تقرير إخباري باكستان والتزامها سياسة الحياد
ناديا شحادة
السعودية التي كانت تحرص على علاقات جيدة مع باكستان وسعت إلى تطوير علاقاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية مع الأخيرة منذ نشأتها عام 1947، وساندت السعودية باكستان في جميع الأزمات التي مرت بها، فلم تبخل السعودية على باكستان بالمال اللازم لتمويل مشروعها النووي وحصولها على قنبلة نووية، لتداخل المصالح المشتركة في ما بينهما بحسب ما نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، حيث قالت في تقرير لها تعتبر السعودية الجانب الباكستاني عمقاً استراتيجياً لها في آسيا بينما تعتبر باكستان الرياض حليفاً استراتيجياً باعتبارها الدولة السنية الأكبر والأقوى في الخليج، ومع بدأ عملية عاصفة الحزم التي أطلقتها السعودية على الشعب اليمني أعلنت باكستان أنها سترد بشكل قوي على أي تهديد محتمل لوحدة أراضي المملكة العربية السعودية، جاء ذلك من خلال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء الباكستانية في 26 آذار من العالم الحالي وذلك عقب اجتماع ترأسه رئيس الوزراء نواز شريف لمناقشة الأزمة اليمنية.
السعودية التي كانت تراهن على الباكستان كقوى عسكرية وكحليف قوي لها وقت الأزمات، جاء قرارها الذي اتخذه البرلمان الباكستاني في 10 نيسان 2015 بالتزام الحياد في الحرب الدائرة حالياً في اليمن بمثابة صدمة للسلطات السعودية، ويرجح المراقبون أن سبب اتخاذ باكستان هذا القرار يعود لأسباب داخلية وإقليمية. فداخلياً الجيش الباكستاني يقود مواجهات عنيفة مع مقاتلي حركة طالبان الباكستانية إضافة إلى المخاوف من أن يؤدي تدخلها عسكرياً ضد الحوثيين في اليمن إلى اثارة فتنة طائفية ستشعل البلاد ويؤثر هذا القرار في وحدتها الداخلية لتعدد الطوائف فيها، وهذا ما أكدته صحيفة «غارديان» البريطانية في تقرير لها في 10 نيسان 2015، أما إقليمياً فيؤكد المتابعون أن تدخل باكستان قد يؤدي إلى إثارة غضب إيران التي تتقاسم معها حدوداً طويلة مملوءة بالثغرات في منطقة تعاني من تمرد انفصالي. إذ شهدت العلاقة الإيرانية ـ الباكستانية توتراً غير مسبوق مع مجيء حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان في التسعينيات من القرن العشرين، هذه الحركة التي أعلنت عدائها لإيران ولكن مع تشابك المصالح السياسية والاقتصادية بين الدولتين، الأمر الذي أدى إلى تجاوز التوتر الحدودي بتوقيع اتفاق عام 2014، ويدرك الباكستانيون جيداً أن المناوشات الحدودية مع إيران يمكن أن تتخذ مساراً تصاعدياً خطيراً ينبئ بمواجهات شرسة لا تصب في مصلحتهم، وقد أكدت صحيفة «غارديان» في التقرير نفسه أن بعداً إقليمياً آخر يفسر القرار الباكستاني حول التزام الحياد بشأن اليمن، وهو أنها تريد الحفاظ على علاقات جيدة مع جارتها إيران التي تمتاز بأهمية استراتيجية باعتبارها واقعة في منطقة تعد من بين أهم الأقاليم الاستراتيحية في العالم، ونظراً إلى موقعها المميز في جنوب غربي آسيا وتشترك في حدودها مع سبع دول منها باكستان وأفغانستان، حيث استطاعت إيران فرض نفسها كلاعب رئيسي في أفغانستان بعد فترة من اندلاع ثورة الخميني عام 1976، وتعاظم الدور الإيراني مع الانسحاب السوفياتي من أفغانستان وسقوط النظام الشيوعي وبدء مرحلة الصراع بين المجموعات الأفغانية ثم تراجع النفوذ الإيراني إلى حده الأدنى مع ظهور حركة طالبان عام 1996 وتسلمها للحكم في البلاد، وكانت المملكة العربية السعودية من بين الدول التي اعترفت رسمياً بنظام طالبان وتقدم الدعم لها وعند سقوطها عام 2001 عاد نفوذ طهران وأصبحت طرفاً رئيسياً لا غنى عن التفاوض معه حول مستقبل أفغانستان ولكن طالبان ما زال لها امتداد قوي في أفغانستان وتنظر لإيران على أنها معادية كما نظرتها لباكستان.
ويؤكد المتابعون أن باكستان دولة جارة لإيران ولديها مشكلات خطيرة في علاقاتها بأفغانستان والجماعات الإسلامية والولايات المتحدة التي حرصت على عدم التورط بشكل مباشر في الحرب باليمن فمنذ بدء العملية العسكرية لم يتجاوز الدعم الأميركي لعاصفة الحزم تصريحات عدة عن التأييد لحليفة واشنطن الرياض والاستعداد لتقديم الدعم اللوجيستي والاستخباراتي وعملها الميداني اقتصر على تزويد الطائرات بالوقود، فهناك مخاوف يتشاطرها الجمهوريون والديمقراطيون من أن القاعدة هي المستفيد الأكبر من اندلاع الحرب في اليمن التي بنت المملكة رهانات كبيرة على هذه الحرب ولعب الإعلام المحسوب عليها دوراً حاسماً في تضخيم أهدافها التي لم تحقق شيئاً منها إلى الآن، فالمعطيات على الأرض تدل على أن السعودية أوقعت نفسها في مأزق وهي تبحث الآن عن مخرج ليحفظ ما تبقى لها من ماء الوجه، فكان الأحرى بالرياض قبل الإقدام على هذه الحرب أن تتبنى حلاً سياسياً ومخرجاً آمناً ومرضياً لجميع المكونات اليمنية بدلاً من قتل اليمنيين وتدمير وطنهم.