أيها الصهاينة: عقيدتنا في قلوبنا وأسلتحكم بأيديكم ستسقط أسلحتكم وتنتصر عقيدتنا
اياد موصللي
عندما أعيد في كتاباتي بعض الفقرات التاريخية من الصراع في فلسطين فما ذلك إلا لتذكير من نسي بأنّ هذه المسألة المعروفة باسم القضية الفلسطينية هي قضية كلّ الأمة، ولأنّ فلسطين هي لأبنائها الذين آمنوا بأنّ الدماء التي تجري في عروقهم هي ملك أمتهم متى طلبتها وجدتها، ولن يدنس هذه الدماء دخيل أو مغتصب متسلل.
عندما أعلن وعد بلفور في 2 تشرين الثاني 1917 وثبت هذا الوعد في مؤتمر سان ريمو عام 1920 ووافقت عليه عصبة الأمم في 6 أيلول عام 1922، منذ ذلك التاريخ التهبت أرض فلسطين واشتعلت بالغضب والاحتجاج واندلعت الثورات في الأعوام 1928، 1929، 1933، 1936 ولم تكن كلّ المقاومة فلسطينية كيانية، بل كانت ثورات قومية اشتركت فيها الأمة كلها من مختلف أقطارها وقِطاعاتها وبالأخصّ من الشام ولبنان والأردن، فالمسألة الفلسطينية منذ نشأتها إلى يومنا هذا هي قضية قومية ولن يعزلها فرد أو مجموعة عن انتمائها القومي الأصيل.
رفضت الأمة كلها تقرير لجنة اللورد بيل الذي صدر في تموز 1936 الذي اقترح تقسيم فلسطين إلى دولتين، فلسطينية ويهودية. ورفضت أيضاً ما دُعي باسم «الكتاب الأبيض» الشهير ثم جاء قرار الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 ويقضي بتقسيم فلسطين، وإعطاء اليهود 55 من أرضها وتدويل القدس والشعب الذي يرفض أن يتنازل عن شبر من وطنه لن يرضى بأن يختزل وطنه كله في قسم من الأرض…
وقد حدّد الزعيم هذا الموقف في المحاضرة الثالثة كجزء أساس في مبادئ الحزب.
لذلك لا يعترف الحزب السوري القومي الاجتماعي لأية شخصية او هيئة غير سورية بحق التكلم باسم المصالح السورية في المسائل الداخلية أو الدولية أو في إدخال المصالح السورية في مصالح غير الأمة السورية لأنّ القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كلّ الاستقلال عن اية قضية أخرى.
فلسطين أضاعها تدخل الأعراب والغرباء فيها، وقد أشرنا في مقال سابق إلى تفاصيل هذا التدخل الذي ساهم في بيع فلسطين وتشريد أهلها، تدخل لا تزال آثاره السلبية تتفاعل الى اليوم، وتحاول السعودية إتمامها، ولن يحفظ الحق القومي ويعيده لا المؤتمرات الدينية او الدولية، بل الإرادة القومية، ولهذا قال الزعيم في خطاب أول آذار 1938:
«ما أقوله في صدد لبنان والشام أقوله في صدد فلسطين، فالسياسيون الكلاسيكيون هناك لم يتمكّنوا من إيجاد أيّ دفاع مجد يصدّ الخطر اليهودي، لأنّ أساليبهم لا تزال من النوع العتيق المسيطر فيه الصفة الاعتباطية والأنانية والمغرّرة للشعب.
انّ الخطر اليهودي لا ينحصر في فلسطين، بل يتناول لبنان والشام والعراق ايضاً، لا لن يكتفي اليهود بالاستيلاء على فلسطين، فلسطين لا تكفي لإسكان ملايين اليهود. الذين أثاروا عليهم الأمم النازلين في أوطانها وهم منذ اليوم يقولون: «الحمد الله». اننا أصبحنا نقدر أن نمارس الرياضة الشتوية في أرض «إسرائيل» ويعني التزحلق على الثلج في لبنان، فليدرك اللبنانيون ما هي الأخطار التي تهدّد الشعب اللبناني.
وكرّر التحذير في عام 1947 إذ قال: «لعلكم ستسمعون من سيقول لكم انّ إنقاذ فلسطين، أمر لا دخل للبنان فيه. انّ إنقاذ فلسطين أمر لبناني في الصميم كما هو أمر فلسطيني في الصميم كما هو أمر شامي في الصميم، انّ الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على سورية كلها. كلمتي اليكم هي العودة إلى ساحة الجهاد».
عندما نسمع ما يقوله ولي العهد السعودي وسواه من حكام المشيخات والإمارات نعرف كيف ضاعت فلسطين، وعندما نسمع ما يقوله ويفعله أبناؤها وأهلها في وطننا نتأكد انّ فلسطين ستبقى وستعود كما هي مراحل التاريخ… الذين تدخلوا من الأعراب تدخلوا سماسرة وعملاء، ولنعد لما سبق ان قاله أمير قطر الشيخ سلمان بن خليفة: «نريد أن نضع حداً وننتهي من هذه القضية صدام حسين حامل فلسطين وشاغلنا فيها علينا ان ننتهي منه ومن هذه القضية.. كفى»!!
أما الموقف السعودي فقد صرّح ولي العهد محمد بن سليمان بـ»أنّ المملكة وإسرائيل تواجهان عدوا مشتركاً».
هذا العدو المشترك بنظره هو إيران التي أصبحت مصدر خوف ورعب لـ»إسرائيل».. والمثل يقول عدو عدوي صديقي.. فيما لم يحدث بين إيران زمن الشاه الحليف لـ»إسرائيل» والسعودية ما يحدث اليوم. فما الذي تغيّر؟ زال الشاه حليف «إسرائيل» وجاء حكم معاد لها.
وقال محمد بن سليمان، حول «مدى توافق مصالح السعودية مع مصالح إسرائيل»: «يبدو انّ لدينا عدواً مشتركاً، ويبدو انّ لدينا العديد من الأوجه المحتملة للتعاون الاقتصادي.
وقد جرى في السنتين الماضيتين تقارب ملموس بينهما لا سيما على خلفية مواقفهما المتطابقة حول التهديد النابع من إيران، التي تعتبر بنظرهم أكبر دولة داعمة للإرهاب في الشرق الإوسط!! فمحاربة «إسرائيل» هي إرهاب!
والسعودية مستمرة حسب تصريحات كبار المسؤولين في المملكة، بالإصرار على ضرورة التوصل الى سلام بين «الاسرائيليين» والفلسطينيين قبل بدء ايّ مفاوضات حول اقامة العلاقات بين السعودية و»إسرائيل». وهذا الذي يجري أهمّ وأفعل من علاقات دبلوماسية بروتوكولية اوَلسيت العقوبات التي تفرضها السعودية على المقاومة وحزب الله هي امتداد للقرارات الأميركية والاسرائيلية؟ وإلا ماذا فعل حزب الله للسعودية إلا كونه حليف إيران ضدّ «إسرائيل».. أوَليس كلّ هذا يعني علاقات وتعاون وتنسيق مع إسرائيل.. لماذا لم تفرض عقوبات على «إسرائيل» التي دمّرت غزة وقتلت وجرحت الآلاف من أبنائها.
قال سعاده: لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.
انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب.
مؤتمرات وخطابات ومقرّرات لا تعّبر عن حقيقة هذه المسألة ولا عن أفكار وإيمان أهلها الذين هم وحدهم لهم الحق فيها وهم يقرّرون مصيرهم ومصيرها.
وقد أثبتت مواقفهم حقيقة انتمائهم لأمة أبت ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة.
في لوحة رائعة عرضت فيها صُور لتظاهرة فلسطينية في ذكرى النكبة وهي تعكس الموقف الحقيقي لابناء البلاد تجاه العدو الغاصب.
اعيد عرضها كما وردت تظاهرة جرت في فلسطين بتاريخ 18/5/2018 أحد المتظاهرين خاطب جنود الصهاينة بهذه الكلمات:
قضيتي ضدّكم: «سترون ما يحدث لكم، يوماً ما ستقول لنفسك ليتني لم أولد في إسرائيل ليتني لم أهاجر إلى إسرائيل». اسأل نفسك، أتحداكم جميعاً إذا كان هنا ايّ واحد منكم ولد جدّه في إسرائيل فسأمنحه منزلي». ولكن ذلك غير صحيح راجعوا أنفسكم جيداً. 66 سنة هذه هي حالتكم.
تذركروا الرومان وبريطانيا كانوا يحتلون ثلثي العالم اين هي بريطانيا الآن واين هم الرومان؟ والآن إسرائيل تريدون احتلال فلسطين؟ مستحيل ان يكون لكم ذلك وتلك أغنية قديمة.
الفطرة الإنسانية ترفض الاحتلال كيف ونحن نغذي أطفالنا بحليب كيفية الرفض للاحتلال ولا تستطيعون الوقوف أمام العالم الكلّ ينعتكم بالقتلة للأطفال والمحتلين لدولة أخرى.
ومع ذلك أنتم فخورون عندما ترسلون أولادكم بالأسلحة وتمنعوننا منها. نحن أتيناكم في تظاهرة سلمية لنقول لكم بأنّ السلاح لن يجدي معنا أبداً. لدينا عقيدة في قلوبنا ولديكم مسدسات في أيديكم.ويوماً ما ستلقون أسلحتكم ولن نترك نحن العقيدة من صدورنا أبداً ما حيينا. ذلك ما عليكم ان تعرفونه جيداً وسنظلّ نناضل هكذا الى الأبد.
ونعود لما قاله الزعيم: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به، وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الامة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.
يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. وإذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».
انني أسأل هل ما قاله ولي العهد السعودي أو أمير قطر أو ملك البحرين الذي استقبل وفداً صهيونياً للبحث في التطبيع بين البحرين و»إسرائيل» وإعلان ملك البحرين عن إنشاء مركز للتعايش السلمي.. يعبّر عن روح الانتماء لهذه الأرض أم ما قاله الشاب الفلسطيني في وقفة العز.. أمام سلاح مشهر في وجهه لهذا الشاب وأمثاله قال سعاده: «ما أشدّ اعتزازي بكم…»
حتى جلسات مجلس الأمن والهيئات الدولية لم نسمع خلالها كلمة ثائرة معترضة محتجة ضدّ التصرفات والإجراءات الاسرائيلية والجرائم التي ترتكبها. لم نسمع من الممثل السعودي أو سواه أمثال مندوب المغرب المسارع للتطبيع. لم نسمع منهم مثل الذي سمعناه من وزير الخارجية اللبناني الذي عبّر عن الموقف الوطني والقومي الصحيح.
الحقيقة نعرفها وكشفناها منذ زمن بعيد أنّ هؤلاء الأعراب كما قال عنهم القرآن الكريم: «أشدّ كفراً ونفاقاً»…
نقف بإجلال واحترام أمام أقوى كلمة قيلت في مجلس الأمن في جلسته الأخيرة كلمة لاتينية أقوى من جميع الكلمات العربية والأجنبية قالها مندوب بوليفيا.
مندوب بوليفيا في مجلس الأمن يقرأ أسماء شهداء مجزرة غزة ويقول لـ»إسرائيل»: أنتم تقتلون الأطفال والنساء.
مندوب بوليفيا في مجلس الأمن الدولي يخاطب الفلسطينيين: أيها الفلسطينيون، نحن آسفون لأننا سمحنا لقوة إحتلال غاشمة بقتلكم بدم بارد، نحن آسفون لأننا فشلنا في إعادة خمسة ملايين فلسطيني إلى أرضهم السليبة.
نحن آسفون أيضاً لأنّ دولة عظمى هي أميركا تحمي بقوة السلاح وضعف هذا المجلس الجزار الذي يقتلكم.
أيها الفلسطينيون نحن آسفون لأننا نتقاسم معكم هذا الكوكب الظالم ونرضى بظلمكم ولا نستطيع حتى إدانة الأعمال الهمجية التي ترتكب ضدّكم لأنّ هذه الدولة العظمى التي نجتمع على أرضها ستستخدم حق النقض الفيتو للمرة الألف حماية للمجرمين.
نحن حقا آسفون أيها الفلسطينيون، سامحونا حتى يسامحنا الرب على خذلاننا.
شكراً بوليفيا !وبئس ما فعلت يا باراغواي بافتتاحك سفارةً في القدس متحديةً مشاعر أهلها وقومها.
وأقول لهؤلاء الأعراب ما قاله فيهم جبران خليل جبران: ويل لأمة تنصرف عن الدين إلى المذهب، وعن الحقل إلى الزقاق، وعن الحكمة الى المنطق.
ويل لأمة تكره الضيم في منامها وتخنع إليه في يقظتها. ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا سارت وراء النعش ولا تفاخر الا إذا وقفت في المقبرة ولا تتمرّد إلا وعنقها بين السيف والنطع.
ويل لأمة سياستها ثعلبه وفلسفتها شعوذة أما صناعتها ففي الترقيع.
ويل لأمة تقابل كلّ فاتح بالتطبيل والتَرمير ثم تشيّعه بالفحيح والصفير لتقابل فاتحاً آخر بالتزميز والتطبيل.
ويل لأمة عاقلها أبكم وقويّها أعمى ومحتالها ثرثار.
ويل لأمة كلّ قبيلة فيها أمة».
وتبقى أمتنا شعارها نحن أمة أبت ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة.