يا معالي وزير العمل : العمالة الفلسطينية هذا حجمها…

بهيج حمدان

أحدث قرار وزير العمل كميل أبو سليمان بشأن مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية ردوداً غاضبة من الفلسطينيين داخل المخيمات، وكان أشبه بحجر أُلقي في المستنقع الدهري لعذابات الشعب الفلسطيني وما زال. وتوصلت النقاشات بين وزير العمل والجانب الفلسطيني في الساعات الماضية إلى مخارج لا تصيب الفلسطينيين بلقمة عيشهم، تحت سقف القانون. ولسنا معنيّين هنا بالتفاصيل. وعلى سبيل الاتعاظ نذكر أنه في العام 1986 شهدت بيروت وخاصة شارع الحمرا انتشاراً واسعاً لعربات بيع الخضار من قبل فلسطينيين وغيرهم لم يتركوا مساحة إلا وشغلوها، فضجّ أصحاب المحلات والمقاهي وكثير من الناس، فتحرك من بقي من الدولة لاستعادة الهيبة وفرض القانون، فعقد اجتماع لقوى عسكرية وأمنية لمعالجة الأمر، وكان الاتجاه الغالب إلى تطبيق القانون ومنع هذه العربات من التواجد. فانبرى يومها أحد ضباط الجيش وكان برتبة رائد وحذر المجتمعين من الوقوع بما هو أشدّ من خطر هذه العربات وقال لهم: هل تعلمون انه سيحلّ مكان كلّ عربة تصادرونها «كلاشنكوف» لأنّ صاحب العربة اتخذ منها وسيلة لكسب عيشه وعيش أطفاله وليس له وسيلة أخرى للكسب، وهو محاط بكلّ الممنوعات التي تلعن «أفطاسه» وتضيّق عليه عيشه وأنفاسه، وانتظروا منه ان يتحوّل إلى مجرم، أو الارتماء في أحضان العصابات المسلحة، أو أن يشتغل لحسابه في كلّ الممنوعات التي هي أشدّ خطراً من عربة تبيع الفاكهة والخضار. وقبل ما يزيد عن ألف وأربعماية سنة قال الإمام علي: «لو تمثّل لي الفقر رجلاً لقتلته»، واقتنع المجتمعون وقتها وعالجوا الموضوع بالتي هي أحسن .

وليس أحد أقدر من اللبنانيين على تدوير الزوايا واستيلاد التوصيفات المتشابهة والحلول، ولا حلول بل تسكين أوجاع وتأجيل وتسويف، وكما قال الشاعر:

دع المقادير تجري في أعنّتها

ولا تبيتنّ إلا خالي البالِ

هذه الواقعة نضعها برسم وزير العمل مع تأكيد الحرص على تنفيذ القانون ولكن مع الاستحباب لمراعاة ظروف العامل الفلسطيني، والتماس بعض العدل وليس كله، ولا ذنب لهذا العامل بصفقة القرن ولا بآثارها السلبية ولا بورشة الصهر كوشنر الفاشلة في البحرين لتصفية القضية، ولا بالخوازيق التي ينجّرها ترامب لمن لا يدفع ولا يسمع الكلمة… وأقصى ما يريده العامل الفلسطيني هو كسب قوت يومه وشراء دواء يحتاجه مريض.

هذه هي القضية يا معالي الوزير… وهذا حجمها لا أكثر ولا أقلّ.

صحافي لبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى