أردوغان وحده… وإدانات عربية ودولية… وترقب إيراني روسي… وجهوزيّة سوريّة سباق الموازنة والمادة 95 وقانون الانتخاب… ولبنان يدين و«القومي يدعو لمواجهة الغزو التركي
كتب المحرّر السياسيّ
مهما حاول الأميركيون العودة لصياغة قرار الانسحاب من سورية بمفردات جديدة، فإن انسحابهم من المناطق الحدودية يعني فقدانهم العنوان الكردي من جهة، والموقع المبادر في تقرير وجهة أحداث المنطقة التي كانوا يديرونها وباتت مفتوحة على احتمالات ليست تحت السيطرة. ورغم أن العنوان الراهن هو هجوم تركي عسكري على مناطق السيطرة الكردية، فإن الوقائع الميدانية تقول إن الجيش التركي يكتفي بالإسناد الناري من خلف الحدود، ويدفع الجماعات السورية التابعة له، لمحاولة اقتحام مناطق السيطرة الكردية التي غادرها الأميركيون. فبدا المشهد له عنوان مختلف. فالفريقان السوريّان الأهم بالمقدرات العسكرية والحماية الإقليمية والدولية، اللذان شقا عصا الطاعة على الدولة السورية ومارسا الاستقواء بدول أجنبية، وحمل كل منهما مشروعه الخاص لتقسيم سورية، ونهب ثرواتها وخصوصاً النفط، لبناء إمارات مافيوية، ها هما يتقاتلان ويدمّران بعضهما بعضاً، تلاحقهما لعنة التخلّي عن الوطن. الأول ليكون تابعاً ذليلاً للتركي والآخر ليكون تابعاً ذليلاً للأميركي. وها هما يدفعان الثمن، لكن للأسف يدفع معهم السوريون المدنيون فاتورة مغامراتهم، ولا تزال وحدة وسيادة سورية في دائرة الخطر بفعل عبثيّة مشاريع هؤلاء وارتباطاتهم، لكن الدولة السورية وحدها تملك وصفة الحسم، في توقيتها المناسب بعدما تنكشف كل الأوراق.
المعارك العنيفة في البلدات الحدودية لم تخلق واقعاً عسكرياً جديداً، ما يعني أن على الجيش التركي عدم الاعتماد على ميليشيات العملاء للحسم، وعليه الزجّ بوحدات جيشه بالآلاف لتحقيق تقدّم، وتحمّل تبعات ذلك بسقوط قتلى وجرحى بالعشرات وربما بالمئات. وبالمقابل مواجهة عزلة سياسية إقليمية ودولية عبرت عن نفسها بسلسلة مواقف صدرت من كل العواصم الدولية والإقليمية للتنديد بالغزو التركي للأراضي السورية، من موسكو وطهران إلى واشنطن والعواصم الأوروبية. وكان لافتاً موقف مصر والجامعة العربية لجهة الاعتراف بالعجز عن التصرف تجاه التهديد التركي بسبب تعليق عضوية سورية في الجامعة، كما قال الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي، بينما قالت الخارجية المصرية كلاماً شديد اللهجة في التنديد بالغزو التركي والتضامن بتعابير حارة مع الموقف السوري، ما فتح الباب لتساؤلات عن وجود مبادرة مصرية جديدة تفتح الباب للبحث السياسي المباشر بين القاهرة ودمشق، تحت شعار مواجهة خطر التهديد التركي الذي تضعه القاهرة في مرتبة الخطر الأول على الأمن القومي العربي.
الترقب الروسي الإيراني يأتي بخلفية وضع تركيا أمام امتحان وجودها في مسار أستانة وإثبات عدم تعريضها وحدة وسيادة سورية للخطر، خصوصاً أن الرئيسين الروسي فلايديمير بوتين والإيراني حسن روحاني سبق وأكدا مراراً، أن الضمان لأمن تركيا عبر الحدود يؤمنه إمساك الدولة السورية بكامل الجغرافيا السورية والعودة لأحكام اتفاقية أضنة، بينما دمشق تستعدّ لمواجهة كل الاحتمالات، بالدخول على خط التصدّي العسكري للغزو التركي إذا قام الأكراد بتسليم مناطق سيطرتهم للدولة السورية، والانفتاح على ما سيفعله القادة الأكراد رغم مرارة التجارب السابقة معهم، وسماع ما ينقله الروس والإيرانيون عن الموقف التركي جواباً على الأسئلة التي وجهتها لهم موسكو وطهران.
لبنانياً، متابعة لسباق إنجاز الموازنة، وملاقاة البحث في قانون انتخاب جديد تجري مناقشته في اللجان النيابية المشتركة، والمادة 95 التي تحلّ لتفسيرها ضيفاً على الهيئة العامة لمجلس النواب وفقاً لمضمون رسالة رئيس الجمهورية. والعنوانان الأخيران يربكان مناقشة الموازنة بسبب المناخات الطائفية التي تتم عبرها مقاربة قانون الانتخاب والمادة 95، ما فتح الباب للبحث عن مخارج تسحب الموضوعين بالتوازي من التداول إفساحاً في المجال لتقدم الموازنة خطوة إلى الأمام تمهيداً لإقرارها في موعدها الدستوري، من دون أن يحجب ذلك تداعيات المشهد السوري في ظلال الغزو التركي على لبنان، حيث نشطت الاتصالات التي انتهت بصدور بيان رسمي بإدانة الغزو التركي، بينما أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً تناول فيه خلفيات وتاريخ الموقف التركي العدواني والداعم للإرهاب، والمحكوم بخلفيات أطماع استعمارية، داعياً إلى مواجهة شعبية شاملة لهذا الغزو بمثل ما تمّت مقاومة العدوان الصهيوني.
دان الحزب السوري القومي الاجتماعي العدوان التركي على سورية واعتبره استكمالاً للحرب الإرهابية الكونية التي شكلت تركيا رأس حربة فيها من خلال توفير كلّ أشكال الدعم والرعاية للمجموعات الإرهابية.
ورأى الحزب القومي في بيان له أنّ هذا العدوان التركي الغاشم يعبّر عن أطماع تركيا في بلادنا ومحاولاتها لاستعادة هيمنتها الاستعمارية وممارسة كلّ أشكال الظلم والإرهاب بحق شعبنا، وهو النهج الذي مارسته على مدى أربعة قرون من الاحتلال لأرضنا.
كما اعتبر أنّ العدوان التركي قد تمّ بضوء أخضر أميركي وبالتنسيق مع العدو الصهيوني، وهو يرمي إلى إقامة ما تُسمّى منطقة آمنة تشكل نطاقاً لتجميع الإرهابيين في مختلف مسمّياتهم، لتشكل هذه المنطقة تهديداً لسورية والمنطقة برمّتها.
وحمّل نظام أردوغان الإرهابي مسؤولية دفع الأوضاع نحو التصعيد، والذي ستكون له تداعيات كارثية على استقرار الإقليم برمّته. كما حمّل المجموعات الانفصالية التي انخرطت في المشروع الأميركي وشكّلت أداة له، مسؤولية لأنها تآمرت على وحدة سورية ووضعت كلّ أوراقها في سلة أميركا التي تقود الحروب ضدّ المنطقة لمصلحة إسرائيل .
ودعا الحزب كلّ أبناء شعبنا إلى هذه المواجهة ضدّ الخطر التركي لأنها لا تقلّ شأناً عن المواجهة مع العدو الصهيوني.
من جهتها، دانت وزارة الخارجية اللبنانية العدوان التركي، معتبرة في بيان أنه «عدوان على دولة عربية شقيقة واحتلال لأرض سورية وتعريض أهلها للقتل والتهجير و النزوح» . ودعت «الخارجية»، القيادة التركية إلى إعادة النظر بقرارها، وحثتها على العمل مع الدول المعنية لإعادة الاستقرار في سورية وتطبيق القرارات الدولية مع التشديد على وحدة الشعب والأرض السورية.
في غضون ذلك، بقيت زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى دولة الإمارات محل اهتمام محلي وترقب لنتائجها على الاقتصاد اللبناني وبدأت النتائج تظهر بقرار الإمارات رفع الحظر على سفر مواطنيها الى لبنان وتُرجم ببدء توافد عدد كبير من الإماراتيين الى بيروت والمرشح للتزايد بحسب وزارة السياحة، فيما كثُرت التساؤلات عن شكل وآليات الدعم المالي الإماراتي الذي بشر به الحريري، حيث أكدت مصادر حكومية أن الدعم سيكون على شكل استثمار في لبنان. وأوضحت المصادر أن «رئيس الحكومة عرض للإماراتيين الإجراءات التي يتخذها المصرف المركزي والإماراتيين سيوظفون اموالاً استثمارية».
وأكّد وزير الدفاع الياس بو صعب ، في تصريح تلفزيوني، أن «القرارات بين لبنان والإمارات لا نعرفها»، ولفت إلى أنه «لا يجب أن نستخفّ بالساعات التي جمعت محمد بن زايد والحريري»، موضحًا أنه «لا يوجد بيان رسمي حول وديعة إماراتية للبنان».
واعتبر أن «هناك أشخاصًا يقومون بطبخ الأخبار في المطبخ الأسود لخلق شرخ بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري».
وعن جمعية الصداقة الإماراتية، رأى بوصعب أنه «مع رفع حظر سفر الإماراتيين الى لبنان سيكون للجمعية دور فعّال».
وإذ انحسرت موجات الاعتراض الشعبي في الشارع وتراجعت حدة الأزمات لا سيما الدولار والمحروقات، ارتفع منسوب التفاؤل والآمال بانفراج اقتصادي كبير عبر عنه الحريري ولاقاه بذلك رئيس الجمهورية الذي أكدت مصادره لـ»البناء» أننا «نتجه الى معالجة حقيقية للأزمات المالية والاقتصادية. والانفراج آتٍ لا محال بالتعاون بين الرؤساء الثلاثة. واجتماعات اللجان في السرايا خير دليل ولن تنفع كل محاولات الضغط الاقتصادي والمالي على لبنان»، مؤكدة أن «الازمات الأخيرة مفتعلة لاستهداف الاقتصاد اللبناني والعهد ورئيس الجمهورية ودك التسوية الرئاسية لإبعاد الحريري عن عون وبالتالي فرط البلد». وأشارت معلومات في هذا السياق، الى أن «قضية الدولار مفتعلة مع وجود طلب عليه»، مشيرة الى أن هناك سلسلة إجراءات ستُقام لحماية النقد.
وكانت السرايا الحكومية شهدت سلسلة اجتماعات ولقاءات ابرزها اجتماع لجنة مناقشة الإصلاحات الاقتصادية ولجنة الكهرباء، فيما تستكمل الحكومة مناقشة الموازنة خلال اليومين المقبلين في السرايا بعد أن يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة عادية في بعبدا. وبحسب المعلومات فإن مشروع موازنة 2020 لم يعد يحتاج لأكثر من جلستين لإقراره وإحالته الى المجلس النيابي». وأشارت المعلومات الى «أهمية الموازنة لانتاج حد أدنى من الاصلاحات»، لافتةً الى أن «خريطة بعبدا يجب أن تسير بالتوازي مع الموازنة».
وبحسب مصادر «البناء» فإن لقاء الحريري – باسيل الأخير سهل الاتفاق على انجاز الموازنة عبر تضمينها ما يتفق عليه من إصلاحات وإرسال إصلاحات أخرى الى المجلس النيابي كمشاريع قوانين. وربطت مصادر بين أموال «سيدر» وإقرار موازنة وإصلاحات أبرزها في الكهرباء مثل تلزيمها بحسب الشروط.
وكان الحريري ترأس اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة مناقشة دفتر شروط الكهرباء. وأكّد وزير المال علي حسن خليل بعد الاجتماع أنه «تقريبًا أنهينا خطة الكهرباء من ضمن الموازنة ورئيس الحكومة سيجري سلسلة اتصالات لحسم تفصيل متبقٍّ في دفتر الشروط».
على صعيد آخر، أكد رئيس المجلس نبيه بري في لقاء الأربعاء «أهمية اقتراح قانون الانتخابات الذي قدمته الكتلة وتناقشه اللجان المشتركة». واعتبر ان «الاقتراح كامل متكامل وقابل للنقاش بكل محتوياته وأن الجهة الوحيدة التي تستطيع ردّه هي الهيئة العامة». ورأى «أن القانون الحالي هو ميني ارثوذكسي. ونعيش تردداته السلبية». واعتبر «أن الطائفية هي سم النظام وحاميته في آن».