أحلام «واشنطنية»!
فاديا مطر
لم يعد خافياً على أحد التحالف التركي ـ السعودي الذي يعمل ضد الدولة السورية بواسطة الحدود التركية الواسعة والتمويل المباشر السعودي لجبهة النصرة وأعوانها، الذي أفضى إلى دخول مسلحي «النصرة « إلى إدلب الحدودية في 5 نيسان الماضي، ما أدى إلى وقوع البلدة تحت السيطرة لتتبعها جسر الشغور في 25 من الشهر نفسه، بعد أن قامت المجموعات الإرهابية بإطلاق حوالى 300 صاروخ أميركي من نوع «تاو» موجه حرارياً بلغت قيمتها أكثر من 9 ملايين دولار بحسب ما نقلت المصادر الميدانية، وتم إعطاؤها لمسلحي «جيش الفتح» الذي يضم «جبهة النصرة ـ أحرار الشام ـ جند الأقصى» الإرهابيين، هي جرعة وريدية من الجرعات الكثيرة التي حُقنت المجموعات الإرهابية المسلحة بها منذ بدء الحرب على سورية.
لكن الدعم الأميركي في هذه الفترة يأتي على شكل فرض حروب الأمر الواقع التي تسابق الموعد النهائي للتفاهم النووي الإيراني مع السداسية الدولية، وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية هذه الحروب «تربيتاً على الأكتاف» لجبهة النصرة الإرهابية التي تعيش الآن أول المذاق الحلو لاحتلال إدلب وجسر الشغور الاستراتيجيتين، لكن المذاق الحلو لن يستمر بعد أن عمدت القوات العسكرية السورية إلى امتصاص الصدمة وتثبيت المواقع الاستراتيجية بعمليات نوعية تمنع تمدّد الإرهابيين إلى محاور جديدة، فكل البهجة الأميركية الآن بإنجاز «نُصرتها» التي يدعمها ائتلاف أردوغان ومال آل سعود الوهابي والحضانة «الإسرائيلية»، تندرج تحت إطار ما تعتبره أميركا عودة بعض من ماء الوجه لخسارة حلفها الإرهابي في الشمال السوري، وهذا ما أكدته تعابير وجه وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي لا يغادرها شعور التوتر أثناء لقاء ما يسمى «رئيس الائتلاف السوري المعارض» خالد خوجا في واشنطن في 30 نيسان المنصرم في مبنى وزارة الخارجية الأميركية، والتي شكرها الخوجا في لقائه لتقديمها أكثر من 3 مليارات دولار مساعدات منذ بداية الأحداث، فيما أطلع كيري على آخر التطورات السياسية والعسكرية مجدداً وطلب المساعدة من الولايات المتحدة في إقامة «مناطق أمنة» في ما يسمى «المناطق المحررة» التي غلبت عليها اللهجة الشيشانية، لتوجيه عمليات القصف التي قادها الإرهابي مسلم الشيشاني الذي أشرف عليها بحسب مصادر ميدانية، كما جرى في معركة كسب من قبل.
كلام الخوجا واكبه كلام أستاذه كيري باعتبار الرئيس بشار الأسد فاقداً للشرعية وهو ليس جزءاً من الحلّ في مستقبل سورية بحسب تعبيره، فظهور معارضة اسطنبول في هذا الوقت تحديداً من واشنطن يرافقها الزخم والدعم الأميركي يدل على عمق التحالف والترابط ما بين «أحلام واشنطن» وإرهابيي «النصرة» في الأرض السورية الحدودية، وقد جاء كلام كيري في هذا اللقاء مع تلميذه خوجا مشابهاً لما أعلنه وزير خارجية السعودية عادل الجبير من المكان نفسه بشأن «عاصفة الحزم» العدوانية على اليمن في 26 نيسان الماضي، فعلى ما يبدو أن مراسم «الحج السياسي» لعملاء أميركا تبدأ من منابر واشنطن التي تعطي الموافقات المبدئية واستمارات الدعم الأميركي لارتكاب المجازر من غرفة العمليات في أنطاكية، والتي اتهمتها دمشق بتقديم الإسناد الناري والدعم اللوجستي للمجموعات الإرهابية المسلحة في المدن السورية الشمالية مطالبة مجلس الأمن والأمم المتحدة عبر رسالة موجهة من وزارة الخارجية السورية في 28 نيسان الماضي «بضرورة وقف هذا العدوان التركي ومعاقبة مرتكبيه وداعميه»، في تسلل قطعان الإرهابيين إلى إدلب في بداية نيسان المنصرم ومدينة جسر الشغور واشتبرق قبل أيام.