مساعد وزير الخزانة الأميركي في بعبدا، ما علاقة حزب الله؟
روزانا رمّال
مع التصعيد الأمني والاستراتيجي وتماشياً مع كل من خطة وزارتي الخارجية الأميركية والدفاع التي أعلن عنها وزير الدفاع دافيد ماتيس منذ أيام، فإن التوجه نحو خيارات جديدة لمواجهة أعداء الأمس واليوم »إيران« وحلفائها في المنطقة تتوالى ومسألة فرض عقوبات على حزب الله، وكل مَنْ يتبين أن له علاقة مستمرة بهذا الحزب تمويلاً أو دعماً إنتاجياً واقتصادياً. هذا الأمر استدعى خطوات أساسية من الجانب اللبناني كان لرئيس مجلس النواب نبيه بري دور بارز فيها كرئيس مجلس النواب »الشيعي« الحليف لحزب الله، لكن الذي يُعتبر مصدراً موثوقاً بالنسبة للأميركيين الذين اعتادوا على التعاطي معه بوضوح وبصراحة. وقد عبّر بري لأكثر من وفد عن الشراكة الموجودة بين حركة أمل وحزب الله ووعد ببذل جهود في سبيل إظهار »سوء« الحساب الأميركي بهذا الإطار، لأن الشيعة هم نسيج أساسي من المواطنين اللبنانيين ولا يمكن معاقبة كل الناس بحجة مواجهة حزب الله. خطوة أخرى استدعي اتخاذها لحفظ الثقة أميركياً بالقطاع المصرفي اللبناني، وبالرغم من اعتراض بعض اللبنانيين التمديد لحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة. وهذا كله تُضاف اليه زيارات وزير المالية علي حسن خليل ووفود مرافقة الى واشنطن أكثر من مرة لبحث هذه المسألة وتخفيف وطأة العقوبات السياسية اساساً عن كاهل اللبنانيين.
الملف مستمر، لكن بوجه آخر وقد عبّر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب له منذ أيام أن عنوان العقوبات الاقتصادية صار بنافذة أخرى تعمداً الى تصنيف حزب الله منظمة »إجرامية«. وقد شرع السيد نصرالله للتفريق بين منظمة »إجرامية« ومنظمة »إرهابية«. وبهذا الإطار تحدث عن تهم جديدة منها غسيل الأموال والاتجار بالمخدرات نسبت إلى حزب الله. ولفت إلى أن هناك أموراً محرمة شرعاً. وهذا يكفي لقطع الشك باليقين لجهة التكليف الشرعي الذي يتأيد به عناصر حزب الله بالكامل في مثل هذه المسائل، لكن الأهم والذي يدل على جدية الخيار الأميركي للمواجهة هو أن أمين عام حزب الله كشف أنه لا يوجد اي مؤسسات تجارية تابعة لحزب الله مباشرة، وأن هذا الأمر ليس سوى من نسج خيال بعض المؤمنين بهذه الهجمة الأميركية. وهذا إن دلّ على شيء فهو على حرص نصرالله أن لا يتم التهويل وتركيب ملفات تحمل افتراءات لا تتصل بالواقع. وهذا بطبيعة الحال كله مرد تطور أساسي جاء من واشنطن بعدما أعلنت وزارة العدل الأميركية عن إنشاء فريق خاص للتحقيق في تمويل أنشطة حزب الله المتعلقة بالاتجار بالمخدرات. وقالت الوزارة في بيان »إن الفريق سيكون مكلفاً التحقيق حول الأفراد والشبكات التي تقدّم دعماً لحزب الله وملاحقتهم، وإنه سيضمّ متخصصين في مسائل تبييض الأموال وتهريب المخدرات والإرهاب والجريمة المنظمة«.
وتعقيباً على شرح جيف سيشنز مبادرة أطلق عليها وزير العدل الأميركي اسم »كاساندرا«، قال إن »وزارة العدل لن توفر جهداً من أجل تبديد كل ما يهدد مواطنينا من قبل منظمات إرهابية وكبح أزمة المخدرات المدمرة«، مضيفاً أن »الفريق سيقوم بملاحقات تحدّ من تدفق الأموال إلى منظمات إرهابية أجنبية وتعطل أيضاً عمليات تهريب المخدرات الدولية التي تنطوي على عنف«. وأوضح أن الفريق »سيبدأ عبر تقييم الأدلة في التحقيقات الجارية بما يشمل حالات واردة ضمن مبادرة »كاساندرا« القانونية التي تستهدف أنشطة حزب الله في الاتجار بالمخدرات وعمليات مرتبطة بها..
وعلى خط متابعة الملف الذي تبدو الإدارة الأميركية تنشط في تحفيزه تماشياً مع سلسلة خطوات تصعيدية في المنطقة، حسب مصدر متابع لـ »البناء« »يشكل عقوبة لكل الذين كان لهم اليد الطولى في القضاء على داعش وهو مشروعها الأساسي في المنطقة وإفشاله جاءت زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية الى بيروت التي باشرها بزيارة الى قصر بعبدا في محاولة للاستماع الى الرئيس عون وموقفه من التعاون بشأن هذا الملف. وهو يدرك تماماً حساسية الموقف لدى عون الذي يعتبر حليفاً أساسياً لحزب الله«.
وكان مساعد وزير الخزانة الأميركي قد أطلع الرئيس عون، على مغزى زيارته الى لبنان منوّهاً بالتعاون الذي تلقاه وزارة الخزانة الاميركية من مصرف لبنان، والسلطات المالية اللبنانية، كما اكد التزام بلاده دعم الاقتصاد اللبناني ودعم الجيش الذي اعتبر أن دوره اساسي في المحافظة على الاستقرار في لبنان.
اللقاء الهام حضره في قصر بعبدا كل من وزيري المالية والعدل علي حسن خليل وسليم جريصاتي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، ومدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير. اما عن الجانب الاميركي فقد رافقت السيد مارشال بيلينغسليا »مساعد وزير الخزانة« السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيث ريتشارد وعدد من مستشاريه ومعاونيه والموفد الأميركي سيستكمل زيارته غداً ليلتقي بعدد من المسؤولين اللبنانيين.
وفي التفاصيل أبلغ الرئيس عون الوفد أن »لبنان يشارك بفعالية في الجهود العالمية الهادفة الى مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، من خلال مصرفه المركزي والسلطات المالية المختصة، وذلك وفق المعايير والقوانين الدولية المعتمدة في محاولة من عون لوضع الأمور في نصابها القانوني وأن شيئاً ما لا يتم بدون اطلاع هذه الجهات فلا نشاط لحزب الله او غير حزب الله من تلك التي يوحي اليها الوفد، بالتالي فإن الموقف العام سمعه الأميركيون بشكل واضح.