موسكو 2: ترحيب الأسد ومقاطعة الائتلاف… واستعدادات لمعركة القلمون حزب الله: سنصل إلى رئيس يحفظ المقاومة… وحردان للتنسيق بين الجيشين

كتب المحرر السياسي:

دفعت السعودية اليمن نحو المواجهة المفتوحة بإغلاق الطريق أمام تسوية متوازنة، وإصرارها على تركيع الحوثيين، وافترضت أن بياناً عن مجلس الأمن يبدي الخشية من الحرب، أو يضغط لانسحاب الحوثيين من المدن ومطالبتهم بالاعتراف بمنصور هادي رئيساً سيغير موازين القوى، بينما بدا السياق الذي تسلكه سورية ويسلكه العراق، على رغم المشقة والتضحيات قد بات واضحاً، فآخر الرهانات على ابتزاز سورية والعراق كان تنظيم «داعش»، الذي وضعت واشنطن حوله هالة ومهابة جعلت الحرب عليه أقسى حروب العالم وأطولها زمناً، فأظهرت الضربات التي تلقاها التنظيم من حربه الفاشلة في عين العرب على الحدود التركية السورية، أمام لجان الحماية الكردية، وخسارته أكثر من خمسين قرية وبلدة في دير الزور والحسكة أمام الجيش السوري وتحالف العشائر، وصولاً لخسارته المدوية في العراق أمام الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي، لتدفع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية سي آي أي جو برينان للقول إن «داعش» يتقهقر في سورية والعراق، وإن خطه الصاعد قد توقف منذ شهور، وإن الخط الهابط يبدو متواصلاً بتتالي الخسائر التي تلحق به منذ شهور ويخسر عبرها المزيد من المواقع والمناطق.

السياق الواضح لسورية، يشجع الروس على المضي في دعوتهم للحوار، وموعد موسكو 2 في مطلع نيسان المقبل، لكن العقبة الرئيسية تبدو بالموقف المتشدد للائتلاف المعارض الذي كانت تراهن موسكو على تشكيل مجموعة ضغط داخله تدعو للتعامل إيجاباً مع الحوار، ولو بحد أدنى يتمثل بترك الحرية لأعضائه في قرار المشاركة أو عدمها، بينما أكد الرئيس السوري بشار الأسد حرص سورية على مواصلة العمل لإنجاح الجهود الروسية لعقد الجولة الثانية من الحوار السوري السوري في موسكو. وخلال استقباله المبعوث الخاص الروسي عظمة الله كولمحمدوف والوفد المرافق له، أكد الرئيس الأسد أن الخطوة الأهم في تحقيق ذلك هي الاتفاق على جدول أعمال يحدد منهجية العمل وأسس الحوار والآليات الكفيلة بتحقيق أهدافه، مشيراً إلى ثقة الحكومة والشعب في سورية بالقيادة الروسية وبجهودها الحثيثة لإيجاد حل في سورية على رغم المعوقات التي تضعها بعض الدول الإقليمية والغربية في طريق إيجاد ذلك، خصوصاً ما يتعلق بمواصلة دعمها للتنظيمات الإرهابية.

وقالت مصادر روسية إن مراجعة ستجرى للاتصالات التي أجراها الموفدون الروس، لتقييم النتائج المرتقبة من الجولة الثانية، التي يفترض ألا تكون نسخة مكررة عن الأولى، سواء لجهة الحضور أو جدول الأعمال، أو مستوى المشاركة، وربما يجري التعويض عن عدم حدوث اختراق واسع في موقف الائتلاف، بسبب الضغط التركي والسعودي، بالسعي لرفع مستوى التمثيل بوفدين أساسيين من الحكومة والمعارضة المشاركة، وجرى التداول بالتباحث مع القوى المعارضة باقتراح ترؤس حسن عبد العظيم الوفود المعارضة وحضور ممثل عن الحكومة السورية في هذه الجولة برتبة وزير، ما لم يصل التقييم إلى البحث بتأجيل الجولة الثانية لشهر أيار المقبل.

لبنانياً على إيقاع التهيّؤ لمخاطر حرب القلمون، والاستعدادات لها على جانبي الجبهة، سواء من الجهة اللبنانية أو السورية، أو الوسط الذي يحتله مسلحو «داعش» و»النصرة»، تصاعدت المواقف المطالبة بالتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري، وتصدّرها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الذي رأى في مناسبة ذكرى ميلاد مؤسّس الحزب، أنّ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب هي بناء جيش قوي وقادر، بينما كان ضغط الاستحقاق الرئاسي، باباً لموقف من حزب الله، يبشر بالثقة بملء المركز الرئاسي بمن يحفظ خيار المقاومة.

محلياً، تسود حال الترقب والحذر جبهة الجرود في السلسة الشرقية، في ظل الأجواء العسكرية المتوترة بين الجيش اللبناني وتنظيم «داعش» منذ فترة في تلك المنطقة.

وفي حين يؤكد أكثر من مصدر أن المواجهة باتت قريبة، إلا أنه لم يحدد نطاقها حتى الآن في شكل نهائي، لجهة أن تكون ضيقة ومحصورة بعرسال ورأس بعلبك والقاع مع محاولة تمدد لـ«داعش» بسيط نحو الجنوب، أو أنها ستتوسع شرقاً باتجاه القلمون وغرباً باتجاه الداخل اللبناني.

«داعش» يريد السيطرة على المنطقة

وتحدثت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن المعلومات المتوافرة تشير إلى «أن تنظيم داعش يريد أن يمتلك السيطرة على المنطقة وجعلها قاعدة ثابتة له وتحويلها إلى ملجأ آمن وقاعدة لوجستية».

ولفتت المصادر إلى «أن معركة داعش قد تكون على مرحلتين: الأولى في وجه التنظيمات المسلحة العاملة في القلمون وفي جرود عرسال، لا سيما أن الفصائل المسلحة باتت تخشى من داعش وتحاول إما الالتحاق به أو الخروج من الميدان باستثناء جبهة النصرة، ولذلك قد تنحصر المواجهة أخيراً بين داعش والنصرة التي لا يبدو في الأفق أنها ستخرج من القلمون أو تلتحق بداعش. أما الثانية، فستكون في مواجهة الجيشين اللبناني والسوري وحزب الله، لا سيما أن التسريبات تشير إلى احتمالين: الأول، أن يبادر داعش إذا نجح في خطته في المرحلة الأولى إلى الهجوم على مراكز الجيشين اللبناني والسوري لتوسيع مناطق نفوذه. والاحتمال الثاني أن تبادر القوى العسكرية على جانبي الحدود بتنسيق أو من دون تنسيق ببدء الهجوم التطهيري للمناطق من داعش».

وعلى خط مواز، أشارت مصادر مطلعة على ملف العسكريين المخطوفين لـ«البناء» إلى أن «المفاوضات مع تنظيم داعش مقفلة كلياً، في حين أن التفاوض مع جبهة النصرة يشهد تقدماً»، مشيرة إلى احتمال مرتفع «أن يتم التبادل بين العسكريين المختطفين لديها والموقوفين في وقت ليس ببعيد».

«زيارة أمنية» للمشنوق إلى واشنطن

ووسط هذه الأجواء، توجه إلى واشنطن في زيارة تستمر أربعة أيام، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يرافقه عضو «كتلة المستقبل» النيابية باسم الشاب، ووفد أمني مؤلف من كبار ضباط قوى الأمن الداخلي وعدد من مستشاريه، ويناقش خلالها، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، موضوع «محاربة الإرهاب وحماية لبنان من الحرائق المحيطة به، والمساعدات التي يمكن للولايات المتحدة الأميركية تقديمها للبنان والأجهزة الأمنية اللبنانية، خصوصاً لناحية تطوير القدرات التقنية للأجهزة الأمنية وتدريبها». وستتضمن الزيارة لقاءات للمشنوق، أبرزها مع نظيره وزير الأمن الداخلي الأميركي جيه جونسون، إضافة إلى لقاءات ذات طابع أمني، و»هي تشكل جزءاً مهماً وأساسياً من زيارة وزير الداخلية إلى واشنطن، حيث سيلتقي مدير الـ FBI جيمس كومي، ومدير وكالة الاستخبارات الأميركية CIA جون برينن، ومدير الاستخبارات القومية جايمس كلابر».

وكان المشنوق أكد خلال لقاء مع خبراء وباحثين من مراكز عالمية للدراسات والأبحاث السياسية في شؤون الشرق الأوسط ولبنان،

أن «الحوار مع حزب الله متقدم، لكن موضوع انتخاب رئيس للجمهورية، هو موضوع إقليمي»، معتبراً أن «الحوار لا بد أن يشكل مدخلاً لمنطق التسوية، ولكن يجب أن يواكبه وضع إقليمي».

في الشأن السياسي، يعقد مجلس الوزراء جلسة الخميس المقبل للبحث في جدول أعمال من 50 بنداً أبرزها موضوع الأساتذة المتعاقدين، كما يعقد مجلس الوزراء الأربعاء في الأول من نيسان لمناقشة الموازنة العامة التي أعدتها وزارة المالية ووزعت على الوزراء للإطلاع عليها.

التعيينات الأمنية

وفيما بحث رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ووزير الخارجية جبران باسيل في موضوع التعيينات الأمنية، أكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» «أن حزب الكتائب يعطي رأيه في التعيينات الأمنية قبل 23 من حزيران المقبل وهو موعد إحالة عدد من كبار الضباط في قوى الأمن والجيش على التقاعد ، في اجتماع المكتب السياسي». وأشار قزي إلى «أن حزب الكتائب منفتح على كل الاقتراحات»، معتبراً «أن رفع سن التقاعد تحدده وزارة الدفاع مع قيادة الجيش وفقاً للضرورات». وشدد على «أن الثابت الوحيد عند حزب الكتائب استقرار المؤسسة العسكرية وعدم تسييس التعيينات فيها».

حردان: لتغليب التلاقي على التصادم

من جهة أخرى، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أنّ «ألف باء تحصين لبنان من تداعيات الخطر تتمثل في وضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الصغرى والحسابات الخصوصية، وفي تغليب التلاقي على التصادم وفي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مؤتمن على الدستور وعلى ثوابت لبنان وخياراته، وفي تفعيل عمل مؤسسات الدولة الجامعة الموحّدة بين اللبنانيين، بما في ذلك تفعيل العمل الحكومي بما يحدّ من مسبّبات إصابة البلد بالشلل والموت والاهتراء».

وأشار حردان في كلمة له خلال عشاء أقامه الحزب «القومي» بمناسبة الأول من آذار مولد الزعيم أنطون سعاده، ومساهمة في بناء «دار سعاده الثقافية والاجتماعية»، في فندق «الحبتور سن الفيل»، وحضره حشد من الشخصيات والفاعليات والأصدقاء، إلى «أن قيامة لبنان المُعافى مشروطة بقيام دولة مدنية ديمقراطية غير طائفية ومذهبية، وبمؤسّسات فاعلة ومنتجة، تعمل وتخطط وترسم مسارات مستقبلية بعيدة كلّ البعد عن ثقافة التفتيت المذهبي حتى لا تقع فريسة المخططات المعادية المستهدفة وحدة بلادنا وشعبنا، في ترسيخ معادلة الجيش والشعب والمقاومة وفي علاقات قومية مميّزة بين لبنان وسورية. ولا يخالفنا أحد في هذه القناعة، إلا الذين صاروا جزءاً من منظومة الحرب الإرهابية على سورية ولبنان والمنطقة».

وجدّد حردان المطالبة باستراتيجية لمواجهة الإرهاب قبل فوات الأوان. وألف باء هذه الاستراتيجية وحدة اللبنانيين حول مواجهة هذا الإرهاب بعيداً من أي تبرير لهذا الإرهاب وجرائمه». وطالب الحكومة اللبنانية بالتنسيق مع الحكومة السورية في الملفات الأمنية، وفي غيرها، من الاتفاقات الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز حياة المواطنين واستقرارهم.

واعتبر «أن ّ الضرورة الوطنية تتطلب أن يكون الجيش اللبناني قوياً وقادراً. قوياً في مواجهة «إسرائيل» وقِوى التطرف، وقادراً على صون أمن البلد وحماية الاستقرار والسلم الأهلي. وحتى يكون كذلك يحتاج إلى تسليح نوعي وفق حاجاته هو وليس وفق اعتبارات الأمن «الإسرائيلي». ونحن نتطلع إلى إزالة «الفيتو» عن عروض التسليح غير المشروط، وطالب بـ«أن تطلق يده لتنسيق عملياته مع الجيش العربي السوري البطل بُغية القضاء على الإرهاب في سلسلة جبال لبنان الشرقية».

حزب الله: سنملأ الشغور الرئاسي بمن يحفظ مسار المقاومة

من جهته، أكد حزب الله على لسان قيادييه «أننا سنصل إلى ملء الشغور الرئاسي بمن يحفظ المسار الوطني للمقاومة والنهوض وللأمن والاستقرار الداخلي والصمود والسيادة والحرية والاستقلال وبمن لا يملك قدرة على تعطيل هذا المسار».

ولفت إلى «أننا قدمنا وجهة نظرنا، وطرحنا مرشحنا وبقي على الطرف الآخر أن يتأمل ويتدبر ويفكر ويقرر»، مؤكداً «أن المقاومة في لبنان استطاعت أن تصنع المعجزات وتغير موازين القوى وترسخ معادلات جديدة وتغير قواعد اللعبة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى