قرأنا لكم
غدير سعيد حدادين
أَعِدْ اسمي، وأتركْ سِحرَ الرِّيحِ
يرسمُ بالرَّملِ الأبيض رماداً
من سنتين…
حدِّثني عن المعجزاتِ الخفيَّة،
عن مزايا العزلة،
عن جُدرانٍ فقدتْ ظِلها،
عن دفاترَ سافرتْ أوراقُها
في رِحلتين…
حدِّثني عن المسمَّياتِ الغريبة،
عن غاباتٍ يحبو فيها الزَّمن.
حدِّثني عن لُغةٍ لا كون لها،
عن أشياءَ
لا مكان لها مِن الأعراب
أو بينَهُم…
عن صقيعِ اللَّحظةِ حينَ تتبّلَّدُ الذاكرة
وعن لحظةٍ ماكِرة…
هناك… في أعلى القصائد
ستلمعُ صورٌ رثَّةُ الابتسامِ
داكِنةُ الضَّمائر…
ستلعَنُ الرِّيحُ ريشَها الأشهَبَ
وتعلو وجهَ الماءِ خُدوش…
أما هنا، في ظِلِّ القصائدِ
أُحجيةٌ تُجفِّفُ شَعرها
وعلاماتُ استفهامٍ صغيرةٌ
تنتظر لتكونَ حياةً أو نقوش…
ولكنْ لا تنسَ
أَعِدْ قبلَ هذا اسمي
غدير سعيد حدادين، شاعرة وفنانة تشكيلية أردنية
صدرت لها مجموعتان شعريتان: «أشبهني» و«أحلم كما أشاء»
عضو الهيئتين الثقافية والإدارية في مجلة «المنافذ الثقافية» التي تصدر في بيروت ـ لبنان.
رحلة القلب… إليكم
ناهدة الحلبي
بيروتُ يا نَزَقَ العُشَّاقِ ما عَشِقوا
يا مَعْطفَ الغيمِ بالياقوتِ يأْتلِقُ
داعبْتُ جفنَكِ، فاسْتلْقى على كَتِفي
يا ويْحَ روحي، وفيكِ الرُّوحُ تَحترقُ
فوَّاحةٌ بدمي، بالحُزنِ مُوْرِقةٌ
مَنْ في يَدَيْها ينامُ العِطرُ والحَبقُ
أَنتِ العيونُ، وأَنتِ القلبُ فاقتَحِمِي
نورَ المآقي كَنبْضٍ أزَّهُ الخَفَقُ
أَثْقَلتِ بالوَجَعِ المَسْكونِ خاصِرَتي
فالياسَمينُ دِمشْقِيُّ الهوى أرِقُ
مُشْتاقةٌ ولِشَامِ العِزِّ رايتُها
فيكِ ارتواءُ النَّدى، يا شامُ والعبَقُ
هذي دِمشقُ ولِلأَمجادِ خاتمةٌ
يا هالة البدرِ في عينيكِ والأَلقُ
لا تَحْزَني، فصُروفُ الدَّهرِ ظَالِمَةٌ
وَرَّيتُ عمّا بِقلبي، فالجَوى حُرَقُ
أسْقَيْتُها مُهُجاتِ العينِ مُرْتعِشاً
مِنْ دَمْعِ بَغْدادَ بالأشواقِ تصْطَفِقُ
يا قَهْرَمانَةُ، أينَ الزَّيْتُ في حُلَلٍ
حتَّى الزَّغاريدُ من عينيكِ تُسْتَرقُ
يا نهرَ دِجلَةَ فاضَ الوجْدُ مِن شَجَني
إنِّي المُتيَّمُ باللُّقيا وَلي السَّبَقُ
هذا العراقُ يُرَوِّي من سَنا قمَرٍ
وجهَ السَّماءِ، وحيثُ الضَّوءُ يُمْتَشَقُ
عرَّجتُ بعدَ عِراقِ الحُبِّ يَخْذُلُني
صَبرٌ تخلَّفَ عنِّي، ما بِهِ رَمَقُ
منْ ماضِياتِ خِفاقٍ قُدسُها عَتِبٌ
من عالمٍ عربيٍّ دونَها مِزَقُ
شوقي إِليكِ كَنارٍ في الحَشا ضَرِمَتْ
إنِّي المغرَّبُ، قَوْمي في الخِبا شَرِقوا
إنّا، فلسطينُ خُنّا العهدَ مِنْ زَمَنٍ
لم نَدْرِ إنْ غَسَقٌ ذا العارُ أمْ شَفَقُ
عمّانُ يا هَمْسةَ المُشتاقِ، عاشِقُها
باهى ـ بأفواهِ وردِ الخدِّ ـ ينْتشِقُ
قد جاشَ في الصَّدرِ حبٌّ لاتَ تَعرِفُهُ
نارُ الحشَا ـ جَرَشٌ ـ مِ الفخرِ ينْفتِقُ
بتراءُ ما ضلَّ عنكِ القلبُ، شأْنَ هَوًى
من مُسْعِفٍ، بضِياءِ البدرِ يحترقُ
إنْ عانَقَتْ شمْسُكِ الحمراءُ، مَغْرِبَها
فالظنُّ أَغلبُ، إِنْ أَشْرَقْتِ ما صَدَقوا…
لَمْلَمْتُ بَعضي إلى لبنانَ حاملةً
نارَ الأُخوَّةِ في الأَضلاعِ بي طَفِقُ
أَلقَى الأسَى فشُموسُ القلبِ آفِلَةٌ
والجرحُ خَبْطُ سُعارٍ بي، فأَحتَرِقُ
حسناءُ في أبجديَّاتِ الهوى سكَنَتْ
من مَخمَلٍ حرفُها والحَلْيُ والسَّرَقُ
إِنْ في طَرَابُلُسَ الشمَّاءِ مِحرَقَتي
يَفْديكِ قلبِي فَمَهرُ الحُرِّ مُسْتَرَقُ