ظريف يخطف الأضواء في بيروت.. ويعود بمقاطعة لبنان لمؤتمر وارسو جلسات الثقة تبدأ اليوم.. وبري: نحتاج قراراً شجاعاً للإفادة من مساعدة إيران

كتب المحرّر السياسيّ

تقلصت الحركة العسكرية الإسرائيلية الاستعراضية على الجبهة السورية من الغارات الجوية قرب دمشق ومطارها، التي باتت تهديداً بالانزلاق إلى مواجهة تخرج عن السيطرة، نحو قذائف قرب حدود الجولان في أماكن مهجورة، عشية الاستعداد الإسرائيلي لزيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، في ظل تصريحات روسية واضحة تحدّثت عن أن الاهتمام الروسي بأمن «إسرائيل» لا يجد أي مبرر أو عذر لمواصلة «إسرائيل» للغارات التي تستهدف سورية، بينما تستقبل سوتشي غداً لقاء القمة الذي يجمع الرئيس الروسي برئيسي إيران وتركيا، حيث مهّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في أنقرة للمباحثات التي ستدور حول الوضع في إدلب، ترجمة لتفاهمات سابقة بين الرؤساء فلاديمير بوتين وحسن روحاني ورجب أردوغان، بأولوية إنهاء وضع جبهة النصرة، وفشلت التعهدات والمهل التي طلبتها تركيا لتحقيق هذا الهدف ببلوغ نهايات إيجابية، ما يجعل قمة سوتشي حاسمة في إطلاق عملية عسكرية تؤيدها روسيا وإيران، وتسعى تركيا للالتفاف عليها مجدداً بالحديث عن فك وتركيب في جبهة النصرة يتيحان تحويلها قوة سياسية مقبولة، وهو ما ترفضه دمشق وطهران وموسكو بقوة وتعتبرانه نوعاً من أنواع تبييض الإرهاب.

في بيروت خطفت زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الأضواء، برمزيات عديدة تجمّعت فيها كأول زيارة خارجية على هذا المستوى بعد تشكيل الحكومة، ولكون الزيارة للوزير الإيراني الزائر تقع تحت أعين العالم الذي يتابع خطوات الوزير ظريف المعتبر في عيون الدبلوماسيات الغربية واحداً من أساتذة اللعبة الدبلوماسية بعد فوزه بمفاوضات التفاهم النووي قبل سنوات، ولأن الزيارة تتمّ ضمن برنامج احتفالي إيراني ضخم في الذكرى الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، يتيح استحضارها من بيروت كمنصة إعلامية إقليمية وعالمية الإضاءة على المناسبة بتزامن موعد الزيارة مع حفل الاستقبال الذي أقامته السفارة الإيرانية بالمناسبة وشارك ظريف بحضوره متحدثاً أمام حشود سياسية ودبلوماسية وإعلامية وشعبية يصعب أن يشهد مثلها أي احتفال مشابه.

بسلاسة تحدّث ظريف عن دعم لبنان ومقاومته، وعن استعداد حكومته لتقديم كل ما يلزم لبنان في المجالات الدفاعية والإنمائية، وجال على الرؤساء مهنئاً موزعاً الابتسامات، مؤكداً وقوف إيران مع لبنان ونهوضه، وخرج بقطاف ثمين تمثل بإعلان وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل مقاطعة لبنان مؤتمر وارسو الذي دعت إليه واشنطن للحشد بوجه إيران. وللبنان حجته الواضحة، أن إسرائيل مشاركة في المؤتمر، وأن لبنان يتبع سياسة الناي بالنفس عن الصراعات الإقليمية ومحاورها.

الأهم في التعليقات على عروض الوزير الإيراني، كان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري عشية جلسات الثقة التي يعقدها المجلس لمناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة، حيث قال بري إن الإفادة من الدعم الإيراني الذي لن يرتّب فوائد على لبنان، يحتاج قرارات شجاعة داعياً للبحث عن الإفادة من صيغ مشابهة خارج العقوبات الأميركية، كحال الآلية الأوروبية المالية، أو التعاون الهندي مع إيران في مجالات عديدة.

زيارة ظريف حققت أهدافها…

خطفت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى لبنان الأضواء وشغلت الساحة الداخلية، إذ تزامنت وذكرى الأربعين للثورة الإسلامية في إيران، كما تزامنت مع الاحتفال الوطني الإيراني الذي أقامته السفارة الإيرانية في بيروت في المناسبة، حيث كان يوماً إيرانياً بامتياز.

ففي حين تنقل الوزير الإيراني بين المقار الرئاسية ووزارة الخارجية، حيث التقى الرؤساء الثلاثة وأجرى محادثات وصفت بالهامة مع وزير الخارجية جبران باسيل، غصّت قاعة الاحتفالات في فندق فينيسيا في بيروت بحشود غفيرة من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والوزارية والنيابية والحزبية والحركات الوطنية والقومية وممثلي التنظيمات الفلسطينية في لبنان، حضره رئيس الدبلوماسية الإيرانية الى جانب السفير الإيراني في بيروت السيد محمد جلال فيروزنيا.

ويُعدّ احتفال السفارة الإيرانية أمس، أكبر حشد ممكن أن تشهده سفارات أخرى في أعيادها الوطنية بما فيها السفارة الأميركية وسفارات دول الخليج ما يُعتبر تحوّلاً في موازين القوى الداخلية لمصلحة الحضور الإيراني.

واكتسبت زيارة المسؤول الإيراني أهمية كبيرة لكونها الزيارة الأولى لمسؤول خارجي الى لبنان بعد تأليف الحكومة الجديدة ما يحمل رسالة سياسية واضحة تكرّس الدور الإيراني وحضوره في لبنان واستعدادها للمساعدة في كافة المجالات كما صرح ظريف خلال جولته، كما أنها جاءت عقب اعلان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن استعداد إيران لمساعدة لبنان في موضوع تسليح الجيش وحل أزمات الكهرباء والنقل والصحة وغيرها، وفي المعلومات أن ظريف عرض على المسؤولين اللبنانيين التعاون مع الحكومة في كل القطاعات وعلى كافة الصعد.

وقد نجح ظريف بتحقيق أهداف الزيارة الثلاثة:

– التأكيد على انتصار محور المقاومة في جناحه اللبناني لا سيما في مسيرته السياسية، بدءاً من انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية الى الانتخابات النيابية التي أنتجت مجلساً نيابياً من 73 نائباً لا يعارضون السياسة الإيرانية وصولاً الى تأليف حكومة تتضمّن 18 وزيراً لا يعارضون المصالح الإيرانية.

– التأكيد على موقف لبنان الرافض للمشاركة في مؤتمر وارسو الذي يستهدف إيران، وقد كانت لافتة إشارة الوزير باسيل بتأكيده لضيفه بأنّ لبنان سيغيب عن المؤتمر بسبب حضور «إسرائيل»، ولأنه يتبع سياسة النأي بالنفس»، ما يؤكد بأنّ السياسة الخارجية اللبنانية لن تكون معارضة للمصالح الإيرانية.

– قدّم ظريف عروض المساعدة على الحكومة بشكل رسمي، وتشير مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أنّ «الحكومة ستجد نفسها مجبرة في نهاية المطاف على قبول المساعدات الإيرانية تحت ضغط الواقع الصعب الذي يعاني منه البلد، فإذا كان التعاون العسكري يجد ممانعة من فريق رئيس الحكومة، فلماذا يتمّ رفض المساعدات على صعيد تطوير البنى التحتية؟ لافتة الى أننا مقبلون على معركة حاسمة في مجلس الوزراء في هذا الموضوع، فإما أن يقبل المعارضون المساعدة الإيرانية وإلا فليأتوا بالبديل…

وقد نالت أزمة النازحين السوريين جانباً هاماً من المحادثات، حيث أكد ظريف أنّ لبلاده دوراً في تسريع الحلّ السياسي في سورية ما يساهم في عودة النازحين.

وتأتي زيارة ظريف في إطار جولة يقوم بها الى المنطقة في ظلّ سعي واشنطن الى تضييق الخناق على طهران عبر المؤتمر الذي دعت اليه في بولندا الشهر الحالي، كما تزامنت الزيارة مع وجود الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيظ، ومن المتوقع أن يصل اليوم المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا.

وقد ربطت مصادر سياسية لـ«البناء» بين توقيت زيارة العلولا وبين زيارة ظريف، حيث سارعت السعودية الى إيفاد ممثل لها الى لبنان لكي لا تبقى الساحة خالية للحركة الإيرانية، وقد كان رئيس الحكومة حذراً في لقائه مع ضيفه الذي اقتصر على البروتوكول، وعلمت «البناء» أنّ اللقاء لم يكن ودياً ولم يكن جافاً بل كان طبيعياً، لكن أوساط الرئيس الحريري تشير الى أنه لا يرى أنّ الظروف مناسبة لقبول مساعدات عسكرية إيرانية أما مساعدات على صعد أخرى فتبحث في مجلس الوزراء في أوانها.

وبدأ ظريف لقاءاته من بعبدا مع رئيس الجمهورية الذي أعرب عن امتنانه «للدعم الذي يلقاه لبنان من إيران في المجالات كافة، انطلاقًا من علاقة الصداقة التي تجمع بين البلدين». كما ابلغ عون ظريف ان «مسألة النازحين السوريين في لبنان تحتاج الى معالجة تأخذ في الاعتبار ضرورة عودتهم الآمنة الى المناطق السورية المستقرة، لا سيما وان تداعيات هذا النزوح كانت كبيرة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في لبنان»، معتبراً أن «لإيران دورًا في المساعدة على تحقيق هذه العودة».

وكان ظريف نقل إلى الرئيس عون رسالة شفهية من نظيره الإيراني، ضمنها تحياته وتمنياته له بالتوفيق في قيادة مسيرة لبنان»، مجددًا الدعوة التي كان وجهها اليه لزيارة إيران.

وأشاد ظريف بـ«العلاقات اللبنانية – الإيرانية التي تصبّ في مصلحة البلدين والشعبين»، منوّهاً بـ«حكمة عون التي أدت الى تشكيل حكومة جديدة».

ثم انتقل وزير الخارجية الإيراني الى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأكد ان إيران «لديها الاستعداد الدائم والكامل للتعاون مع الجمهورية اللبنانية الشقيقة في كل المجالات الحيوية والمتاحة».

كما، زار ظريف الحريري في السراي الحكومي، يرافقه السفير الإيراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا، بحضور الوزيرين السابقين غطاس الخوري وباسم السبع، وعرض معه الأوضاع العامة المحلية والإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وخلال اللقاء، نقل ظريف تهنئة الرئيس الإيراني بتشكيل الحكومة اللبنانية، معرباً عن تمنيات إيران بنجاحها في برنامجها للنهوض، وعن استعداد بلاده لمساعدة لبنان في المجالات التي تحددها الحكومة اللبنانية. بدوره، شكر الحريري وزير الخارجية الإيراني. كما جرت خلال اللقاء جولة أفق في أوضاع المنطقة، لا سيما ما يتعلق بقضية النزوح السوري، والسبل الآيلة لتحقيق عودة آمنة وكريمة للنازحين في لبنان.

وكان الزائر الإيراني التقى باسيل الذي أكد على «أننا متفقون معه على وجوب التسريع بالحل السياسي لسورية، ومسار أستانة»، مشدداً على ان «ما يهم لبنان هو الاستقرار لتهيئة الأجواء لعودة النازحين»، رافضاً «سياسة إبقاء النازحين رهائن للحل السياسي في سورية».

من جانبه، اعلن ظريف أننا «على أتم الاستعداد للتجاوب مع طلب الحكومة اللبنانية لنتعاون معها في أي مجال حيوي تراه مناسباً».

ثم زار ظريف والوفد المرافق السيد نصر الله بحضور فيروزنيا، حيث تم استعراض آخر التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. وقد أكد ظريف بحسب بيان للحزب «موقف الجمهورية الإسلامية الثابت إلى جانب لبنان دولة وشعباً ومقاومة، واستعدادها لتقديم كل أشكال المساعدة والتعاون في مختلف الملفات المطروحة. وشكر السيد نصرالله ظريف ومن خلاله قيادة الجمهورية الإسلامية في إيران ومسؤوليها وشعبها على جميع ما قدمته للبنان وفلسطين وحركات المقاومة وشعوب المنطقة في مواجهة العدوان الصهيوني والإرهاب التكفيري، هذه المساندة التي أدّت إلى صنع الانتصارات في أكثر من ساحة وميدان، متمنياً أن تواصل الجمهورية الإسلامية دعمها واهتمامها بالرغم من كل المؤامرات والضغوط التي تتعرّض لها بسبب ذلك.

وكان ظريف أكد في كلمة له في احتفال السفارة الإيرانية «أن الارادة الوطنية اللبنانية التي عبرت عن نفسها من خلال المقاومة اللبنانية الشريفة والبطلة والباسلة، إنما تعبر أيضاً كعنوان اساسي وكبير متشابه الى حد كبير لمبادئ وقيم الثورة الإسلامية المباركة في إيران».

وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي أن «لبنان مستقل بقراراته وأي دولة تريد مساعدة لبنان نعتقد بأن الحكومة اللبنانية ستكون مستعدة لأن تكون إيجابية معها لحل مشاكل الشعب»، موضحاً «أن إيران كانت السباقة في هذا المجال لذلك نقول لإيران شكراً، خصوصاً أن هذه المساعدات بدون شرط او مقابل».

وفي حديث لـ «البناء» أكد قماطي أن «الثورة في إيران ازدادت قوة وأصبحت دولة لها مؤسسات أمنية وعسكرية وعلمية حضارية وصحية واقتصادية وشبكة متطورة من الطرقات والنقل والبناء وغيرها»، لافتاً الى أن «الدولة الإيرانية اصبحت اكثر مكانة على المستوين الاقليمي والدولي وصمدت في وجه كل المؤامرات التي حاولوا أن يضربوا الثورة من خلالها لكنهم فشلوا فحاولوا أن يظهروا إسلاماً جديداً اسود ظلامياً لكي يعطوا الصورة البشعة عن الإسلام ولكن انتصرت إيران بصورتها المشرقة وبإسلامها الراقي الحضاري الذي يمثله الامام الخميني».

ودعا قماطي «كافة شعوب وحكومات المنطقة والعالم لأن يستفيدوا من هذه الدولة القوية التي تعمل بالعدل وتمد يدها للجميع لتتعاون معهم في سبيل تطوير مجتمعاتهم وإنقاذ الإنسانية من براثن الوحشية والاستكبار».

بري: نحتاج قراراً سياسياً جريئاً

وأكد الرئيس بري أنه بإمكان إيران مساعدة لبنان في كل ما يحتاجه وفي كل المجالات، معتبراً أن «الإقدام على قبول هذه المساعدات يتطلب قراراً سياسياً جريئاً، خصوصاً ان هذه المساعدات لن تُراكم كغيرها فوائد»، ولفت الى أن «هناك آلية قانونية لا عقوبات عليها لهذه المساعدات وهي التي تُعتمد بين إيران والاتحاد الأوروبي ودول اخرى مثل الهند وغيرها».

كما نفى بري ان يكون تجنب ابو الغيط بسبب إدانته لحرق العلم الليبي ويقول ان السبب فعلاً هو ضيق الوقت، «والا لكان رد عليه في حينه». وأشار بري الى انه بسبب ضيق الوقت سيستقبل الموفد الملكي السعودي نزار العلولا في مجلس النواب على هامش جلسة الثقة.

وفي غضون ذلك، تنطلق اليوم الجلسة الأولى من جلسات الثقة التي دعا اليها رئيس المجلس لمنح الحكومة الثقة، وأشار بري الى أن «رئيس الحكومة تمنى عليه ان يطلب الى الكتل أن يتحدث باسمها نائب واحد للاستعجال بنيل الثقة والبدء بالعمل، مشيراً الى أنه كرئيس لمجلس النواب «لا يمكنني ان أقول لنائب بألا يتحدث، وقال: «أكثر من 60 نائباً طلبوا الكلام حتى الآن وأتوقع أن تمتد الجلسة حتى يوم الجمعة».

وعن قانون العفو، أشار بري أمام زوّاره الى ان الرئيس الحريري يريد إقراره من اجل معالجة ملف الإسلاميين، لافتاً الى «أننا نريده لمعالجة ملف المطلوبين بمذكرات توقيف في بعلبك الهرمل، وهذا القانون يجب تحصينه بإقرار قانون آخر هو بتشريع زراعة الحشيشة للأغراض الطبية، لتوفير فرص عمل لهؤلاء الشباب كي لا نخرجهم من باب ونعيدهم من باب آخر الى ارتكاب الأفعال الجرمية».

وقال بري: «سأتعامل مع الحكومة على القطعة أي إنني أؤيدها عندما تحسن وأعارضها عند الخطأ».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى