تقرير

كتب تسفي بارئيل في «هاآرتس» العبرية:

المبالغة ليست مسموحة في التفكير بالعرض الذي ظهر أمس من على منصة «الكنيست»:61 عضواً صوّتوا بالقراءة الاولى لمصلحة قانون زيادة عدد الوزراء، 59 عضواً صوتوا ضد القرار. لقد امتثل 120 عضو «كنيست» بالحضور الى الجلسة، وعملوا بشكل فعلي. لم يتغيب أيّ شخص، لم يتهرّب أيّ شخص، لم تُسمع أي أعذار. هكذا يجب أن يبدو «الكنيست» فاعلاً، يعمل في دولة تعتبر السياسة فيها، العمل الذي يدفع مواطنيها كلفته.

صحيح أن سحابة ثقيلة من الرائحة النتنة قد تعالت من القرار الاول، وصحيح انه في هذه العملية، اختطِف قرار واغتصب، واستخدمت ايضاً كاختبار دخول الى عصابة التزم أعضاؤها بالطاعة العمياء لزعيمها، ولكن في النهاية فإن كل عضو «كنيست»، هو بالفعل إنسان هام، لا بسبب تنويره وأفكاره أو بسبب خبرته، إنما بفضل يده.

كل يد من أيدي أعضاء «الكنيست» مناسبة من هذه اللحظة لأن تكون مؤمّن عليها وكأنها يد عازف بيانو كبير، لأن الغاية في هذا «الكنيست» فقط البقاء: أن تقتل أو تقتَل سياسياً طبعاً ، أو على الاقل للحفاظ على الرأس فوق الماء.

لن يستمع أحد إلى أيّ فكرة أو رأي مستقل في هذا «الكنيست»، ولن يكون للضمير أي دور أو نصيب. كل انحراف عن رأي «الجماعة» سيعتبر خيانة، كل غياب ـ هو تعاون مع العدو. فقط القوانين المضمونة بأن تحظى بـ61 صوتاً هي التي ستمرّر. قوانين «صهيونية قومية وطنية»، والتي لن تستطيع مجموعة الـ59 أن تعارضها، ستبدو غير مخلصة للدولة.

ويا للسخرية. فحياة مجموعة الـ61، المسماة «المعسكر الوطني» ستكون مرتبطة تماماً ـ ليس فقط بمن هو على أقصى اليمين ـ إنما بمن ليس صهيونياً إطلاقاً، وبالاصوليين المتدينين الذين لا يعترفون بالدولة اصلاً، ناهيك عن أنها دولة يهودية. لو لم تكن هذه المهزلة السياسية عندنا، فستكون مضحكة. يا للخسارة.

هذا «الكنيست» سيكون معفى من الانتقاد الجماهيري أو القضائي. فالمحكمة العليا منذ اللحظة سترتدي درعاً حديدية، من أجل أن تدافع عن نفسها في مواجهة القوانين التي تسعى إلى المساس بها. فليس فقط النشاط القضائي لفظ أنفاسه، إنما أيضاً الذراع التشريعية ستختفي من أمام تهديدات المشرّعين. هل تجرؤ المحكمة العليا أن ترفع مطرقتها وهي تجد نفسها أمام قانون تجاوز المحكمة العليا. هل ستأمر المحكمة العليا الدولة بأن ترفع يدها عن الاراضي الخاصة في المناطق، أو أن تهدم بيوت المستوطنين، أو أن تقبل أبناء الاثيوبيين في مدارس المتدينين، وفوراً ترفع الايدي لمصلحة تشريع يزيل أوامرها من داخلها. 61 مع و59 ضدّ، حتى ولو كان من بين الـ61 من يؤيد قرارات المحكمة العليا.

النقد الجماهيري؟ الرأي العام؟ مَن مِن بين الأعضاء الـ61 الذين يشكل ثلثهم وزراء، وآخرون نواب وزراء، سيجرؤ على الاصغاء للجمهور أو أن يعمل وفقاً لضميره، بينما يجلس دائماً على برج القلعة السياسية قنّاص يلاحقه ويصوّب بالنقطة الحمراء على يده التي ستصوّت؟

لا تشكيل سياسياً مريحاً أكثر من هذا لبنيامين نتنياهو. الرجل الذي من دون تخطيط يفضّل أن يكون منقاداً على أن يكون قائداً، أن يملى عليه من أن يملي على أحد، فقد وجد المأوى الاكثر مناسباً لعيوبه. فهو بشكل عام مطلوب منه أن يكون يكون متفقاً مع مجموعة الـ61، وأن يكون رئيساً فخرياً لـ«الرابطة الوطنية»، لا يتدخل، لا يبادر لا يغضِب أحداً من بينهم. لأن «الكنيست» لن يكون فقط الذراع التشريعية، فهو منذ اللحظة الحكومة، ووقت الحاجة، سيصبح المحكمة العليا.

كرئيس للحكومة، بإمكان نتنياهو أن يعتبر عمله كـ«no show job»، من النوع الذي نغمة صوته المرتفعة تم توزيعها على رفاقه. فالمطلوب منه فقط أن يصوّت بالشكل الصحيح. مرّة بحسب رغبة إيليت شيكيد، ومرة بحسب نزوة يعقوب ليتسمان، ومرّة بحسب توجيهات داني دانون. فقط ألا يتغيب أحد عن الجلسة، لكي لا ينهار هذا البرج الورقيّ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى