رؤوس أقلام «سوابق» ريفي… بين المشنوق وعميد حمّود

رمزي عبد الخالق

اعتاد الإعلام والرأي العام على «سوابق» وزير العدل أشرف ريفي، في المواقف والخطابات العالية السقف ضدّ حزب الله وفريق 8 آذار وسورية وإيران… ولكن أن يصل به الأمر إلى حدّ النيل من مسؤولي تياره السياسي، فالمسألة فيها نظر… وتطرح أسئلة كثيرة عن الغاية الكامنة وراء هذه الفِعلة؟

فقد سجّل ريفي سابقة جديدة في تاريخ العمل السياسي، إذ نظّم تظاهرة لأهالي «الموقوفين الإسلاميين» في سجن رومية أمام منزله في طرابلس للمطالبة باستقالة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، زميله في الحكومة وفي تيار المستقبل!

هل يمكن وضع خطوة ريفي ضدّ المشنوق في سياق التنافس داخل التيار، وتسجيل النقاط أمام جمهوره، من خلال تصرفات متطرفة دأب الوزير الطرابلسي على ممارستها وحرص على إظهارها إلى العلن بعدما خلع البزة الرسمية لقوى الأمن الداخلي؟

بعض المراقبين يرى أنّ الأمر كذلك، والبعض الآخر لا يستبعد أنّ للأمر علاقة بموقف فريق من «المستقبليّين» الرافض للحوار مع حزب الله، فيما لا يُخفى على المتابعين من الداخل لأوضاع التيار الأزرق أنّ فيه مراكز قوى ومحاور تتصارع في ما بينها، ليس على السلطة فحسب، إنما أيضاً على تنفيذ أجندات خارجية تتباين أحياناً بين «خارج وآخر»!

ألم تتناقل الصحف قبل أيام معلومات عن تدخل ريفي لدى مسؤولين سعوديّين للضغط على المشنوق ودفعه إلى قول ما قاله في العشاء التكريمي الذي أقامه له اتحاد الجمعيات البيروتية؟ علماً أنه كان خارجاً للتوّ من جلسة الحوار في عين التينة.

قد لا تكون هذه المعلومات صحيحة، على اعتبار أنّ المشنوق ليس بحاجة إلى ضغوط ليعبّر عن تماهيه المطلق مع السياسة السعودية، سواء تجاه لبنان، أو في المنطقة بشكل عام، وعلى الأخصّ ضدّ إيران وحلفائها. وفضلاً عن ذلك فإنّ المواقف الحادّة تفيده ليؤكد موقعه في مقدّمة صقور تيار المستقبل، ويسفّه ما يروّجه منافسوه عن اتّباعه في وزارة الداخلية سياسية مغايرة لمصلحة تيار المستقبل، لا سيما في طرابلس والشمال، وهذا ما يفسّر انضمام النائب «المجوقل» محمد عبداللطيف كبارة إلى الحملة على المشنوق.

لعلّ أكثر ما أزعج ريفي وصحبه الشماليين، تشدّد وزير الداخلية إزاء «الموقوفين الإسلاميين» في سجن رومية، وإشرافه المباشر في مطلع العام الحالي بعد أيام قليلة على انطلاق الحوار على إنهاء إمارتهم في المبنى «ب»، وتفكيك غرفة العمليات التي أداروا منها أكثر من عملية إرهابية، أبرزها التفجير الانتحاري المزدوج في أحد مقاهي جبل محسن مساء العاشر من كانون الثاني الماضي، وكذلك منعهم بالأمس من تكرار الأمر نفسه في المبنى «د»، الأمر الذي أخرج وزير العدل عن طوره، كونه وفق المتابعين لم يكن بعيداً عن رعاية هذه الإمارة في السنوات الماضية.

وفي سياق متصل، أثيرت أسئلة كثيرة حول دور ما لريفي في هروب أو تهريب المسؤول الميداني لتيار المستقبل في طرابلس العقيد المتقاعد عميد حمّود إلى خارج لبنان، بعدما ثبت من خلال اعترافات عدد من قادة المحاور في باب التبانة أمام المحكمة العسكرية، أنّ حمّود هو الذي موّلهم وزوّدهم بالأسلحة وأعطاهم الأوامر لاستهداف جبل محسن خلال جولات العنف المتتالية التي شهدتها عاصمة الشمال، بعد استيقاظ «المارد المذهبي» نتيجة إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في مطلع العام 2011.

حسناً… عميد حمّود هَرب أو هُرِّب لا فرق، مثله مثل أحمد الأسير وفضل شاكر وشادي المولوي، وقبلهم شاكر العبسي! وبين هذا وذاك أسئلة حول مقتل أسامة منصور بالأمس، وقبله أبو هريرة معاون العبسي في العام 2007، فضلاً عن العديد من المساجين «المهمّين» الذين استطاعوا بـ»قدرة قادر» الفرار من سجن رومية، وبينهم أعضاء في مجموعة الـ13 كانوا قد اعترفوا بمسؤوليتهم عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قبل أنّ يتمّ تغيير إفاداتهم بعد «غداء عامر» في مكتب مسؤول أمني سابق، لتطوى ملفاتهم وتنام في الأدراج، حتى لا تعكّر على مجريات تزوير التحقيق في تلك الجريمة، وتسييسه المستمرّ حتى اليوم وفق مصالح واستهدافات محلية وإقليمية ودولية باتت مكشوفة ومعروفة.

أليست لافتة كلّ هذه المفارقات، التي تتقاطع جميعها عند دور ما لريفي؟ خصوصاً إذا تذكّرنا أنه أعلن أبوّته لقادة المحاور، وهذا يجعل السؤال مشروعاً عن علاقته بالدور الذي كان يقوم به عميد حمّود مع هؤلاء «القادة» انطلاقاً مما اعترفوا به؟ وبالتالي إذا كان حمّود قد أصبح في تركيا إلى جانب النائب الذي لا نعرف إذا كان لا يزال «يتصدّق» على الشعب السوري بالحليب والبطانيات! ، وإذا كانت مغادرته تمّت بإشارة من مسؤولين في تيار المستقبل أبلغوه أنهم قد لا يستطيعون حمايته وتغطيته، ألا يجدر بالمعنيين مساءلة ريفي عن كلّ ذلك؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى