ورد وشوك
بعضهم بصمت المتجـــاهل المتخـــفّي وراء اللامـــبالاة وعدم الاهتمام تعوّد متابعة نجاحات الآخر بتأفّف واستياء، بحثاً عن إيجــاد سقـــطة أو زلّة، لتكون لدائهم الدواء.
ناسين أو متناسين أن دوام الحال من المحال، وأن لكل جواد كبوة ولو امتطاه أعظم الفرسان.
مسألة أزلية هي ظلم الإنسان للإنسان مذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا، مع اختلاف الدواعي والأسباب وحتى من قبل وجود الرسل والرسالات المنزّلة من عالي السموات. ولنا في التاريخ الإنساني وفي مختلف مجالات الحياة حالات ظلم تُروى عنها حكايات. ابتداءً من قابيل وهابيل وصولاً إلى ما نشهده اليوم في كل بقاع المعمورة من دون استثناء.
شرّ، حسد، غدر، تملّق وخيانة جملة من الموبقات تتصارع داخل النفس البشرية لو استحكمت في ضمير المرء لكان الظلم بعينه لنفسه وللآخرين.
يحضرني هنا ما ورد في كتاب ستيفن كوفي «العادة الثامنة» من مقارنة بين عقليتين متناقضتين تتنازعان بني البشر: «عقلية الندرة» و«عقلية الوفرة».
فمن اعتنق عقلية الندرة كان نجاح الآخر تهديداً له وكأن الحياة على رحابتها هي مجرّد فرصة واحدة ذهبت إلى غيره ليلفّه اليأس والإحبـــاط فيعتاد الظلم في الحياة.
بينما من اتخذ مبدأ الوفـــرة منهـــاجاً له يوقـــن أن في الحياة فرصاً متاحة للجميع، والرزق مقسوم أكيد.
ولكل مجتـــهد منها نصــيب. فينصرف إلى التركيز على المتاح والموجود بين يديه يستثمره بنضج وواقعية وأمانة، فيظهر له المفقود.
عندئذ يسعى بجدّ لإيجاده. ففي العمل متعة يستمدّ منها الطمأنينة ولو اعترضه إخفاق اعتبره للنجاح حافزاً. إنها قسوة الحياة تتطلب منّا الصبر على الصعاب والهنات لتحقيق الذات وترك بصمتنا التي نتميز بها عن كافة البصمات.
قالوا: علا الناس إلا أنت
قلت: كذاك يسفل في الميزان من رجحا…
رشا المارديني