نصرالله : للسعودية كفى… ولسورية شكراً
كتب المحرر السياسي:
مع اليوم الأول من الأسبوع الأخير من الشهر الأول للحرب السعودية على اليمن، ارتسم مع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المخصص للتضامن مع الشعب اليمني، خط بياني، للمهل الممنوحة للسعودية لاستخلاص معاني المراوحة في المكان، التي تغرق فيها حربها، حيث الحلفاء الكبار صاروا خارج الحرب، من باكستان المنتقلة للحياد، إلى تركيا الواقفة إعلامياً مع السعودية وسياسياً مع مساعي البحث عن حل سياسي، كما يصرح رئيسها رجب أردوغان، بالتالي من وراء باكستان وتركيا، موقف أميركي متريث، يستخلص الفشل وينأى بنفسه وبحلفائه الأقربين عن التورط فيه، مع مواصلة تخديم مقتضيات الحرب السعودية، التي لا تحقق إلا الانتصارات الإعلامية في بيانات الإيجاز اليومي والفضائيات والمنابر الممولة من السعودية.
عدن لا تزال بيد الحوثيين، كما أكد السيد نصرالله، والانتشار العسكري للجيش اليمني على حاله، والانشقاقات في الجيش اليمني تعيد للذاكرة ما كانت تبثه الفضائيات نفسها عن انشقاقات في الجيش السوري، تبين في النهاية أنها لا تتعدى شراء بعض الرتب التي عجزت عن ضم مرافقيها إليها وهي تنضم للحرب السعودية.
المشهد الميداني مسقوف بالفشل السعودي، خلاصة حسمها السيد نصرالله، والحوثيون يستمهلون الرد، وما بين أيديهم كاف للقيام بذلك، فالصبر العظيم، كما وصفه مرده، لفتح الباب أمام اقتناع سعودي يبدو متأخراً وفقاً لكلام السيد، بأن لا جدوى من مواصلة الحرب، ولا أمل يرتجى من تحسن أوضاع الميدان لصالح أهداف الحرب، سواء لجهة تثبيت منصور هادي، الرئيس المستقيل والمنتهية ولايته، وهو ما يبدو أن السعودية تقتنع باستحالته عبر الاستعانة بتعيين رئيس الوزراء السابق خالد بحاح نائباً للرئيس، وتهيئته لدور مستقبلي مفتوح على فرص التسويات السياسية، أو لجهة فرض السيطرة على المدن الرئيسية في اليمن لصالح حلفاء السعودية، خصوصاً عدن وصنعاء، وهو ما يبدو صعب المنال، والأمل بتحققه يضعف كل يوم.
الواضح من خطاب السيد نصرالله، أن المهلة ليست مفتوحة، وأن للصبر العظيم حدوداً، وأن الطمع بالمال السعودي لممارسة فضيلة الصمت لم يعد مقبولاً، داعياً كل من في العالمين العربي والإسلامي إلى صرخة «كفى» للسعودية، لوقف الحرب العبثية التي لا جدوى منها، ووقف احتضان الجماعات التكفيرية التي كانت من ثمار الفكر الوهابي الحاكم في السعودية، ملتفتاً نحو الذين يراهنون مسترعين منذ البداية على نصر عاصفة الحزم، سواء في لبنان أو خارجه، بالدعوة لتذكر ما قالوه في حرب تموز 2006، وما راهنوا عليه في سورية، التي بنوا حساباتهم المتسرعة على سقوطها، وهو السقوط الذي لو حدث لتغير وجه المنطقة لحساب «إسرائيل»، ليرسم السيد نصرالله معادلة «شكراً لسورية» مجدداً كما في الثامن من آذار 2005، لأن صمودها هو الذي حفظ خط المقاومة، ومنع من سيطرة التكفير وانتشار المذابح والفتن.
في لبنان، ثنائية تبدو مرشحة للاستمرار، تصعيد في الاصطفاف على ضفتي حرب اليمن، كما في بدايات الحرب على سورية، مع فارق الحرص المتبادل على مواصلة الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل، من جهة، وتحصين العمل الحكومي والوضع الأمني كي لا يتأثرا سلباً بمناخ التصعيد السياسي والإعلامي، بينما تصدر المشهد الحكومي، التعثر في ملف الموازنة، وفي المشهد الأمني تقدمت قضية العسكريين المخطوفين خطوة إلى الأمام على رغم الضباب الكثيف الذي تنثره تصريحات «جبهة النصرة» السلبية تجاه التفاوض، بعدما أعلن المدير العام للأمن العام أمام وفد نقابة الصحافة أن التفاوض يتقدم وأن طريق الحل يبدو سالكاً.
الرد اليمني بات قطعياً
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنّ «اليمنيين لم يذهبوا حتى الآن إلى خياراتهم الحقيقية ولم يقوموا بأية خطوة بعد، والشعب اليمني يرتب أموره الداخلية من دون أن يتحرك أمام السعودية التي وصلت إلى آخر الخط، وهناك بعد العملية البرية، فهل لدى السعودية القدرة على ذلك»؟
وشدّد خلال كلمة له في «مهرجان التضامن والوفاء وصرخة الحق في وجه السلطان الجائر» على أنّ هناك فشلاً معنوياً وتهيّباً من الاستحقاقات المقبلة لدى السعودية والحرب الجوية لا يمكن أن تشكل ردعاً، مشيراً إلى أنّ الجيش السعودي أنفق عليه مليارات الدولارات، وعندما أتى وقت الجدّ في مقابل شعب معروف في إمكاناته وظروفه فهو يخاف الدخول في حرب ضدّ هذا الشعب».
ولفت إلى «أنّ عاصفة الحزم تستخدم نفس المنطق الإسرائيلي في غزة لتبرير ارتكاب مجازر في اليمن، فالحصار والقتل والحملة الإعلامية في اليمن تشبه ما جرى في حرب تموز عام 2006».
وشكر سورية لعدم خضوعها أمام الجماعات التكفيرية، ولفت إلى أنّ الإيرانيين سعوا منذ سنوات إلى الحوار مع السعودية ولكن السعودية هي التي تكابر لأنها تعتبر نفسها فشلت في سورية والعراق ولبنان وتريد البحث عن نجاح قبل الذهاب نحو التفاوض وذلك عبر قتل الشعب اليمني وسحق عظام المدنيين».
ونصح السيد نصر الله «بعض الناس في لبنان أن لا يحتفلوا بنصر عاصفة الحزم من الآن وأن لا يتسرّعوا في الحسابات بل أن ينتظروا وقد راهنوا على سقوط النظام في سورية بعد شهرين وهذه السنة الخامسة، وفي نهاية المطاف كما في المسألة السورية أيضاً في المسألة اليمنية أن يحتفظ كل منا برأيه مع المحافظة على الأخلاق وأن نعمل سوياً وأن نحيّد لبنان وعدم نقل الصراع في الموضوع اليمني إلى لبنان».
ثقة مطلقة بهزيمة السعودية
وفي السياق، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أنّ السيد نصر الله عرّى السعودية تعرية غير مسبوقة منذ إنشاء هذه الدولة». وأوضح لمن لا تزال الغشاوة على عينيه، حقيقة الدور السعودي في الحرب الأهلية اللبنانية منذ أربعين عاماً، حين كانت الرياض تدفع الأموال لكلا الفريقين ليتقاتلا ويدمّرا لبنان، الأمر الذي فتح لها الباب لدخول بيروت.
وذكر السيد بشكل موضوعي وموثق، بدور الرياض في سورية وما اقترفته من قتل ودمار، وفي العراق من اجتثاث التاريخ، وصولاً إلى جرائمها في البحرين واليمن.
وأشارت المصادر إلى «أنّ السيد نصر الله لم يفصل في موضوع قرار مجلس الأمن كثيراً، لكنه أرسل برقيات سريعة حول المسارات المستقبلية للأزمة اليمنية، وبدا واضحاً في مواقفه أنه لا يثق بمجلس الأمن، ولا يثق بجدوى الاستمرار في القصف الجوي، وبعقم التفكير بالحرب البرية».
ولفتت المصادر إلى «أن السيد نصر الله أبدى ثقة مطلقة بالشعب اليمني، وحرص على نصح السعودية أن توقف عدوانها حقناً للدماء، متوقعاً أن ترضخ للمفاوضات بغير شروطها وأن تعود إلى رشدها لا سيما أن الخليج على عتبة التحولات، لكنه رأى أن ذلك ليس قريباً».
ولفتت المصادر إلى أنّ السيد نصر الله أعاد تأكيد تحييد لبنان وعدم نقل النار إليه، ودعا 14 آذار إلى عدم بناء مواقفهم على أوهام، وذكرهم بمواقفهم من الأزمة السورية ومن حرب تموز».
الحريري: نصر الله على خطى خامنئي
ولم يكد السيد نصر الله ينهي خطابه حتى انتفض رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مغرّداً عبر تويتر: «إنّ الأمين العام لحزب الله على خطى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي». وأكد أنّ التصعيد المتواصل لحزب الله لن يستدرجهم إلى مواقف تخلّ بقواعد الحوار والسلم الأهلي. وقال: «إذا كانت وظيفتهم تدفعهم للتضحية بمصالح لبنان كرمى لأهداف الحوثي، فإنّ المسؤولية تفرض علينا عدم الانجرار وراء ردود أفعال مماثلة».
الكتائب لم نراهن على سقوط النظام السوري
في المقابل أكد مصدر قيادي بارز في حزب الكتائب لـ«البناء» أن الكتائب لم يراهن يوماً على سقوط النظام السوري، وفي الوقت نفسه لم يراهن على انتصاره». وشدد المصدر على «أننا لا نعتبر كلام السيد نصر الله على بعض الناس في لبنان أن لا يحتفلوا بنصر عاصفة الحزم من الآن وأن لا يتسرعوا في الحسابات»، موجهاً لنا على الإطلاق».
الوطني الحر لن يتراجع عن موقفه والاستقالة ليست بعيدة
وفي الشأن المتصل بالموازنة، بدأ وزير المال علي حسن خليل أمس لقاءاته مع رؤساء الكتل السياسية لمعرفة مدى استعدادها للموافقة على تضمين الموازنة تكاليف السلسلة على أن يحمل الإجابة لمجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، واستهلها بلقاء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في حضور رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان. كما زار خليل رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة. ولفت خليل إلى «السيناريوات المفترضة، ومنها، ضم كلفة سلسلة الرتب والرواتب إلى مشروع الموازنة والتزام إقرار هذه السلسلة في الجلسة نفسها المخصصة لمناقشة الموازنة».
وأوضحت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أن العماد ميشال عون لن يتراجع عن موقفه الرافض بقوّة التمديدَ للقادة العسكريين والأمنيين تحت أي ظرف»، لافتة إلى حركة اتصالات واسعة تجري داخل التيار ومع المعنيين لاتخاذ القرار المناسب الذي لن يكون بعيداً عن الاستقالة في حال تم السير بالتمديد».
وإذ أشارت المصادر إلى «أن فريق 8 آذار لم يحدد قراره من ملف التعيينات». رأت «أن ما ينطبق على رفض «التيار الوطني الحر» التمديد لمجلس النواب ينسحب على موضوع التمديد للقادة الأمنيين». وأكدت المصادر «أن الأمر ليس شخصياً مع أي من القادة الأمنيين وأن تصوير المسألة أن العماد ميشال عون يريد العميد شامل روكز قائداً للجيش هو تشويه للصورة على رغم أن روكز هو ضابط كفوء وله الحق في هذا المنصب».
48 صاروخ ميلان
إلى ذلك، يتسلم الجيش بعد غد الاثنين في القاعدة الجوية في مطار بيروت الدولي، 48 صاروخاً من نوع «ميلان» مضادة للدروع من ضمن هبة الثلاثة مليارات دولار. وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» «أن فرنسا شطبت بالكامل، بناء على الرفض الإسرائيلي قائمة الأسلحة المقدمة من قيادة الجيش والتي تشمل منظومة رادار تغطي كل مساحة لبنان وصواريخ دفاع جوي كروتال وصواريخ للمستويات المتوسطة والمنخفضة، وطيارات من دون طيار قادرة على حمل الصواريخ، وأجهزة اعتراض وتشويش راداري ومنظومة رادارية شاطئية للسواحل تغطي حوالي 30 كلم فوق سطح المياه، وهليكوبتر عادية وحاملة صواريخ ومنظومة أجهزة تمكن لبنان من بناء منظومة قيادة وسيطرة ميدانية ولوجيستية متطورة».
وأكد قائد الجيش العماد جان قهوجي «عدم سماح الجيش للإرهابيين بالتسلل إلى أي قرية أو بلدة لبنانية تحت أي ظرف من الظروف»، مشيراً إلى أن «ورشة تسليح الجيش وتدريبه من خلال مساعدات الدول الصديقة، ناشطة على قدم وساق، وهذا دليل واضح على الثقة الدولية بدور الجيش اللبناني وكفاءته القتالية». وكان قهوجي تفقد الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود الجنوبية في منطقة مرجعيون ومحيطها، حيث جال على مراكزها الأمامية، واطلع على إجراءاتها الدفاعية والأمنية للتصدي لأي اعتداء «إسرائيلي» محتمل، والحفاظ على استقرار المناطق الحدودية.
رومية إلى الواجهة مجدداً
أمنياً، عاد ملف سجن رومية إلى الواجهة مع احتجاز الموقوفين الإسلاميين عدداً من العسكريين في المبنى «د» واندلاع الحريق في الطابق الثاني من المبنى «د»، جراء حرق السجناء الفرش والأمتعة. إلا أن الدفاع المدني تمكّن من إخماد الحريق. وفي السياق أكّدت مصادر أمنية أن الأولوية هي لإطلاق العسكريين على أن يتم في ما بعد معالجة الوضع ككل، مشيرة إلى «أن مجموعة من القوة الضاربة تمكنت من إنهاء حال التمرد حيث عملت على تمشيط المبنى وملاحقة السجناء الذين قاموا بحرق الفرش والأمتعة، وحطموا الكاميرات داخل المبنى». وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق، في تغريدة له عبر «تويتر»، «أن الوضع تحت السيطرة ولن يعود السجن إلى سابق عهده من الفوضى مهما كان الثمن».
النصرة: لا صحة عن أجواء ايجابية في المفاوضات
وفي سياق آخر، قابلت عائلتا العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» سليمان الديراني وعباس مشيك، ابنيهما، يرافقهما الشيخ مصطفى الحجيري. وأكدت زهراء مشيك زوجة عباس مشيك لـ«البناء» أن العسكريين بصحة جيدة»، ناقلة استياءهم من طريقة تعاطي الحكومة مع ملفهم، لا سيما أن 9 أشهر مضت على خطفهم، والحكومة لم تفعل شيئاً لإطلاقهم». ولفتت مشيك إلى «أنهم تبلغوا من عناصر جبهة النصرة أمس أن لا صحة لما يتردد عن أجواء ايجابية لإطلاق سراح العسكريين وان لا مفاوضات على الإطلاق».
في حين وضع رئيس لجنة أهالي العسكريين الرهائن لدى «داعش» و»النصرة» حسين يوسف في حديث إلى «البناء» كلام جبهة النصرة في إطار الابتزاز والضغط على الحكومة، مشيراً إلى «أن وفد من الأهالي سيلتقي النائب وليد جنبلاط والوزير وائل أبو فاعور العاشرة من صباح اليوم في المختارة»، معرباً عن تفاؤله بحركة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والدخول القطري التركي الجديد على خط المفاوضات لترتيب الأوضاع». وكان إبراهيم أكد «أنّ المفاوضات للإفراج عن العسكريين على الطريق الصحيح»، رافضاً تحديد مواعيد لإتمام العملية.