اليوم ندخلها بسلام آمنين بفضل شهداء النصر المبين
عادل حاموش
«ادخلوها بسلام امنين» تستقبلك هذه العبارة لدى دخولك الى مشارف قرية السيدة زينب في ريف دمشق، هذه المنطقة التي كانت محجة ومقصداً لعموم المواطنين السوريين والعرب على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والفكرية قبل الحرب الكونية على سورية.
ومع تطوّر الأحداث على الساحة السورية واتخاذ الطابع العسكري فيها في محاولة لما سُمّي حينها بـ»المعارضة المسلحة» منذ مطلع العام 2012 كانت منطقة السيدة زينب ومقامها محط أنظار القوى التكفيرية ومحاولات للوصول إلى محيط المقام والقيام بأعمال تخريبية في محاولة لزعزعة الأوضاع وإحداث فتنة طائفية تصل تردداتها إلى أبعد من الحدود السورية، ولكن كلّ ما فكروا به لم يتحقق، وذلك بفضل صمود أبناء المنطقة وحمايتهم للمنطقة دعماً للجيش السوري، وبعدها التلاحم مع المقاومة حتى تحققت وحدة الدم ذوداً عن كرامة الأمة.
منذ أوائل العام 2013 تسارعت الأحداث وكبر الطوق الذي تشكله القوى التكفيرية حول المنطقة بحيث أصبحت منعزلة ومحاصرة من مختلف الجهات وبقي منفذ الدخول اليها عبر الجسر الثالث في طريق دمشق الدولي، فكانت بلدات بيت سحم وعقربا والديابية ويلدا وبابيلا قرى التماس مع منطقة السيدة زينب والحجيرة خط التماس الأقرب الى المقام بحيث لم يكن يبعد أكثر من 200 متر عما يعرف بدوار الحجيرة عن المدخل الغربي لمقام السيدة زينب لناحية فندق السفير ترافقت مع رسائل تهديد من هذه القوى بتدمير المقام.
عمليات عسكرية و«كر» و«فر» وسيطرة وانسحابات تكتيكية وتسللات خلف خطوط العدو أثمرت عن إبعاد المسلحين عن أرض الحرم واندحارهم الى مناطق بعيدة نسبياً عن أرض المقام، مع استمرار استهداف المنطقة بالقذائف والعمليات الانغماسية وأبرزها كان في دوار الحجيرة الذي عرف في ما بعد بدوار الشهداء الذين كانوا خط التصدي لأيّ عمل فتنوي، فاستقرّت الأحوال الى حين قرار تحرير الغوطتين فكان الاندحار الأخير لهذه المجموعات في حزيران 2018 إلى الشمال السوري وتحديداً الى ريف حلب الغربي وإدلب.
سنوات عجاف من العام 2012 حتى الأمس القريب تحوّلت فيه المنطقة الى منطقة أشباح تكاد تختفي فيها أيّ حركة، حتى حركة الزوار للعتبة المقدّسة، ولكن بفضل دماء من دافع واستشهد دفاعاً عن هذه البقعة عادت الأمور الى حال أفضل وسقطت كلّ الفتن المذهبية التي خطط لها… ويسجل اليوم ازدياد في عدد الزوار للمنطقة والمقام وانتعاش للمنطقة. فما بين الأمس واليوم وبما تمثله جبل الصبر السيدة زينب من قيم وإيمان عادت الحياة بشكل شبه طبيعي الى المنطقة على أمل الاستمرار بمسيرة النهوض في هذه المنطقة.
فحقاً ندخلها بسلام آمنين بفضل دماء الطاهرين الذين أسقطوا كلّ محاولات الفتنة، وندخلها بسلام آمنين بيقين أننا نسير الى النصر المبين.