هل يتجه التيار للتصويت لبري رئيساً لمجلس النواب؟
روزانا رمّال
رجّحت مصادر رفيعة لـ «البناء» أن يتوجّه التيار الوطني الحر للتصويت في الجلسة النيابية المخصصة لانتخاب رئيس لمجلس النواب اللبناني بعد إتمام الاستحقاق الانتخابي وبعد انقطاع لتسع سنوات نحو جلسة «تاريخية» مشابهة بدقتها وتوقيتها السياسي الإقليمي لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون وقد لا تخلو من «مفاجآت» إيجابية مثل أن يصوّت التيار الوطني الحر للرئيس نبيه بري مرشح أغلب القوى السياسية الرئيسية لرئاسة مجلس النواب، معتبرة أن الأجواء المحيطة باللقاء الذي جمع الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري في قصر بعبدا منذ يومين أكثر من إيجابية، بل يمكن البناء عليها للمرحلة المقبلة وهي تخطت مسألة انتخاب رئيس مجلس نواب الى ما بعد ذلك من عراقيل قد تحيط تشكيل الحكومة اللبنانية. وتختم المصادر «تكفّل هذا اللقاء الودي بتنفيس الكثير من اجواء الاحتقان التي طغت على اجواء كل من حركة امل والتيار الوطني الحر وقاعدتيهما الشعبيتين. وفي ذلك رسالة انفتاح على ما يبدو أراد الرئيس بري توجيهها الى التيار الوطني باعتباره جزءاً اساسياً مما اسماه «المجتمع»، ويقصد المجتمع السياسي اللبناني، وبما ان نتائج الانتخابات قد ظهرت ولا يمكن تجاهلها من قبل اي طرف من الاطراف ولم تعُد تصلح تبريرات الأحجام ووضع الشروط». وأضافت المصادر «بالتأكيد سيحوز على مركز نائب رئيس مجلس النواب النائب إيلي الفرزلي وقد تلقى الرئيس عون انفتاح بري على تسمية مَن يقترحه التيار بهذا الإطار لكونه حصد أعلى عدد من المقاعد المسيحية على هذا المنصب، مَن يراه «مناسباً» من النواب المنتخبين. وهذا الموقف قوبل بترحيب كبير في اوساط التيار أيضاً، خصوصاً أنه كان من المتوقع بعد الخطابات الانفعالية أن تبدأ التحديات والعقبات منذ اللحظة الأولى لما بعد نتائج الانتخابات، إلا أن ذلك لم يحصل.. ربما نكون أمام بادرة خير بنيات ورغبة من الطرفين الثلاثاء وما بعد الثلاثاء».
هذا التطور الإيجابي يضع أسئلة أساسية حول تسهيل تشكيل الحكومة، وتؤكد أن القوى الأساسية في البلاد ترغب بولادتها بأسرع وقت ممكن ولا يمكن اعتبار أي تطوّر بين حركة أمل والتيار الوطني الحر تطوّراً غير محسوب الأبعاد من الطرفان اللذين يدركان ان ذلك سيشكل ارضية نحو وضع تصميم او خطة لإدارة البلاد في المرحلة المقبلة، لكن اذا كان هناك من مؤشرات او انفراجات ربما تعتبر أكثر تقبلاً من بري لأي حلحلة في العقد المستجدة، وهو ما يعلنه الرئيس سعد الحريري من نية تغيير وتطوير سلوكه السياسي الذي ربما قد يطال مواقفه الرئيسية التي تؤثر في رؤيته للشراكة في البلاد، خصوصاً مع التيار الوطني الحر وبعد استقالة نادر الحريري الأكثر قرباً للوزير جبران باسيل، تبدأ مؤشرات أكثر ارتياحاً عند حركة امل التي قد تجد بذلك إمكانية النظر اليها من قبل تيار المستقبل بواقعية أكثر بعيداً عن الثنائية التي كان بري قد وصفها بما يشبه «ثنائية رياض الصلح وبشارة الخوري». وهذا توصيف خطير مفاده حصر القوة النافذة بالقرار السياسي بالبلاد بالقوة السنية والقوة المسيحية.
صحيح أن تيار المستقبل والتيار الوطني الحر رفضا هذا التعبير حينها، ولم يبديا أي ارتباط بين تعزيز العلاقة بينهما وبين عودة الى هواجس تاريخية إلا أن هذا لا يعني أن لا يتحسّس بري من هذا، خصوصاً أنه عمل عبر الحكومة وعبر الكثير من التعيينات من إرسال رسائل مباشرة لباسيل والحريري معاً عن استحالة أن يمرّر بري أياً من الملفات بدون مراجعة موقفه العميق المبني على وجهة نظر تقوم على «الشراكة» والمحافظة على التوزانات.
بدون شك ستؤسس جلسة مجلس النواب الى ما يوحي بإمكانية تقدير شكل المرحلة المقبلة في لبنان والاحتكام السياسي لبري الذي يشكل صمام أمان الندوة البرلمانية سيكون أساس النظر الى تركيبة الحكومة اللبنانية وسير عملها، لكن الأهم ان الحكومة التي ستولد وتسمّى «حكومة العهد» ستسعى منذ البداية الى إنجاحها وعدم وضع العصي بوجه مشاريع صارت أكثر من ملحة بالنسبة للبنانيين الذين عايشوا خلافات حكومية كثيرة كان بطلاها التيار الوطني الحر وحركة امل. وبالتالي فإن التقدم خطوة الى أمام باتجاه تقارب ما بين الطرفين سيشكل نجاحاً للعهد وحكومة العهد المنشودة وفي ذلك مصلحة الطرفين.
مساعي حزب الله المؤكدة بهذا الاطار، وحسب المصادر واسعة ويمكن أن تكون عاملاً كبيراً باتجاه وضع النقاط على الحروف ايضاً لوقوف الطرفين عند هواجس بعضهما في المرحلة المقبلة، والحزب الذي بدأ هذه المساعي منذ فترة وضع نصب عينه كأولوية تحرير الحلفاء من العقد التي حالت دون تقارب يصبّ في مصلحة اللبنانيين بكل الاتجاهات. وعليه يبقى ان ينتظر الافرقاء نهار الثلاثاء الذي سيحمل مفاجآت ايجابية كما هو متوقع للبناء على الشيء مقتضاه، إضافة الى ان الجلسة تلك ستحمل مؤشرات التكتلات التي ستتصدّر المشهد بشكلها النهائي ربّما وتنتهي التأويلات بخصوص العديد من الامور الملتبسة التي أفرزتها الانتخابات باتجاه بري بشكل خاص.