توحيد الجبهات ضدّ «إسرائيل» هو دفاع عن كلّ جبهة بعينها
د. سمير صباغ
يلامس الصراع مع العدو الصهيوني حدود الانفجار الشامل خاصة بعد تهاوي وانتهاء قواعد الاشتباك التي طالما حكمت الصراع بتوازنات ومعادلات جعلت سبل المواجهة محصورة في إطار ردود الفعل الانتقامية. ولكن بعد أن أسقطت المقاومة قواعد الاشتباك هذه ظهر دافع جديد يختلف بالكامل عن القواعد السابقة، وهذا الواقع الجديد له بعدان: البعد الأول يتعلق بشكل الصراع الذي ينتجه لأن يصبح رباعياً لبنان سورية فلسطين العراق… وإيران ، أما البعد الثاني فهو أنّ هذا الحلف بقوّته سيؤدّي الى تقويض أركان النظام وقواعده في المنطقة من خلال الاشتباك المباشر مع العدو الذي هز المنطقة.
يحاول العدو الصهيوني الإمساك بزمام المبادرة دائماً، فيلجأ الى حماية أمنه باستغلال كلّ ما يضعف خصومه، وتحديداً سورية التي تكافح منذ 4 سنوات ضدّ حروب داخلية تبعدها وتبعد جيشها عن خطوط التماس مع العدو الذي لطالما سعى إلى أن يواجه كلّ جبهة عربية منفردة، من دون أن ننسى الفتن التي يسعى إلى تأجيجها في معظم الساحات.
لجأ العدو الصهيوني مؤخراً الى محاولة إقامة حزام أمني عميل من قوات «جبهة النصرة» على غرار جيش العميلين سعد حداد وأنطوان لحد في لبنان. لم تتأخر «جبهة النصرة» في قبول لعب هذا الدور القذر، فاستقدمت الآلاف من المسلحين المزوّدين بالدبابات والمدافع وسيطرت على محاور عدة في ريف درعا والقنيطرة تمهيداً للتموضع على حدود الجولان السوري المحتلّ، مهدّدة بذلك منطقة طريق درعا – دمشق الدولية وكامل الغوطه وصولاً الى دمشق نفسها.
هذا المخطط الصهيوني بإقامة حزام أمني استهدف قوات الفصل الدولية «اندوف» التي سرعان ما انسحبت من مواقعها ولم تنجح، حيث كان الجيش السوري وأبطال المقاومة يحملون العبء الأكبر من هذه المواجهات التي لا تزال مستمرّة حتى الآن.
وهكذا بدلاً من أن تتحصّن قوات العدو الصهيوني بمسلحي «النصرة» وجدت نفسها مكشوفة أمام القوى المتقدّمة لأخذ دورها على جبهة الجولان بعد ان انهارت خطوط دفاع وتراجع قوى حلفائها.
«إسرائيل» بدورها تعيش نقاشات داخلية تفضي الى خوض حرب رابحة. وفي الوقت نفسه لا ترى خياراتها واستمرارها في المخطط الا بالعبور الى حرب توفر لها الضمانات الكافية لتأمين أمنها، وهي إشعال الفتن واحتضان الارهاب ونشر الفوضى المستشرية في معظم الأقطار العربية لحسبانها أنّ الفوضى والإرهاب المؤلف من «داعش» و«النصرة» وأخواتها تصبّ بالكامل لمصلحتها في نهاية الأمر. ولكن يبدو اليوم مدى ارتباك دولة العدو الصهيوني حيث بدأ أركان دولة الاحتلال من سياسيين وعسكريين وبدأت شاشات المرئيات بإظهار القلق جراء ما يحصل في جبهة الجنوب السوري، حتى أنها تقدّمت من هيئة الأمم طالبة إعادة نشر قوات الفصل «أندوف» الى مواقعها التي انسحبت منها أو سُحبت منها بالقوة .
لقد ظهر الإرباك كسمة ملازمة لطريقة خيارات الدولة للأزمات الخارجية. انّ توحيد الجبهة التي توحّدت بالدم من الناقورة الى الجولان الى فلسطين الى بغداد فطهران تحقق طموحات من يريد مواجهة «إسرائيل» والقضاء عليها وعلى غطرستها. انّ مثل هذا التوحيد من شأنه ردع العدو الصهيوني وزعزعة أركان دولته المغتصبة التوسعية.
رئيس الاتحاد البيروتي