اكتمال عقد الـ5+1 مع إيران على مستوى الوزراء… تمهيداً للتوقيع اليمن يتأقلم مع غارات الـ10+2… ولبنان يتلعثم تحت الضغط السعودي
كتب المحرر السياسي:
لم يكن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل يقصد الفضيحة عندما انفجر غاضباً من رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القمة العربية، بعدما سمع الكثيرون بالرسالة من تعليقاته وراحوا يفتشون بين السطور عن سبب الهستيريا التي أصابت الفيصل وكادت تسبّب له عارضاً صحياً، فلم يجدوا إلا كلاماً منسوخاً من قرارات الأمم المتحدة، حول حلّ سلمي للنزاعات في سورية واليمن وليبيا، والدعوة إلى قيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس، والتحذير من خطر الإرهاب. لكن الفضيحة وقعت، فالقمة ليس لديها عدو، إلا من يذكرها بفلسطين، بعدما باعت آخر بقايا حياء كان يستوطن بياناتها، وجاءت كلمات الرئيس الروسي تقع في المحظور، فمن يريد في هذه اللحظة تذكيراً بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس أيضاً!
أحسّ الفيصل أنّ الرئيس بوتين يقول للمجتمعين في شرم الشيخ أنتم تكذبون ببياناتكم عن فلسطين، وإلا فلماذا لا تقولون دولة كاملة السيادة وقابلة للحياة، فانفجر غاضباً، ولم يتمكّن من أن يمسك نفسه، وفضح الهوان المصري الذي يتباهي بالتقاليد الديبلوماسية العريقة، فما تجرأ لا وزير ولا رئيس ولا مدير مراسم لتصحيح الخطأ، ليعتذر من الرئيس الروسي الذي وقعت مع حكومته حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقوداً للتعاون واتفاقيات عدة ويوم توجهت مصر يتيمة وحيدة تطلب دعماً للثأر لدماء بنيها من «داعش» بحرب على الإرهاب في ليبيا، وتخلت عنها دول الخليج لم تجد إلا روسيا تلبّي نداءها، فتكون الفضيحة الأقوى للدولة المضيفة التي لو أخطأ غير صاحب المال السعودي لما صمتت.
حال الفضائح العربية في القمة، لم ينتبه لها العالم، الذي انشغل عنهم بما يجري في لوزان بسويسرا، والمدى الذي بلغته المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، بتصريحات متطابقة ومعلومات متقاطعة من المتفاوضين حول الاقتراب من بلوغ خط النهاية نحو الاتفاق.
تحوّل اجتماع الخمسة زائداً واحداً إلى مستوى الوزراء، وحضور الوزير الروسي سيرغي لافروف ليل أمس، أشار إلى صحة ودقة هذا الاقتراب، بعدما كانت أوساط مقرّبة من لافروف قد أعلنت أنه لن يتمكن من الذهاب إلى لوزان، ما لم يصل التفاوض إلى نقطة تستدعي الحضور.
فور وصوله التقى لافروف بالوزير الأميركي جون كيري، والتحقا معاً بالاجتماع الموسع الذي يضمّ وزراء خارجية إيران وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا، وكل شيء يشير إلى أنّ الثلاثاء سيكون موعد التوقيع على التفاهم التاريخي.
فيما العالم منهمك بالحدث التاريخي، كان الحكام العرب منهمكون في صناعة الأكاذيب كالعادة بإقناع أنفسهم بانتصارات وهمية في حروبهم الفاشلة، فيتحدثون عبر قنواتهم المموّلة من النفط العربي والمموّهة بشعارات الحرية والديمقراطية، عن تدمير وتفجير وإصابة ومنع وردع ومن دون انتباه يأتون بضيف من عدن فيقول لهم إنّ مواقع منصور هادي محاصرة وقوات الحوثيين تتقدّم نحوها، فقد تأقلم الحوثيون ومن معهم من وحدات الجيش اليمني مع الغارات التي يشنها تحالف العشرة زائداً اثنين، بعدما تكشفت هجمات «جبهة النصرة» جنوب وشمال سورية من أراضي دولتي التحالف الأردن وتركيا، أنّ الهجوم تمّ بنقل وحدات «النصرة» التي كانت تستعدّ في معسكرات «إسرائيلية» لتنفيذ خطة الحزام الأمني الذي أعلنته «إسرائيل» هدفاً لغارة القنيطرة وردعتها عن المضيّ فيه عملية مزارع شبعا، فصارت «إسرائيل» و«القاعدة» العضوين غير المعلنين في التحالف.
«القاعدة» حليف شريك وحيد في اليمن للسعودية وحلفائها، يستثمر الغارات بالتنسيق مع غرفة العمليات لمهاجمة المواقع التي يستهدفها القصف الجوي، ويقدّم الإحداثيات لسلاح الجو السعودي، كما «النصرة» فرع «القاعدة» في سورية هي الحليف الوحيد، كما نصرة «الإخوان المسلمين» في ليبيا واليمن وسورية مهمة مشتركة للتحالف، ودائماً على حساب كرامة مصر ومهابتها وأمنها.
لبنان اللاهث حكومياً لنيل الرضا السعودي يتلعثم، بين بحثه عن تفاهم إقليمي يسهّل ملء فراغه الرئاسي، يراه قد صار بعيد المنال بعد القمة وحروبها، وبين انقسام داخلي يخشى تبعاته على الاستقرار في ظلّ ضغوط سعودية متزايدة، على الفرقاء التابعين للسياسة السعودية لتصعيد الهجوم على حزب الله.
استمر الحدث اليمني مسيطراً على الداخل اللبناني سياسياً لكن من زاوية إيجابية هي التمسك بالحوار حفاظاً على الاستقرار على رغم غيظ المعرقلين، على ما أكد حزب الله. كذلك على رغم عاصفة الردود العنيفة للسعودية وللدائرين في فلكها من قوى 14 آذار، على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي طليعة هؤلاء السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري.
ورأى عسيري أن الخطاب «عبر عن ارتباك لدى الجهات التي يمثلها، وتضمن الكثير من الافتراء والتجني في حق المملكة، إضافة إلى الكثير من المغالطات». ورأى «أن اللبنانيين يحمّلون حزب الله وحلفاءه والجهات الإقليمية التي تدعمهم مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية».
حزب الله مستمر في الحوار
لكن حزب الله تجنب الردود، مؤكداً تمسكه بالحوار مع تيار المستقبل على رغم معرقليه. وتوجه إلى هؤلاء بالقول: «موتوا بغيظكم، سنستمر في الحوار ولو لم يعجبكم»، مشدداً على «أننا سنستمر بكل عمل يؤدي إلى الاستقرار ولن ندعكم تخربون هذا الاستقرار».
واعتبر «أن اختيار رئيس للجمهورية قضية مفصلية في لبنان ومهمة جداً، وخيارنا منطقي وشعبي ووطني وينسجم تماماً مع كل القواعد التي تتحدث عن حسن تمثيل الرئيس للواقع القائم»، لافتاً إلى أن «من يعيق انتخاب الرئيس هو وجود جماعة ينتظرون فك الحظر الخارجي عن الرئيس الشعبي الجماهيري الذي يستحق أن يكون في سدة الرئاسة». ودعا هؤلاء إلى «أن يعودوا إلى ضمائرهم وأن يحكموا المصلحة الوطنية على مصالح بعض الدول الإقليمية لنسرع في انتخاب الرئيس».
سلام تحت المظلة
وفي ظل الأجواء اليمنية التي خيمت على القمة العربية في شرم الشيخ أول من أمس، زاوج رئيس الحكومة تمام سلام في كلمته بين تأييد الحملة العسكرية على اليمن وبين حياد لبنان عن الصراعات الإقليمية.
وقال سلام إن لبنان «وانطلاقاً من حرصه على دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وعلى الإجماع العربي ووحدة جميع البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييده أي موقف عربي يحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسك نسيجه الاجتماعي».
وبرر للسعودية عدوانها على اليمن بأن «الصراعات السياسية، مدفوعة بتدخلات خارجية» في هذا البلد، أدت «إلى نشوء حالة من الفوضى الأمنية والسياسية، باتت تهدد ليس فقط وحدة اليمن كوطن والدولة اليمنية ككيان سياسي، بل باتت تشكل خطراً فعلياً على الأمن في هذه المنطقة العربية الاستراتيجية».
وأضاف: «هذا الواقع، حدا بالمملكة العربية السعودية، تلبية لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إلى قيادة تحالف عسكري عربي وإسلامي للحؤول دون تفاقم هذا الخطر، ولتثبيت الشرعية وإعادة الأوضاع في اليمن إلى نصابها الطبيعي».
وإذ أكد حرص لبنان الدائم «على المصلحة العربية العليا وتضامننا مع أشقائنا العرب في كل قضاياهم المحقة»، دعا إلى «تحييد لبنان عن كل الصراعات الإقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني».
كما أعلن تأييد لبنان لـ«إنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب وصون الأمن القومي العربي».
والتقى سلام على هامش القمة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل وعرض معه التطورات في اليمن والمنطقة.
بدوره، أكد وزير الخارجية جبران باسيل أن «همنا الأول هو حماية مصلحة لبنان»، مشيراً إلى أنه «إذا كان هناك إجماع عربي حول موقف معين فإننا مع هذا الإجماع، وموقف رئيس الحكومة كان بالتنسيق مع الوزراء».
ولفت في مقابلة مع تلفزيون الجديد ضمن برنامج «الأسبوع في ساعة» مساء أمس، إلى أن «موقفنا يقول بأن لبنان مع دعم أي شرعية»، مشيراً إلى «أن لهذه المواقف تأثيراً على لبنان».
ولفت إلى أن الدول التي تدعي إلى تشكيل هذه القوة متأكدة أن الحل في اليمن هو حل سياسي وليس عسكرياً، مشدداً على أنه «لا يمكن أن يكون موقفنا متناقضاً وأن يكون في مكان ما مع الشرعية وفي مكان آخر ضد الشرعية».
في الأثناء استمرت المواقف المؤيدة والرافضة للتدخل العسكري في اليمن، وأبرز هذه المواقف كان لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي أعلن أننا «مع اتفاق العرب بإنشاء قوة عربية مشتركة للدفاع عن الأمن القومي العربي»، وقال: «نحن مع المحافظة على سيادة الدول العربية، وعلى حلّ لخلافات في ما بينها بالحكمة والموعظة والوسيلة السلمية، التي يمكن أن تجنب إراقة الدماء، لكننا أيضاً مع الحزم ليس عاصفة واحدة العواصف لحماية مقدرات العرب والأمن العربي»، معتبراً أنه «في اليمن رفضوا المبادرة السلمية فكان القرار الحازم».
ورقة النيات في مراحلها الأخيرة
أما في الشؤون الداخلية، فقد استمرت عجلة الحوارات على حالها. وعلى هذا الخط باتت ورقة إعلان النيات بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، في مراحلها الأخيرة. وفي السياق، أعلن أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان «أننا قطعنا شوطاً كبيراً في الحوار مع القوات ووصلنا إلى عتبة إعلان نيات تشمل أكثر من 17 بنداً تتمحور حول وضع المسيحيين ومسائل سيادية وصولاً إلى الأمور المتعلقة بلبنان».
أما الخطوة التالية، بحسب أوساط سياسية فستكون إعداد ورقة اللقاء بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، تمهيداً لتحديد مكان وزمان اللقاء.
«داعش» يقتل مخطوفاً
أمنياً، واصل تنظيم «داعش» جرائمه بحق أهالي عرسال وآخرها نشره أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعي أحد عناصر «داعش» يحمل رأس يونس الحجيري الذي اختطف في 19 كانون الثاني الماضي، مقطوعاً عن جسده في حين أفيد عن مقتل اللبناني م. خ في إدلب أثناء خوضه المعارك إلى جانب المسلحين، وهو من سكان منطقة الضنية.
ومساء انفجرت قنبلة في منطقة القبة – محيط مشروع الحريري، ما أدى إلى سقوط جريح وتضرر عدد من الواجهات.
في غضون ذلك، واصل الجيش اللبناني تعزيز مواقعه على السلسلة الشرقية في إطار الإجراءات الاستباقية التي يتخذها الجيش في الجرود، من أجل بسط سيطرته على معظم التلال الاستراتيجية الكاشفة على الداخلين اللبناني والسوري. فيما نبه حزب الله إلى أن الجماعات الإرهابية تستعد لشن هجوم على الجيش وقرى بقاعية بعد ذوبان الثلوج في تلك المنطقة.