تذويب الفلسطيني و… حق العودة
حسين حمود
ليست النكبات غريبة عن الفلسطيني، في الداخل أو في الشتات. فمنذ النكبة الكبرى في 15 أيار عام 1945 وهو يتنقل بين المقاصل والمجازر والحروب والمعتقلات والحصارات الاقتصادية والحياتية والخدمية من بعض العرب، ومعظم الغرب ومنظمات الأمم المتحدة، وذلك لهدف واحد هو شطب حق العودة من ذاكرته والسعي إلى توطينه في محلّ إقامته، لتتحوّل بذلك فلسطين المحتلة كياناً مغتصباً للشتات اليهودي الغريب، بحسب ما يؤكد مصدر فلسطيني لـ«البناء».
وفي هذا السياق أيضاً يندرج التأخير في إعادة إعمار نهر البارد الذي مضى على نكبة أهله حوالى الثماني سنوات، وذلك جرّاء افتعال الإرهابيين من جماعة «فتح الإسلام» الذين تحصّنوا فيه عام 2007، حرباً مع الجيش اللبناني انتهت بقتل المئات من المسلحين واعتقال بعضهم وفرار آخرين و… تدمير المخيم وتشريد الآلاف من أهله. ومهمة الإعمار أنيطت بوكالة «أونروا»، باتعاون مع الحكومة اللبنانية وبتمويل خارجي. وأضيف إلى التلكؤ في إعادة المخيم، تقليص وكالة غوث اللاجئين «أونروا» التي انشئت بعد الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، خدماتها للاجئين ولا سيما خطة الطوارئ لأهالي «مخيم البارد»، بحجة نقص الأموال اللازمة لذلك، ولم تتراجع عن هذا القراربالرغم من المراجعات الفلسطينية الكثيفة لها، بل اتبعته أمس بالتحديد، بقرار وقف تقديم بدل الإيواء لنحو 43 ألف فلسطيني نازح من سورية.
واستغرب المصدر الفلسطيني المشار إليه آنفاً، هذا القرار الذي وضعه في إطار تضييق الخناق على الفلسطينيين، مثله مثل التأخير في إعمار «البارد» الذي اتخذ القرار بشأنه في مؤتمر فيينا للدول المانحة في 23 حزيران عام 2008، والذي خصص مبلغ 128 مليون دولار لهذه المهمة التي كلّفت «أونروا» بمتابعتها. ولفت المصدر إلى أنّ «أونروا» تعزو سبب توقف الإعمار إلى الشحّ في الأموال التي لم يصل منها إلاّ الجزء اليسير.
وفيما يؤكد المصدر أنّ الكويت والإمارات وقطر لم تف بما تعهّدت بدفعه من مال في المؤتمر، أشار إلى انّ السعودية ترسل في فترات متباعدة قسماً من المال الذي أعلنت التزامها به، لكنه يرى انّ الدولة اللبنانية مقصّرة أيضاَ في واجبها في هذه القضية، لافتاً إلى أنّ 32 بلدية من البلدات المحيطة بالمخيم وآلاف العائلات اللبنانية تلقوا مساعدات من الحكومة بعشرات الملايين من الدولارات بعد انتهاء المعارك، بينما لا يزال أبناء المخيم مشرّدين وعاطلين من العمل ومن دون أي خدمات حياتية، بعدما كان المخيم مركزاً تجارياً مهماً في المنطقة قبل الحرب، أما الآن فهو منطقة شبه عسكرية خالية من أهلها الذين انتقل بعضهم إلى المخيم الجديد.
أما عن الأسباب الكامنة وراء هذا التعاطي مع الفلسطينيين، فيربط المصدر بين أوضاع المخيمات في لبنان وفي الجوار، مشيراً إلى انّ المخيمات التي تعرّضت للحروب والتدمير لن يُعاد إعمارها كما كانت سابقاً، موضحاً انّ المخيمات هي رمز النكبة الفلسطينية وإزالتها هي بمثابة محو لهذا الرمز، ووكالة «أونروا» التي ولدت بعد احتلال فلسطين، هي الشاهد الدولي على هذا الاحتلال والذي يبقي أمل العودة في نفوس فلسطينيّي الشتات، لذا فإنّ تقليص خدمات «أونروا» وتراجع دورها يعني «تصفية» هذا الشاهد، وإذابة الفلسطيني في المجتع الذي يقيم فيه، وبالتالي لا يعود هناك مجتمع فلسطيني جامع، ولا قضية لهذا الشعب ولا الحقوق التي تفرّعت عنها وفي طليعتها حق العودة.
لكن المصدر يؤكد أنّ كلّ هذه المحاولات لن تنجح.