الجيش ماض في تحصين إنجازاته: إحباط محاولة هروب المولوي من عين الحلوة
يوسف المصري
كان متوقعاً بحسب مصادر أمنية أن تقدم «جبهة النصرة» على إعدام العسكري علي البزال، نظراً لكون مسلحوها في القلمون بدأوا يعانون حالة من الإحباط المتعاظم كنتيجة لانتكاسة خلاياها في حرب طرابلس، بالإضافة لاقتناعهم بأنه لا حل في الأفق لمسألة تأمين ملاذ آمن لهم من البرد الذي بدأ يزحف على الجرود المتحصنين فيها.
وتنفي هذه المصادر بالمطلق أن تكون لإعدام النزال علاقة عميقة بحدث توقيف سجى الدليمي طليقة أمير «داعش» أبو بكر البغدادي أو آلاء العقيلي امرأة القيادي في النصرة أبو علي الشيشاني، على رغم أن إعلام الإرهابيين حاول تصوير إعدام النزال على أنه رد فعل على توقيفهما.
الجيش يحصن أبرز إنجازيه
وداخل الكواليس الميدانية الأمنية تستمر معركة الجيش اللبناني ضد الإرهاب وذلك انطلاقاً من زاويتين بحسب المصادر عينها الأول تحصين النتائج الأمنية الإيجابية التي أسفرت عنها حرب طرابلس والثانية الإبقاء على الروح المعنوية للجيش في هذه المعركة الشرسة، عالية، وأيضاً إبقاء المبادرة الميدانية في يديه.
وتكشف هذه المصادر لـ«البناء» أن السبب العميق والأساس الذي دفع النصرة لإعدام النزال لم يكن رد الفعل على توقيف زوجة أبو علي الشيشاني أو طليقة أمير «داعش»، بل كان رغبة في كسر معنويات الجيش اللبناني بعد الإنجازات التي حققها، وأيضاً إعادة أجواء التشكيك الداخلي في لبنان باقتداره.
وتضيف هذه المصادر: «ظاهرياً ربما يظن البعض أن هذا الهدف نال بعضه الإرهابيون، نظراً للانتقادات التي أطلقتها أجواء سياسية باتت معروفة حساباتها الضيقة، سواء بعد إعدام النزال أو اثر توقيف آلاء وسجى، ولكن في الحقيقة فإن الجيش أخذ قراراً بعدم الالتفات إلى هوامش السجال السياسي، والمضي قدماً في خططه الواضحة الرؤية للقضاء على الإرهاب الذي يستهدفه».
إحباط عودة المولوي إلى الشمال
وتكشف المصادر عينها أن الجيش خلال الأسابيع الستة الماضية حقق إنجازات مهمة في معركته الميدانية مع الجماعات الإرهابية، وهو ليس في وارد التضحية بها، بل يسعى للمراكمة عليها عسكرياً وأمنياً.
وتعدد هذه المصادر بالمعلومات أبرز هذه الإنجازات كالتالي:
إحباط هروب المولوي
أولاً – حقق الجيش خلال حرب طرابلس هدف تشتيت البنية الإرهابية التحتية والقيادية للجماعات الإرهابية في طرابلس ومنطقة الضنية وعكار. وهو يعلم أن قيادة هذه الجماعات الموجودة في القلمون تعمل جاهدة من أجل إعادة ترميم بنية خلاياها النائمة، وبخاصة على مستوى إعادة ترتيب قيادات ميدانية لها. وتم خلال الأيام الأخيرة، وكترجمة لهذا التوجه، رصد محاولة لتهريب الإرهابي شادي المولوي من مخيم عين الحلوة، وذلك ضمن خطة لجعله يستلم مهام الإرهابي القيادي الموقوف أحمد سليم ميقات.
وتفيد تفصيلات هذه المعلومة أن قيادة الجماعات الإرهابية في لبنان قررت إعادة تفعيل دور شادي المولوي ليكون بديلاً لميقاتي في منطقة الضنية، فأرسلت إليه تطلب منه الخروج من مخيم عين الحلوة والتسلل سراً باتجاه إحدى قراها. وبالفعل فإن المولوي كان يعتزم الخروج من عين الحلوة متنكراً بزي امرأة وأن يضع «مكياجاً» على وجهه، ويتسلل منه باتجاه إحدى قرى الضنية ليباشر من هناك مهمة إعادة بناء الخلايا النائمة في تلك المنطقة بعد تهشيمها اثر نجاح الجيش اللبناني في توقيف ميقاتي خلال عملية دهم منزله في بعاصون.
لكن الأجهزة الأمنية في لبنان علمت بخطة تهريب المولوي من المخيم، فقامت آنذاك بتنفيذ إجراءات استثنائية أثارت حينها الأسئلة عن سببها، وبعضها فسرها حينها خطأ على أنها نوع من التهديد للمخيم على خلفية اختفاء المولوي بداخله. بينما كان الهدف الحقيقي والمستتر للجيش حينها هو التحسب لخروج المولوي منه، كجزء من مسعاه لحرمان الجماعات المسلحة من إعادة ترتيب بنيتها الإرهابية في كل منطقة شمال لبنان.
ثانياً – وعلى نحو متصل بعملية إحباط تهريب المولوي للمرة الثانية، ولكن هذه المرة باتجاه الشمال ليقوم بملء الفراغ القيادي الذي أحدثه توقيف ميقاتي، قام الجيش بخطوة توقيف سجى الدليمي عند حاجز الجيش اللبناني في منطقة المدفون. وعلى رغم أن الكثير من الوقائع الخاصة بهذه العملية وبهوية سجى باتت معروفة، إلا أن الذي لا يزال خافياً في هذا المجال حتى الآن، هو علاقة سجى بأحمد سليم ميقاتي ودورها في معاونته لمد خلاياه النائمة بالمال. وتكشف هذه المصادر أن الشخص الذي وجه سجى لتقيم في منطقة صغبين البقاعية هو أحمد ميقاتي، وهذا الأخير تعرف إليها بعد أن زكاها له أحد أمراء «داعش» المقربين من أبو بكر البغدادي ويكنى بـ «أبو أيوب» وهو على صلة قرابة لصيقة بها.
وتؤكد هذه المعلومات أنه ليس صحيحاً ما برز من ادعاءات حول أن سجى لم يعد لها أية صلة بأمير «داعش» البغدادي صحيح أن بينهما حالة طلاق، ولكن في الآونة الأخيرة كانت تجري وساطات لإعادتها إليه والتزاوج مرة ثانية منه، وهذا ما أكدته تقارير استخباراتية غربية اطلع عليها المستوى الأمني اللبناني. أما الفلسطيني كمال محمد خلف الذي ادعت سجى أنها زوجته فلم يكن في الواقع إلا مساعداً لها.
وبهذا المعنى فان المستوى الأمني في لبنان الذي قرر الترفع عن الانزلاق في بعض أنواع السجالات السياسية المغرضة والمشككة لمصلحة المضي قدماً في مكافحة الإرهابيين، يعتبر أن توقيف سجى لا يخدم فقط فكرة امتلاك أوراق قوة لإطلاق الجنود المخطوفين، بل يخدم أيضاً وبالأساس، خطة حرمان خلايا الإرهاب في الشمال وبخاصة في الضنية، إمكانية إعادة تجميع صفوفها وترتيب أوضاعها القتالية.