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب في الحفاظ على لبنان الجامع للجميع، أنها تترقب عودة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري التي تشكل ركيزة الاستقرار، أنها تتمسك بوجوب اعتماد الخطاب الهادىء والمعتدل، أنها تؤكد ثقتها بصلابة عملتنا الوطنية وقوة قطاعاتنا الإنتاجية والمصرفية والخدماتية وإبداع عمالنا وشبابنا وشاباتنا، أنها تلتزم المثابرة على العمل لتخطي الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، أنها ستستمر في العمل على تنمية علاقاتنا الاقتصادية مع الدول الصديقة، خاصة الدول العربية الشقيقة، أنها تؤكد إيمانها بقوة جيشنا واجهزتنا الامنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار.
ومن هذه الثوابت، وعبر هذا اللقاء الجامع والمميز، شكلاً وجوهراً، نؤكد أننا لن نتوانى عن العمل لإزاحة أي غيمة وأي ضبابية متكلين على إرداتنا وعزمنا الاقتصادي والمجتمعي، ماضين بإيماننا بلبنان وطناً لا بديل عنه، وطناً ينحاز لشعبه ومؤسساته ودستوره.
هذا هو وطننا نعمل فيه وننتج لخيره، نقوله عملاً والتزاماً، ننشده علماً واستقلالاً.. تاريخه يكمن في حاضره.. ونحن حاضره، بقاؤنا قدرنا.. ونحن قادرون».
وقد تسلم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الوثيقة بعد ظهر أمس في قصر بعبدا، حيث جدّد رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عندنان القصار، «الدعم الكامل لمواقف الرئيس عون والوقوف إلى جانبه»، وأكد «تعاون الهيئات معه بشكل كامل». وأشاد بـ«حكمة رئيس الجمهورية في إدارة دفة البلاد للوصول إلى بر الأمان، وبإدارته أيضاً للأزمة التي نجمت عن إعلان الرئيس الحريري استقالته من الخارج، والاتصالات التي أجراها والتي ستثمر عودة قريبة لرئيس الحكومة».
وشدّد على «الوقوف خلف الرئيس عون وفق الشعار الذي رفعه لجهة تغليب المصلحة الوطنية على ما عداها، وعلى ألا يكون لبنان ممراً لاستهداف الأشقاء العرب، لا سيما الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمها السعودية، والتعاطي مع الأزمة الحالية وفق ممارسة أقصى درجات الحكمة والوعي لتجنيب البلاد العودة إلى الوراء».
وتحدث رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، الذي أشاد بـ«مواقف الرئيس عون الرافضة للظلم»، وأكد «الوقوف خلف المؤسسات الدستورية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية»، ودعا إلى «عقد اجتماعي برعاية الرئيس عون بين أرباب العمل والعمال، من أجل تحقيق الإصلاح الذي لا قيامة للبنان من دونه».
وبعد إشادة لرئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت محمد شقير بما يقوم به رئيس الجمهورية وما يتخذه من مواقف من أجل لبنان، تلا رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز شارل عربيد بعض بنود الوثيقة الصادرة عن الاجتماع.
ورد الرئيس عون مرحباً بالوفد، مشيراً إلى أنه «يأمل عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان خلال أيام، وأن تكون هذه الأزمة قد شارفت على الانتهاء». وقال: «إنّ من يتمتع بالحق والمنطق والإقدام فلن يخسر، وهذا ما حصل في الفترة الأخيرة»، مشدداً على أنّ «الوفد يمثل ازدهار الوطن الذي يتأتى من الإنتاج، ويعتمد على أعضاء الوفد في هذا المجال».
وأكد رئيس الجمهورية أن الدولة «وفرت الأمن والعدالة وظروفاً مالية ستظهر قريباً لجذب الاستثمارات، وفق الخطة التي وضعناها، وما تحقق خلال هذه السنة لا يعتبر إنجازاً بل نجاحنا في التغلب على العقد التي كانت تؤخر تنفيذها هو الإنجاز، وسنستأنف قريباً العمل بعد التوقف القسري الذي فرضته الأزمة الأخيرة، كما سنعمل لكسب الثقة الدولية من خلال تخفيف العجز بنسبة جيدة حتى إعادة التوازن إلى الموازنة بما يوقف الاستدانة، وهذا يحتاج إلى بعض الوقت لكننا نسير وفق هذا المسار».