الله ـ الدين ـ الإسلام ـ الإنسان ـ الدولة / 4

الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون

مفتي الجمهورية العربية السورية

ـ الإنسان ـ

الإنسان هو المصنوع المحبّ من الصانع المحبّ.

يقول الله في بعض الروايات، كنت كنزاً مخفيّاً فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق فبحبي عرفوني، ولو عرف الإنسان الحبّ الإلهيّ الذي صنع به لما عبد إلاّ الله، ولما أطاع إلاّ الله ولا أحبّ إلاّ الله، والسبب أنه عندما صنعه الله، كما ورد في كلّ الكتب، أنه لم يكلف الملائكة بصنعه بل صنعه بنفسه ونفخ روحه فيه، وأمر بأن تقع له كلّ ما في الأرض ساجدين، فالإنسان قبلة الملائكة، له تسجد يوم أوجده الله، فالإنسان خليفة الله في الأرض، في الأكوان، والكون مخلوق من أجل الإنسان، لأنه المحبوب، ولذلك قال الحديث، يا ابن ادم خلقت كلّ شيء من أجلك فلا تتعب، فكله خاضع لك، وخلقتك لأجلي، أي لتحبني وأحبك، فلا تلعب فبحقي عليك، لا تشتغل بما خلقته لك، خلقتك لتكون خليفتي بالكون فكيف ترضى أن تكون عبداً للكون الذي خلقته لتكون سيّداً له.

ومن دراستي لعظمة خلق الإنسان، قلت في الاتحاد الأوروبي لو هدمنا الكعبة حجراً حجراً، والمسجد الأقصى وكنيسة المهد والقيامة وحائط البراق أو المبكى، لكان أهون من قتل طفل واحد، لماذا؟ لأنّ الأبنية نحن بنيناها، أما الإنسان فبنيان الله، ليس هناك إنسان صنعه إنسان، حتى في الاستنساخ لا بد من وجود البويضة، وقلت هذا الاستنساخ موجود بأصل الكون، فآدم استنسخ من التراب، وحواء من آدم، وعيسى من رحم مريم دون ذكر، فالذي وصل إليه العلماء وصل إليه الله قبل آلاف السنين.

نحن مطالبون بمعرفة ما هي رسالة الإنسان في الكون، رسالته التي أعطاه الله بها قوله «اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا منها رغد حيث شئت ولا تقرب هذه الشجرة» هذه الجنة ما زالت على الأرض، ولا تقرب شجرة الحرام، فأينما كنتم تعيشون في جنة، أينما كنتم حتى الكرة الأرضية جنة.

ولذلك حين نفسر «من خاف مقام ربه جنتان» يوم القيامة، نقول لا، من خاف مقام ربه جنتان، جنة في الدنيا وجنة في الآخرة.

العالم يقتل بعضه بعضاً لأنه لا يعرف قيمة الإنسان، فالإنسان بنيان الله وملعون من يهدم بنيان الله، وهذه الجملة لم أجدها في الزَبور فقط إنما في الحديث النبوي، حين يطوف في البيت الحرام «ما أعظمك وأعظم حرمتك ولكن المؤمن أعظم منك دمه وماله».

ما يجري اليوم بين الإنسان والإنسان، باسم الدين والقومية والمذهب، عدوان على الله بأجمل وأعظم ما خلق والأحبّ إليه ممّا خلق، أقول لم يوجد الإنسان ليقتل إنّما وجد ليكرم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى