معادلة «أسد وسيد» ستغيّر خريطة المنطقة!

فاديا مطر

تركزت العيون العسكرية لدول المحيط الإقليمي الداعمة للحرب، على سورية، جراء ما يحققه الجيش السوري ومجاهدو المقاومة من انتصارات دراماتيكية في معركة القلمون، وهي حتى الآن المرحلة الابتدائية من تقطيع وتقسيم الجغرافية الميدانية، التي تُمكّن قوات الجيش السوري والمقاومة من بناء قواعد ارتكاز ودعم للمرحلة الثانية من المعركة. هو كلام ترجمه سماحة السيد نصر الله استراتيجياً في خطابه المتلفز الذي أطل به السبت الفائت، والذي أكد فيه أننا أمام انتصار ميداني كبير جداً، وأمام إنجاز عسكري مهم جداً، وأن ميدان المعركة هو جرود القلمون في سورية، وجزء كبير من سلسلة جبال لبنان الشرقية، فهي منطقة جبال متواصلة على امتداد المئات من الكيلومترات المربعة. فيما أكد السيد: «حصول عدد كبير من المواجهات العنيفة في جميع مراحل المواجهة كانت تؤدي إلى هزيمة المسلحين وانسحابهم». فمعركة القلمون هي معركة استراتيجية لم تنفع النصرة «الضربة الاستباقية» فيها باختراق جبهة القلمون التي كان هدفها تشتيت الجيش السوري والمقاومة معاً، وعرقلة التحضيرات لهذه المعركة، بل على العكس تماماً، فالضربة الاستباقية دفعت الجيش السوري والمقاومة إلى شن هجوم معاكس، أدى إلى تحقيق مكاسب سريعة على الأرض والسيطرة على العديد من التلال الحاكمة في المنطقة، فحسم القلمون يُنهي نصف النصرة ويُغيّر ميزان السيطرة الاستراتيجية في خريطة العمليات العسكرية التي تؤسس للحسم النهائي في جسر الشغور وإدلب وتدعم أجنحة الجيش السوري في باقي مناطق النزاع الداخلية والحدودية، التي تشير معاركها إلى انسداد الأفق أمام التكفيريين بالتقدم والسيطرة، وهو ما ضيع البوصلة للنصرة وداعميها، الأمر الذي لم يمكّنهم من إيجاد أماكن تعوض خساراتهم في الميدان. فمحاولة دخول تدمر التي باءت بالفشل، هي محاولة لخلط الأوراق ووصل بادية تدمر ببادية الأنبار، لما تحويه مدينة تدمر من موقع استراتيجي يتصل بجغرافيات سورية متعددة ورئيسية، وما يمكن كسبه من إفراغ هذه المدينة الأثرية من محتوياتها التاريخية. وفشل ما سمي بـ«جيش الفتح» ـ الذي يُصّر مجتمعو «كامب ديفيد» على وصفه بـ«المعتدل» ـ في إحداث كسب جغرافي يمكن استثماره في ميادين السياسة، يُعد بمثابة فشل سعودي ـ تركي ـ قطري مضمون، الدول التي لم تتوقف يوماً عن دعم واجهات سياسية، تحاول تبيضها بشتى الوسائل عبر ما يسمى «الائتلاف السوري المعارض» الذي يدعم بكل الوسائل القوى الإرهابية المقاتلة على الأرض السورية والذي أعلن رفضه الاعتراف بـ «دي ميستورا» وجهوده الدولية بوصفها «مشاورات عديمة الأهمية»، وفق ما أعلن قيادي معارض في الائتلاف الاثنين الماضي، الأمر الذي أفقد الائتلاف نتائج مكسبية مما يمكن أن تشكله القمة الخليجية ـ الأميركية التي احتضنها منتجع «كامب ديفيد» نهاية الأسبوع الماضي، كالأهمية الاستثنائية للعلاقات بين الطرف الأميركي ورسائل المعارضة التي أرسلت إلى مجتمعي «كامب ديفيد»، بتقديم الدعم لأطرافها أو بالانخراط المباشر معها، مثلما حدث أخيراً على صعيد تشكيل ما يسمى «التحالف العربي» لاستعادة الشرعية في اليمن، فهي جهود ما تركت الرياح الدولية لها من أثر، ليبقى الأفق والفراغ الفكري ينتظران القوى الرافضة للسير بتوافقات الحل السياسي أمام كل المتغيرات الساخنة التي تنتظرها ساعة الرمل الدولية، التي بدأ جزءها العلوي يفرغ من الوقت أمام انتصارات الجيش العربي السوري والمقاومة في صنع معادلات الردع والسيطرة الاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي، فهل هذه هي المعادلة المقبلة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى