الإرهاب… فقدان اتزان وفشل في استعادة التوازن
د. سليم حربا
تترنّح مجاميع الإرهاب وتتعمّق نكباتها البشرية والعملياتية والقيادية والنفسية، ما يجعلها تعيش حالة فقدان اتزان نتيجة العمليات الساحقة للجيش السوري التي انطلقت أخيراً من مثلثات تطهير لتتحوّل إلى مربّعات ودوائر تطهير وتحرير في أربع رياح الجغرافيا السورية وما بينها، والحبل على جرّار وماكينة الجيش السوري التي تتقدّم في الجنوب على حرارة الشوق لتطهير تلّ الحارة وما بعد بعد الحارة وفي جبل الشاعر وآباره وحقوله، من حقل جزل وجحار إلى الحسكة والقامشلي وتلالها وقراها وبلداتها إلى دورين اللاذقية وتلّتها التي ستعانق وتسلّم على سلمى ومحيطها، إلى حندرات وسيفات التي تسجل ملاحم دفاع تحضيراً للقادم من الاندفاع.
أصابت الضربات النارية الدقيقة والقاصمة قلب الإرهاب وقادته ومتزعّميه بالسكتة، وهي تأتي حيث يحتسب الإرهاب أو لا يحتسب، فضربة كودنة التي أسقطت أكثر من 12 متزعّم إرهابي قتلى بينهم الضابط «الإسرائيلي» دوني وآخر أردني وأكثر من 85 مصاب ومستغيث، حوّلت كيان العدو إلى كيان إسعاف وطوارئ، بالإضافة إلى ضربات الغوطة الشرقية وأخيرها وليس آخرها الضربة على ما يسمّى الأربعة مفارق والتي أودت بحياة أكثر من 70 إرهابياً من خبراء المتفجرات والهاونات، وضربة اللجبين التي حوّلت تواجد أكثر من 90 إرهابي إلى بئس المصير، ومحيط حندرات وتلة المضافة التي غصّت بأشلاء أكثر من 350 إرهابي، ووادي دورين التي تكدّس فيه مئات القتلى وقبلها بأيام «نكبة جبهة النصرة» في الهبيط التي أصابتها حجارة السجيل من طائراتنا وحوّلتها إلى عصف مأكول للجولاني، وما فات ومات وما هو آت من أتباع أردوغان وبني عثمان وبقايا «الإخوان» وذرية حمد وبني سعود وأشقائهم في التلمود حتى سجل عدّاد الإرهاب في الأسبوع الذي خلى 724 قتيل وأكثر من 300 مصاب وما تيسّر من العتاد وأدوات الإرهاب والإجرام، ما دفع غرف عمليات عمّان والموك وأنقرة وغرف إنعاش «داعش» لمحاولة التعويض عن فقدان الاتزان في معارك ومسمّيات علّها تستعيد التوازن، فحضّرت وخططت وتسلّحت واستعدت قطعان لحد في الجنوب من اتجاه كودنة وبريقة للنفير وتغيير الموازين في الميادين، وكانت الضربة القاضية في كودنة وقضت على محاولات جيش لحد في المهد، وحاولت مجاميع الإرهاب الأردوغاني في حلب، على أكثر من جبهة في غربي الزهراء ومحيط القلعة ومحيط حندرات وسيفات ودوير الزيتون، وتكسّرت النصال على النصال ورُدّت على أعقابها خائبة، وحاولت استعادة دورين وتلّتها واستماتت فماتت وبقيت دورين وتلّتها.
حشدت آلاف القطعان للسيطرة على تلّ الملح والزلاقيات واللجبين واندحرت تلملم ذيول الخيبة والهزيمة، حاولت التقاط أنفاسها في تلّ حميس وريف القامشلي والحسكة، فعاجلها الجيش السوري وكتم أنفاسها، وراحت مجاميع الإرهاب تلعق هزائمها وتسلّم بنكباتها وتحاول ترميم تصدّعاتها وانهياراتها وتعود إلى طبعها بسيارة مفخخة هنا وقذيفة هاون ومدفع جهنم هناك، بحالة من الهستيريا لم ولن تغيّر موازين القوى ولن تلوي ذراع جيشنا ولن تطيل عمر إرهاب بات مهزوماً ومصيره محتوم وخياراته محدودة وطرقه مسدودة وأيامه وساعاته معدودة وتحركاته وأنفاسه مرصودة، ولن تفيده الأسلحة العلنية والسرية، ولا الوصفة السحرية من روبرت فورد عرّاب الإرهاب وقائده من جوبر إلى حماه إلى اسطنبول والدوحة، وصولاً إلى جنيف، وهو الذي دعاه إلى التسلّح وبرّر انسحاباته التكتيكية وضبط توقيت ساعات أصفاره التي لا تعدّ وتحصى، وها هو اليوم يضع خطته البديلة وخلطته السحرية ليقول إنه إرهاب متطرف بعدما وقّع بحافره على جبين «داعش» و«النصرة» وملحقاتها من «الجيش الحر» و»جبهة ثوار سورية» و«حركة حزم» بأنها ثورة القرن الواحد والعشرين، والآن يدعو عليها لأنها خذلته ويدعوها أيضاً إلى معالف الاعتدال الأميركي لتجترّ وهماً جديداً.
إنه الواقع كما هو… إرهاب يفقد اتزانه ويفشل في محاولاته ومعاركه في إعادة التوازن أمام جيش سوري أبيّ يُمسك بناصية الميدان ويرجح كفة الميزان لأربع سنوات وكأنّ لسان حاله يقول: الآن بدأنا والآتي أعظم.