مدارات إيران والصين: علاقة تشابك وتشبيك
نيبال هنيدي
تعدّ العلاقات الإيراينة الصينية أحد أهم العوامل المؤثرة بشكل كبير في تطورات وتوازنات المنطقة والعالم.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده وزيرا الخارجية الإيراني جواد ظريف مع نظيره الصيني وانغ يي في طهران اليوم حول القضايا الثنائية والعالمية إلى جانب القضية النووية، أبدى ظريف اهتماماً بالغاً بالدور الصيني في هذا المجال معتبراً أن الصين إحدى الدول الرئيسة في مجموعة 5+1، ومعرباً عن أمله بالدور الذي تلعبه بكين للتوصل إلى حل نووي.
وفي المقابل، اعتبر وانغ يي أن المفاوضات فرصة تاريخية للتوصل لاتفاق، مشيراً إلى أن التعاون الاقتصادي بين إيران والصين تجاوز الـ51 مليار دولار.
وتكتسب العلاقات بين البلدين أهمية خاصة، انطلاقاً من اعتبارات عدة بدءاً من الأهمية الاقتصادية والدور المهم لهذه العلاقات في ملفات الشرق الأوسط وربما ليس انتهاء بالملف النووي الإيراني التي لعبت الصين دوراً مهماً في كبح جماح الاندفاع الأميركي والغربي التصعيدي باتجاهها عبر العمل على إقناع واشنطن بتبني استراتيجية الطمأنة حيال طهران ما يعني امتلاك تكنولوجيا نووية سلمية.
فقد أكدت المتحدثة باسم الحكومة الصينية خوا تشون إينغ في الثامن عشر من حزيران 2013، أن الحوار هو السبيل الصحيح الوحيد لحل هذه القضية، وأن الصين ما زالت تسعى لحل موضوع إيران النووي سلمياً كما في السابق.
وأشارت إلى ضرورة حل موضوع إيران النووي بصورة شاملة وقالت إن بكين تأمل بالتزام إيران ومجموعة دول 5+1 بالمفاوضات وأن تبدأ جولة المفاوضات الجديدة على أتم السرعة.
وإعلان الصین على لسان هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجیة الصینیة في معرض ردها على نصب أجهزة الطرد المركزي الجدیدة في منشأة نطنز أن من حق إیران الاستخدام السلمي للطاقة النوویة.
مؤكداً أن إیران من الدول الموقعة على اتفاق حظر انتشار الأسلحة النوویة ولها الحق في الاستخدام السلمي للطاقة النوویة، ولذلك فإن طهران تؤدي مسؤولیاتها الدولیة في هذا المجال.
وإذا كانت هناك تحديات عديدة أمام نجاح هذا المسعى والذي يتصل باشتداد وطأة الضغوط الإسرائيلية والأميركية على بكين لكبح جماح الطموح النووي الإيراني، فإن ذلك الأخير يصطدم بالتعويل على إمكان إجهاض الصين لأي مشروع قرار داخل مجلس الأمن الدولي بتصعيد العقوبات ضد إيران خلال المرحلة المقبل استناداً إلي خبرة السلوك التصويتي الصيني في هذا السياق.
ولم تقتصر العلاقات بين بما يخص الملف النووي فللتعاون الاقتصادي بين طهران وبكين تاريخ طويل إذ تعد الصين الشريك الاقتصادي الأكبر لإيران، ولعل ذلك يعود في جزء منه إلى أنها مستورد أساسي لموارد الطاقة، كما أن إيران منتج ضخم للطاقة، وسوق كبير لتصريف المنتجات الصينية اللازمة لإدامة معدلات التنمية المرتفعة التي تشكل الأساس لنموذجها الاقتصادي الحالي، ومن ثم يمكن القول إن النفط يحتل مكانة مركزية في العلاقات المتبادلية بين الجانبين، ويشكل قاطرتها الأساسية.
المتحدث باسم وزارة النفط الإيرانية أعلن في الثالث عشر من شهر كانون الثاني عام 2013 قيام إيران بإبرام مجموعة من العقود النفطية الطويلة الأجل مع الصين، مؤكداً قدرة إيران على تسويق نفطها.
وأفادت وكالة مهر للأنباء، أن المتحدث باسم وزارة النفط الإيرانية علي رضا نكزاد رهبر أكد نجاح عملية تسويق النفط الإيراني لا سيما نفط الخليج الفارسي.
وفي ما يتعلق بتأثر العلاقات بين الصين وإيران بملفات المنطقة قام مجلس الشوری الإسلامي الإيراني في السادس من تموز الماضي بإبلاغ تنفيذ قانون يتضمن اتفاقاً للتعاون الثنائي بين الحكومتين الإيرانية والصينية حول مكافحة الجرائم عبر الحدود بما فيها ممارسات الإرهاب الدولي.
ويتضمن القانون تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجال تبادل المعلومات حول ذلك إلی جانب تبادل المعلومات حول قوانين مكافحة الجرائم.
وقد سبق أن تعهد منغ جيان تشو عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في تموز 2013 بدفع التعاون الثنائي بين إيران وبلاده في مجال مكافحة الإرهاب والمخدرات.
وفي ما يخص التعاون العسكري نشرت مؤسسة راند تقريراً بعنوان الصين وإيران: العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية ويستعرض التقرير التعاون العسكري كأحد الأبعاد المهمة في هذه العلاقة، إذ قدمت الصين مساعدات عسكرية كبيرة لإيران، كان لها دور يُعتد به في تحديث قدراتها العسكرية، سواء في ما يتعلق بالقدرات التقليدية أو بتطوير البرنامج النووي.
وبالنسبة إلى تحديث القدرات العسكرية التقليدية، قدمت الصين في كثير من الأحيان المبيعات العسكرية لطهران بصورة غير مباشرة من خلال طرف ثالث عبر دول مثل كوريا الشمالية. ولم يتوقف الأمر عند حد تزويدها بالأسلحة الصغيرة فحسب بل زودتها كذلك بالصواريخ البالستية وصواريخ كروز.
كل ما سبق يعكس حقيقة مفادها أن العلاقات بين البلدين قد انتقلت إلى مرحلة من التعاون متعددة الأوجه، وربما الأهم من ذلك دور هذه الشراكة في مواجهة ما يهدد المنطقة والعالم من تحديات ومشاريع أميركية وغربية.