… فلتكن الدولة مقاومة

جهاد ذبيان

كعادته دائماً… تجلّى سيّد المقاومة سماحة السيّد حسن نصرالله في خطابه يوم الثلاثاء الفائت في ختام مسيرة العاشر من محرّم في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقد غطّى السيّد في خطابه كلّ المواضيع والملفات المطروحة في لبنان والعالم العربي والمنطقة، وكانت له كما دائماً مواقف واضحة وصلبة من كلّ هذه الملفات والقضايا.

طبعاً لا يُتيح المجال هنا تناول كلّ تفاصيل الخطاب، لكن حديث السيد عن الوضع اللبناني الداخلي كان لافتاً جداً، خصوصاً حين دعا المعنيّين إلى أن يأخذوا العبرة من المقاومة ونجاحاتها وإنجازاتها، وأن يعملوا لكي تصبح الدولة مثل المقاومة تحظى بثقة الناس وتجعلهم يشعرون بالرضى والفخر والعزة والكرامة.

على أنّ الناس تثق بالمقاومة ليس فقط لأنها حققت الإنجازات والانتصارات المشهودة، بل أولاً وقبل كلّ شيء لأنّ المقاومة وسيّدها ومجاهديها يتمتعون بأعلى نسبة من الصدق والمصداقية والشفافية في كلّ شيء، وهل هناك أصدق من الذي يقدّم دماءه وروحه وفلذات أكباده من أجل الوطن والأرض والكرامة والعزّة…؟

أما الدولة بمسؤوليها وإداراتها ومؤسساتها فلم تقدّم للناس منذ زمن بعيد أيّ إشارة على أنها جديرة بالثقة، بل العكس هو الصحيح حيث تعجّ سيرة دولتنا «العلية» بالصفقات والسمسرات والعمولات والرشاوى… وبأسماء مسؤولين كبار وصغار ممّن وصلت أرقام حساباتهم وأرصدتهم إلى الفلك…!

وإذا كان الإنصاف يقتضي منّا عدم التعميم في هذا المجال، حيث مرّ بعض قليل من المسؤولين الذين ظلّت كفوفهم نظيفة وسيرتهم عطرة، وأبرزهم الرئيسان العماد إميل لحود والدكتور سليم الحص، فإنّ طبيعة النظام القائم على المحسوبية والحمايات المذهبية والطائفية تحول دون تحقيق الإصلاح الجذري المطلوب.

لذلك كان الرئيس العماد ميشال عون على حق تماماً حين سمّى كتلته النيابية عام 2005 «كتلة التغيير والإصلاح» واضعاً التغييير قبل الإصلاح، لأنه يعرف تماماً أنّ المطلوب هو تغيير الذهنية أولاً ثمّ تغيير الأنظمة والعادات السيئة المتبعة في التعاطي مع إدارات الدولة ومؤسساتها، ليأتي بعد ذلك دور عملية الإصلاح الشاملة بعدما يكون التغيير قد أخذ مساره ومداه.

كذلك دعا السيد نصرالله الدولة إلى الاستفادة من قدرات المقاومة وقوّتها وتكاملها مع الدولة في إطار معادلة الثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، وهي معادلة الانتصارات، لكي تكون في موقع القوة خلال سعيها لحماية حقوق لبنان وأرضه وثرواته من النفط والغاز والمياه…

وقد لاقاه إلى ذلك الرئيس عون الذي أبلغ بالأمس مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر أنّ «لبنان يأمل في أن تستأنف الولايات المتحدة الأميركية وساطتها للتوصل الى ترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب من حيث توقفت مع السفير ديفيد ساترفيلد، لا سيما أنّ نقاطاً عدة تمّ الاتفاق عليها ولم يبق سوى القليل من النقاط العالقة في بنود التفاوض»، مضيفاً بكلّ وضوح وحزم أنّ «أيّ تصعيد من قبل العدو الإسرائيلي سيؤدّي إلى إسقاط حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة الحدودية منذ حرب تموز 2006».

هذا هو بالضبط ما نقول إنه التكامل بين الدولة والمقاومة، وهذا ما ندعو إليه بأن تصبح الدولة مقاومة على كلّ المستويات، سواء في مواجهة العدو على الحدود، أو في مواجهة الفساد والفاسدين والمفسدين في الداخل.

وكما قلنا ونقول دائماً… فإنّ ثقتنا مطلقة بفخامة الرئيس العماد ميشال عون وسماحة السيد حسن نصرالله، ونقف خلفهما في مسيرة المقاومة المظفّرة وفي مسيرة التغيير والإصلاح في الدولة، من أجل مستقبل زاهر ومشرق لأجيالنا الطالعة.

رئيس تيار صرخة وطن

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى