قالت له

قالت له: أعلم كم باعد بيننا الزمن وكم جرت من مياه في نهر الحب العظيم، لكنني أعلم أنك لا تزال الأغلى على قلبي وأتوق للحظة عناق بمشاعر الأمس لا بمشاعر اليوم فمشاعر اليوم تأتي من العقل باردة ومشاعر الأمس تأتي من القلب بحرارة متدفقة.

قال لها: دائماً مشاعري من القلب لكن قرار التحكّم من العقل منعاً للانزلاق إلى المجهول المعلوم لأن استعادة لحظات الحرارة ليست في الجسد بل في القلب وفي النهاية سيكون ما هو كائن فخير أن نبقى فيه من استعادة لحظة يعقبها الألم.

قالت: أواثق أنت أن ما بيننا لا يملك فرصاً جديدة؟

قال: نحن لم نختلف كي نناقش الخلاف بل نحن مختلفان في الطريق الذي يسلكه كل منّا نحو هدف مختلف بما يشبه سيراً لوجهة يدير كل منّا فيها ظهره للآخر وكلما مرّ وقت صرنا أبعد في فرص التلاقي لكن أحدنا يسمع الآخر ويراه ويهتمّ لأمره ويحمل له في الذاكرة أجمل اللحظات فلم نفسد هذا الجمال بمحاولات مستحيلة ستضيف إلى الذاكرة مشاحنات تريد بالقوة أن تجعل طريقنا واحداً وتنتهي بالاستحالة أو لحظات عاطفة مشحونة صامتة تنتهي بالألم؟

قالت: هل هذا يعني أنك ترى طريقي خاطئاً؟

قال لها: ليس في الطريق خطأ وصواب. فالطريق هو الإنسان إنه الطريق وحسب.

قالت: والحب؟

قال: تلاقي طريقين في تقاطع يضمّ موقف قطار وبائع كتب قديمة سيمضي أحدنا عندما يحضر قطاره أو يجد الكتاب الذي يبحث عنه من سنين وإن فات القطار أو تاه البحث عن الكتاب سيأتي الندم ودائماً علينا تفضيل اختيار الألم على الندم.

قالت: والحب؟

قال: يبقى ذاكرة مضيئة تستحضر الحبيب مبتسماً وتعانقه.

قالت: أتحبّني؟

قال: طبعاً طبعاً.

قالت: عانقني خير من معانقة الذاكرة.

تعانقا ومضيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى