مخرجان لتفادي أزمة النظام: آلية تصويت وزاري أو انتخاب رئيس!
يوسف المصري
أمام لبنان – بحسب مصادر مواكبة لمتابعات سفارات غربية وعربية للوضع الداخلي – واحد من طريقين للحفاظ على ستاتيكو الحد الأدنى من الاستقرار السياسي والأمني اللبناني السائد، وهما: إما انتخاب رئيس جديد للجمهورية يسفر عن إعادة إنتاج السلطات التشريعية الحكومية والأمنية، بمعنى انتخابات رئاسية تليها حكومة جديدة وتغيير لقائد الجيش ومن ثم تعيينات أمنية شاملة، وإما التوافق على آلية معايير لاتخاذ القرار في الحكومة السلامية الراهنة التي تقوم بتصريف أعمال البلد وأعمال رئيس الجمهورية ريثما يتم انتخاب الرئيس العتيد.
وبرأي هذه المصادر فان هاتين المهمتين أو الخيارين متروكان للبنانيين بالكامل، بمعنى أن تنفيذ أحدهما سيكون من داخل لبنان وبجهد اللبنانيين، إذ إن أحداً في الغرب أو في الإقليم لن يتدخل في شكل ضاغط لانتخاب رئيس ولم يتدخل على مستوى استضافة أو إدارة حوارات لبنانية لإنتاج آلية معايير تمكن حكومة سلام من إكمال مهمة تعبئة الفراغ الرئاسي وتسيير أمور البلد ومنع الفراغ الشامل في السلطة. ولكن في المقابل فان المجتمع الدولي يحمل كل الأطراف اللبنانية المسؤولية عن أية سياسة يتخذها هذا الطرف أو ذاك تقود البلد إلى فراغ شامل على مستوى السلطة.
في الكواليس السياسية كان برز طرح قبل فترة وجيزة يفيد بأن البلد يحتاج لدوحة 2، بمعنى أن يتم إنشاء حضانة إقليمية عبر إرسال موفد أو عبر مؤتمر على نحو ما حصل في الدوحة لإنجاز إما انتخاب رئيس أو إذا تعذر ذلك إنتاج توافق على آلية اتخاذ القرارات داخل الحكومة الراهنة. بعض المراجع السياسية اللبنانية الأكثر تأثيراً تتحدث منذ فترة عن لبننة الحل بالاستفادة من الدعم الدولي والإقليمي للاستقرار وأيضاً عدم وجود رغبة بالتدخل المباشر. وجرى من قبلها تداول مصطلح «دوحة لبناني»، يتم فيه التوافق على تنظيم الفترة الانتقالية في عهد الحكومة السلامية التي صار هناك قناعة بأنها قد تستمر لفترة طويلة. هناك زائرون لبيروت أبلغوا مراجع لبنانية أن انتخاب رئيس جديد قد لا يحصل قبل ربيع العام المقبل 2016 ، وهذه المعلومات هي التي سخنت الخلافات الداخلية حول آليات اتخاذ القرار التي يجب أن تعتمد داخل مجلس الوزراء في ظل عدم وجود رئيس جمهورية، وهي أيضاً التي جعلت تمام سلام يقرر ألا يعود لجلسات مجلس الوزراء قبل أخذ ضمانات من الفرقاء السياسيين الممثلين فيه على عدم تعطيل حكومته أو إصابتها بالشلل. وهي التي جعلت أيضاً وأيضاً موضوع رفع سن التسريح من الخدمة للرتب العالية في الجيش اللبناني يوضع على نار حامية، حتى يتم ضمناً التمديد للمنظومة العسكرية والأمنية التي تقود ملفات الصراعات العسكرية والأمنية مع الإرهاب والتي يستحق في الصيف المقبل موعد تقاعد معظم ضباطها بحسب قانون التقاعد المعمول به حالياً في الجيش.
بات سلام يعرف أن حكومته ستعمر، وبات أقطاب الموارنة يعرفون أن لا رئيس إلا إذا توافقوا وهم لم يفعلوا ذلك… وبات المجتمع الدولي يعرف أنه في لبنان وحتى إشعار لا يمكن إنتاج سلطة أفضل مما هو الآن. بكلام آخر كما ينقل عن سفير غربي أنه قال لجيرو: ليس بالأمان أفضل مما هو قائم.
وهناك بين الحريصين على أن تسير الحكومة السلامية شؤون الناس في هذه المرحلة الانتقالية، من ينتقد الرئيس سلام بوصفه ربما يكون قد بالغ في موضوع تقصده عدم الإيحاء بأنه كرئيس سني فإنه لا يرغب بمد يده على صلاحيات الرئيس الماروني الأول فلذلك بالغ في إظهار هذه الحساسية لدرجة أنه وقع في أزمة بداية شلل حكومي. مصادر مقربة من سلام تقول إن أكثر ما بدا يخشاه تمام بك منذ حدوث الفراغ الرئاسي هو أن يتم وضع صلاحيات الرئيس السني بمواجهة مع صلاحيات الرئيس الماروني، ويعني هذا بالتالي وضع السنة السياسية في البلد بمواجهة مع المارونية السياسية.
مؤخراً وردت للمحافل اللبنانية تطمينات تفيد بأن الحكومة السلامية والجيش اللبناني والحوار بين المستقبل وحزب الله، هي صمامات أمان للاستقرار في لبنان ريثما يتجاوز هواجس انعكاسات أحداث المنطقة عليه. وكان من جراء هذه التطمينات الصادرة عن دوليين وإقليميين، أن أصاب الوهن فجأة «تجمع الوزراء السبعة» وذلك عبر انسحاب الوزير فرعون الصامت منه وإعلان أقطابه بعد اجتماعهم الثاني في منزل الرئيس أمين الجميل أنهم مستمرون في الحرص على عدم فرط الحكومة السلامية. وكان واضحاً أن الموقف تغير، فمن السعي لنيل هدف تحشيد كتلة ثالثة في مجلس الوزراء تريد إثبات حضورها على مستوى أن يكون لها وزن في اتخاذ القرار داخل الحكومة في حال أقرت آلية جديدة، بحسب ما ظهر في اجتماعها الأول في منزل رئيس الجمهورية، إلى هروب أحد الوزراء من هذه الكتلة، وأيضاً خفض سقف خطابها وجعل أهدافه أقل من متواضعة، كما ظهر في اجتماعها الثاني بدارة الجميل.
وتفيد معلومات أنه لن يكون هناك اجتماع ثالث لمجموعة السبعة، وفي حال حصل لمنع الظهور بأنه انفرط تحت ضغوطات سياسية، فانه سيتحول إلى اجتماع للبحث عن مناعة لأقطابه ضد إمكانية أن تحيق بهم حالة تهميش تنتج من حصول اتفاق عوني – جعجعي مستقبلاً، على رغم أن المؤشرات باتت تستبعد حصول هذا الاتفاق.
وبحسب سياق هذه المعلومات عينها، فان معطيات الأسبوع الفائت تؤكد فعلاً أن «الكل في لبنان» تبلغ معلومة دولية تفيد بأن انتخاب رئيس للجمهورية قد تكون مؤجلة لفترة عام إضافي، وأن عليهم الاحتماء داخل الحكومة السلامية وتسهيل عمل الجيش بمواجهة الإرهاب بدل استنزافه بالتناحرات الداخلية. وهذا ما يفسر لماذا وضع مشروع تأجيل سن تسريح كبار ضباطه لنحو عامين أو ثلاثة، على نار حامية مؤخراً، علماً أن مصادر أكدت لـ«البناء» أن مشروع القانون بهذا الخصوص أصبح في أدراج مجلس الوزراء وقد يبت به في جلسته الأولى بعد الأزمة الراهنة أو الثانية على أبعد تقدير.