تركيا تضع «العسكريين المخطوفين» والتدخل في حلب… للتفاوض سلام يتراجع والحكومة تستردّ الانعقاد دون آلية… ومخرج إعلامي
كتب المحرر السياسي:
فرنسا تعود إلى سورية، هذا ما تبلّغته قيادة الائتلاف المعارض، والتنسيق في ملف الإرهابيين الثلاثة آلاف من أصول مغاربية وجزائرية وتونسية والموزعين في بلدان أوروبا، والذين يقلقون المخابرات الفرنسية، ولا يملك بنك معلومات ذي قيمة عنهم بمثل ما تملكه المخابرات السورية، هو الذي استدعى ذلك، بعد جلسة تشاورية للجنتي الخارجية والأمن في مجلسي النواب والشيوخ الفرنسيين، وعرضا للقادة الأمنيين، حصيلة مشاوراتهم بصورة مباشرة وغير مباشرة مع القيادات الأمنية السورية، وتأكيدهم أهمية البدء بمسعى تعاون وتنسيق عاجل، مدخله إعادة فتح السفارة الفرنسية في دمشق والسفارة السورية في باريس، ومما أنتجت الجلسة كانت مبادرة من النائب الصديق لسورية جيرار بابت رئيس جمعية الصداقة الفرنسية السورية تجاوب معها رموز البرلمان ومجلس الشيوخ ليتشكل وفد من أربعة من البرلمانيين البارزين، المعروف بعضهم بعلاقته المميّزة بالرئيس فرنسوا هولاند، وهم جيرار بابت، وهو أيضاً أحد المقرّبين من الرئيس فرانسوا هولاند، وجاك ميارد أحد الوجوه البارزة في البرلمان الفرنسي والخطيب المفوّه في شؤون السياسة الخارجية وصاحب تأثير ونفوذ كبيرين بين النواب، وعضوان من مجلس الشيوخ هما ايميري دو مونتيسكيو نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ والسياسي المخضرم، والمرشح الدائم لوزارة الخارجية، والكاتب الدائم في مجلة «لوبوان» الفرنسية المعروفة، والسناتور المحافظ جان بيار فيال، إلى جانب وفد جمعيات إغاثية فرنسية.
وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي قاد الحملات العدائية ضدّ سورية، اكتفى بإعلان تقديسه للنظام الدستوري الفرنسي القائم على فصل السلطات، بين الحكومة والبرلمان، ونفيه أن يكون الوفد قد حمل أي رسالة رسمية، بينما كانت جلسة مطوّلة للوفد مع الرئيس السوري بشار الأسد، قالت مصادر الوفد إنها شهدت استعراضا مفصّلاً لملفي الحرب على الإرهاب، والعلاقات الثنائية الفرنسية ـ السورية.
في هذه الأثناء كانت فرنسا تعيش رعب الطائرات بدون طيار التي حلّقت لليلة الثانية في أجوائها، مع بدء تسرّب معلومات عن امتلاك السفارة القطرية لهذه الطائرات، لحساب قناة «الجزيرة»، التي حصلت على تراخيص استخدام لعشرة منها، لنقل مباشر لحركة السير في باريس، وهي طائرات للهواة يوجد مثلها قرابة الخمسمئة من الطائرات المرخصة، بينما قامت الشرطة الفرنسية باستجواب ثلاثة من العاملين في قناة «الجزيرة» بتهمة التورّط في باستخدام غير مشروع لهذه الطائرات لحساب مجموعات إرهابية، وقالت مصادر أمنية فرنسية لمواقع متخصّصة في باريس، أنّ الخشية ليست من الحكومة القطرية، بل من تهاونها مع المنتمين إلى الفكر المتطرف في صفوف جهازها الديبلوماسي، ومستشاريها الأمنيين والعاملين في قناة «الجزيرة»، الذي سبق وأوقف عدداً منهم بتهمة العمل لحساب تنظيم «القاعدة»، وكان أبرزهم تيسير علوني وتوقيفه على يد الشرطة الأسبانية.
العودة الفرنسية نحو سورية، على إيقاع المتغيّرات، ليست بعيدة عما ورد من معلومات عن رغبة تركية في فتح قناة تفاوضية مع سورية، تضع قضيتي الحدود الشمالية، والمجموعات السياسية والعسكرية التي تدعمها تركيا، وتستطيع التأثير عليها، من جهة، وملف العسكريين المخطوفين اللبنانيين ومن خلاله الوجود المسلح في القلمون والحدود اللبنانية ـ السورية، من جهة مقابلة، كورقتي تفاوض، للوصول إلى حلول سلمية تنتهي بالإفراج عن العسكريين اللبنانيين ومقايضة مخطوفين ورهائن وموقوفين بين الدولة السورية وهذه المجموعات، وفي المقابل تأمين انسحابها نحو تركيا، إذا حصلت تركيا على ما تصفه بالتراجع المنظم، والانسحاب المشرّف من الأزمة السورية، في إطار الحلّ السياسي والأمني الذي يتحرك نحوه الروس والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وخصوصاً منحها دور الشريك الذي تسعى موسكو بموافقة سورية إلى منحه لمصر في هذه الحلول.
في لبنان الذي تلقت فيه أوساط رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ملخصاً عن النوايا التركية الجديدة، شهد الملف الحكومي بداية الاستدارة، لاستئناف الاجتماعات، بعد صياغة مخرج إعلامي يحفظ ماء وجه رئيس الحكومة الذي تورّط في التحدث عن آلية جديدة ليست الإجماع المعمول به، ولا هي الآلية المنصوص عليها في المادة الخامسة والستين من الدستور.
لم تبرز معطيات عملية لإمكان حلحلة الموضوع الحكومي على رغم تأكيد كل الأطراف تمسكهم بالحكومة واستعدادهم لتسهيل عملها، فيما نقل زوار رئيس الحكومة تمام سلام عنه تمييزه بين القضايا الميثاقية وبين الأمور الحياتية التي يجب ألا تعرقل.
ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة تمام سلام إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء في أسرع وقت لتحريك عمل الدولة وفق المعيار الذي ينص عليه الدستور. وأكد ان «المادة 65 من الدستور هي التي يجب أن تحكم اتخاذ قرارات الحكومة».
ومن جهته، اعتبر سلام «أنّ بلداً من دون رئيس هو جسم مشوه، وإنّ التعثر الذي يطاول العمل الحكومي والجدل الذي يثار هذه الأيام تحت عنوان الآلية الحكومية، هما نتاج هذه الخطيئة الكبرى التي لن تمحوها سوى أوراق نواب الأمة وقد نزلت في صندوقة الاقتراع، حاملة اسم الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية». وأضاف: «بغير ذلك، نكون قد مدّدنا للحالة الشاذة التي تفتح المجال أمام الاستمرار في ممارسات تعطيلية، تبتغي تحقيق كلّ أنواع المصالح، إلا مصلحة لبنان واللبنانيين».
ونقل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، بعد لقائه سلام عن الأخير حرصه «أشد الحرص على ألا تكون هذه الحكومة تغطية للفراغ الدستوري، وهو متمسك أشد التمسك بانتخاب رئيس جديد يجعل المخلوق سوياً وليس مشوهاً بلا رأس، وهو حريص أيضاً على أن يكون الأداء الحكومي مبنياً على الأسس الميثاقية بحيث لا تؤخذ الأمور الميثاقية بصورة غالبة على ارادة الأفرقاء الأساسيين، وهو أيضاً حريص على الا يكون التوافق سبباً لعرقلة أمور الناس».
وأوضح أن «سلام ليس مستعداً أن يغطي الفراغ الدستوري، وأيضاً ليس مستعداً أن يغطي الشلل في مصالح الناس، وما عدا ذلك فهو صامد وصابر على هذه الأزمة التي يعيشها لبنان الى أن يأتي الفرج ويكون للبنان رئيس جديد».
دعم اللقاء التشاوري
في الأثناء، تلقى سلام جرعة دعم من اللقاء التشاوري الذي انعقد في سن الفيل برئاسة الرئيسين امين الجميّل وميشال سليمان، وحضور نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، والوزراء: بطرس حرب، أليس شبطيني، عبد المطلب الحناوي، رمزي جريج، سجعان قزي، آلان حكيم والوزير السابق خليل الهراوي واعتذر عن عدم الحضور الوزير ميشال فرعون بداعي السفر.
وأعلن الجميّل بعد اللقاء أنّ «المجتمعين توافقوا على حرصهم على استمرار الحكومة وعدم عرقلتها وأن تعمل لتسيير شؤون الناس إلى حين انتخاب رئيس، وهم يدعمون خطوات رئيس الحكومة تمام سلام ويعتبرون أن مصدر العقم الحقيقي في كلّ المؤسسات هو غياب رئيس الجمهورية ومعالجة هذه الأعطال يبدأ بانتخاب الرئيس وعندها تسقط دواعي البحث عن آليات جديدة».
وشدّد على انّ «أهمّ شيء لدينا هو الايجابية ونعرف كيف كان موقف وزرائنا ايجابياً في تحريك عجلة الحكم، والاشكالات التي حصلت مؤخراً لم يكن لأي من الوزراء المشاركين في اللقاء صلة بها».
وقال: «لسنا نحن من وضع آلية عمل مجلس الوزراء بل هي جاءت بالتوافق ومن أجل المصلحة العامة وهي ساهمت في تأمين ما يقارب 90 في المئة من المواضيع التي وضعت على جدول الاعمال ولا نعرف أين هي المشكلة، ونحن حريصون على استمرار عمل الحكومة وندعم المساعي التي يقوم بها سلام».
وأكدت مصادر اللقاء أنّ «اللقاء مستمرّ ورهان البعض على دفنه قبل ان يولد فشل»، لافتة الى أن «اللقاء سيصبح دورياً وسيتفق على عقده في المرة المقبلة أمام الوزير حرب او عند الوزير فرعون وعندها يتبين ما اذا كان الأخير منضوياً تحت لوائه أم لا».
ووسط هذه الأجواء غادر الرئيس سعد الحريري مساء أمس بيروت متوجهاً إلى السعودية، بعد زيارة إلى لبنان استغرقت حوالى عشرة أيام.
إرهابي يجول في طرابلس
على صعيد آخر، نقلت مصادر إعلامية انه «شوهد أحد أخطر المنتمين الى داعش واسمه ب.ع.» وهو مرتبط بملفات إرهابية وهو أحد اللبنانيين الإثنين اللذين شاركا في ذبح الرقيب الشهيد علي السيد في جرود عرسال».
وذكرت بعض المصادر الأمنية ان ع. هو من يدير الشبكة التي تسعى لتصفية بعض الشخصيات الطرابلسية.
وأشار مصدر في مخابرات الجيش الى انه «لم يتم العثور على اي دليل او خيط يؤكد صحة اللائحة التي تحدثت عن اغتيال شخصيات طرابلسية، وان المتهمين هم أعضاء في خلية أتت لتنفيذ عمليات انتحارية غير مرتبطة بالشخصيات الطرابلسية»، لافتاً إلى أن «أولوية داعش محاربة حزب الله وليس تصفية شخصيات سنية».
وأشار الشيخ نبيل رحيم في حديث تلفزيوني الى انه «بعدما تحققنا من المعلومات عن وجود لائحة اغتيالات لشخصيات سياسية ودينية من طرابلس تبين أن الأمور ربما غير جدية وغير صحيحة»، مضيفاً: «لا استطيع ان أؤكد هذا الموضوع ولا استطيع نفيه، ربما البعض يستغل هذه اللائحة ليستهدف بعض الشخصيات والمطلوب الحذر».
وأضاف رحيم «الشيخ سالم الرافعي والمفتي الشيخ مالك الشعار من الأسماء المعروفة بالمواقف التي تطالب بالاستقرار في طرابلس والابتعاد عن المشاكل الأمنية ولهذا ربما يراد استهدافهم».
واستبعد رحيم «وجود قدرة لدى داعش على تنفيذ اغتيالات رغم أننا كمشايخ أهداف سهلة لكن الحالة اللوجيستية عندهم لا تمكنهم من القيام بهكذا عمليات».
أمنياً استهدف الجيش اللبناني مساء أمس تجمعات للمسلحين في جرود رأس بعلبك بعد رصد تحركات لهم باتجاه مراكزه في المنطقة.