اليمن: هل تستطيع اللجان الثورية الاحتفاظ بالحكم؟
حميدي العبدالله
الإعلان الدستوري الذي كرّس اللجان الثورية المرجعية الحصرية في اليمن في المرحلة الانتقالية، أكد انتقال السلطة فعلياً من أيدي الوصاية الأممية الخليجية إلى أيدي أطراف وازنة في اليمن. وتخضع لسلطة اللجان الثورية غالبية المحافظات اليمنية الواقعة في الشمال والوسط، أي في المنطقة التي كانت تشكل اليمن الشمالي باستثناء محافظة تعز.
طرحت التطورات سؤالاً هاماً جداً: هل يؤدّي تسلّم اللجان الثورية السلطة في صنعاء إلى تقسيم اليمن، وإثارة الفوضى والاضطراب على نحو أشدّ مما كان، أم أنها تشكل خطوة بناء دولة مركزية جديدة توفر الأمن والاستقرار وتبعد اليمن عن الوصاية الخارجية، ولا سيما وصاية السعودية؟
إذا كان المقصود بالحفاظ على وحدة اليمن، شماله مع جنوبه، فإنّ مشكلة الانقسام ليست عند اللجان الثورية، فهذا الانقسام هو إرث حكم علي عبد الله صالح، واللجان الثورية تضع الجنوبيّين أمام خيار من اثنين، إما الاستمرار في الوحدة على قاعدة نظام اتحادي يوفر لهم الحقوق التي سُلبت منهم، وإما الانفصال والعودة إلى جمهوريتهم السابقة، وفي كلا الخيارين فإنّ اللجان الثورية ليست متضرّرة، وبالتالي فإنّ وصول اللجان الثورية إلى الحكم يسهّل حلّ مشكلة الجنوب المستمرة بقوة منذ عام 1994، واللجان الثورية هي أقدر على حلّ هذه المسألة من أيّ صيغة حكم أخرى، بما في ذلك الصيغة التي ولدت من «المبادرة الخليجية».
وإذا كان المقصود بالاستقرار ما ينجم عن محاربة تنظيم «القاعدة» في بعض مناطق الشمال والجنوب، فهذه المشكلة أيضاً ورثتها اللجان الثورية عن نظام الحكم السابق، سواء في عهد علي عبدالله صالح أو في عهد الرئيس هادي الذي يشكل حكمه ثمرة للمبادرة الخليجية، لكن الفرق بين حكم اللجان الثورية ونظام الحكم السابق، أنّ اللجان مصمّمة على محاربة «القاعدة»، واقتلاعها من اليمن من دون أيّ شكل من أشكال التواطؤ والمساومة.
ما عدا ذلك فإنّ مشاكل اليمن تتراوح بين إدارة شكل من أشكال ائتلاف القوى الوطنية، إضافةً إلى التنمية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
برهنت تجارب اللجان الثورية منذ انطلاق ثورة 21 أيلول 2014 وحتى الآن أنها قادرة على إدارة ائتلاف واسع يشمل طيفاً من القوى السياسية أوسع من ذلك الطيف الذي دعم حكم الرؤساء صالح وهادي، وبالتالي فإنّ اللجان الثورية عبر حرصها على ماركة أوسع طيف في التغيير الثوري، قادرة على كسب المزيد من القوى الثورية لمصلحة التغيير. كما أثبت نضال اللجان الثورية ضدّ «الجريمة» أنّ اللجان تهتمّ أكثر من نظام الحكم السابق بقضايا الناس المعيشية، ولا سيما الحاجات الأساسية.
ما تقدم يؤكد أنّ اللجان الثورية مهيأة أكثر من أيّ جهة أخرى لقيادة المرحلة الانتقالية بما يساعد على ولادة حكم جديد وليس الاكتفاء بتغيير رموز النظام الأساسية.
هذا لا يعني أنّ مشاكل اليمن سوف تختفي دفعة واحدة، بل إنّ اليمن تنتظره في عهد اللجان الثورية تحديات كثيرة، أخطرها تآمر الحكومات الغربية وبعض دول الجوار، ولكن طالما أنّ إدارة الحكم بشكل عام في عهد اللجان الثورية أكثر رشداً وأكثر تعبيراً عن إرادة غالبية اليمنيين، فإنّ احتمال صدّ المؤامرة الخارجية، هو احتمال مرجّح.