سرّ الاستهداف الممنهج للحشد؟
د. مصطفى حكمت
ما ان لاحت تباشير الانتصار على الإرهاب في العراق بفضل قوات محلية لا تتبع في قرارها ولا تأخذ أوامرها من واشنطن، حتى لجأت المخابرات التي أنشأت داعش إلى الخطة البديلة الرامية لتحطيم هذه القوات وإفشالها وشيطنتها رغم شرعنتها حكومياً بقانون هيئة الحشد الشعبي التي تتبع لرئيس الحكومة العراقية بشكل مباشر.
ففي كلّ يوم نرى اتهاماً هنا وتضليلاً هناك من حيث يعلم البعض او لا يعلم، وللأسف يتمّ التطبيل له إعلامياً من قنوات تدّعي الوطنية وعدم الارتماء في أحضان البترودولار الخليجي الأميركي، وبالرغم من التهدئة التي حصلت بين تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي بعد الضجة التي حصلت على خلفية ادّعاء قناة «الفرات» التابعة للحكيم بأنّ أحد أفراد العصائب قد قتل صاحب مطعم شهير في وسط بغداد، وهو ما تمّ نفيه رسمياً من قبل وزارة الداخلية العراقية التي أعلنت في بيان القاءها القبض على القاتل، وأكدت عدم انتمائه لأيّ جهة سياسية، وهنا يتساءل مراقبون هل كان الاستهداف الممنهج الذي مارسته «الفرات» على عصائب اهل الحق كتائب حزب الله سابقاً هو من دواعي الصدفة او الخلاف السياسي الطبيعي؟ ام انه مشروع ممنهج لضرب الفصائل المقاومة تباعاً من قنوات تدّعي انتماءها إلى هذه البيئة أصلاً؟
معالم استهداف الحشد تصدّى لها بعض القادة في اجتماع بمنزل الشيخ قيس الخزعلي كان أبرزهم هادي العامري وهمام حمودي وابو مهدي المهندس وسامي المسعودي واحمد الأسدي وابو جهاد الهاشمي، وخرجوا ببيان لدراسة تداعيات مشاريع الاستهداف الممنهج للحشد الشعبي وفصائله ورموزه التي تقوم بها جهة سياسية معروفة تمتلك فضائية وجيوشاً الكترونية بحسب وصفهم، حيث طالب المجتمعون هذه الجهة والمقصود بها تيار الحكمة بالتوقف عن هذه السياسة فوراً والحذر من الفتن والأضرار التي يمكن ان تلحق بوضع البلد على المستويات الأمنية والمجتمعية، وأشار البيان الى انّ المجتمعين أكدوا انّ الحشد الشعبي سيبقى صمّام الأمان والمدافع عن الوطن والشعب والمقدّسات ولن تستطيع المحاولات المكشوفة النيل من هذا الكيان المقدس.
معلومات استخباراتية أكدت وجود مئات المواقع الالكترونية التي تدار من داخل العراق وخارجه مرتبطة كلياً بمؤسسة اعتدال في السعودية لتسقيط الحشد الشعبي وتشويه صورة فصائل المقاومة العراقية وإلصاق التهم بها وإظهارها كمجموعة عصابات خارجة عن القانون لنزع شرعيتها وإفراغها من محتواها والقضاء عليها باعتبارها المقاوم الأول والأوحد للمشروع الأميركي في العراق، والذي يسعى للسيطرة على الحدود العراقية السورية بالكامل تمهيداً لقطع التواصل البري الممتدّ من طهران الى فلسطين المحتلة مروراً ببغداد ودمشق وبيروت.
هنا نرى التحركات العسكرية الأميركية في العراق على طول الشريط الحدودي العراقي السوري، وتلويح الإدارة الاميركية بإقامة قواعد أميركية أو على الأقلّ نقاط تواجد على طول الشريط الحدودي لقطع التواصل البري واستمرار المناورة بعصابات داعش على طرفي الحدود بين العراق وسورية، وهو ما لا يمكن التخلي عنه من جميع أطراف محور المقاومة حتى ان تمّ اللجوء للقوة لجهة إجبار القوات الأميركية على ترك مناطق الشرق السوري والغرب العراقي وذلك لإفشال جميع مخططاته في هذه المنطقة خصوصاً لأهمية هذا التواصل اقتصادياً وسياسياً فضلاً عن أهميته الاستراتيجية عسكرياً لجهة السيطرة على الحدود وإنهاء الإرهاب كلياً…
خلاصة القول… إنّ ما حدث بين العصائب والحكمة لم يكن عابراً بل هو حلقة من مسلسل طويل يرمي لتوهين انتصار العراق وإبعاده عن محور المقاومة ودخوله في حقل التطبيع العربي مع «إسرائيل» بدليل إشارات الأخيرة بحذف العراق من بين الدول المعادية للكيان الصهيوني، وكأنّ العراق يلهث نحوهم! ولكنها أضغاث أحلام، فالعراق بجيشه وحشده ومقاومته لن يكون خنجراً في ظهر المقاومة مهما تكالب عليه الأعداء، وانّ ما قبل داعش ليس كما بعده، فالحشد أسقطهم عسكرياً وها هو يتجه لإسقاطهم إعلامياً وسياسياً واجتماعياً…