أحمد زيدان وفيصل القاسم… مع تحيات الجولاني من «الجزيرة»
سعد الله الخليل
من بين مئات القنوات والآلاف من الإعلاميين الذين تقدّموا بطلبات للقاء «ناصر إسلام» القرن الحادي والعشرين وحامل راية الجهاد والحق دون مناصر آثر أبو محمد الجولاني زعيم تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي أن يخصّ قناة «الجزيرة» القطرية بلقاء حصري، ليس لأنها قناة «الإخوان المسلمين» بل لاعتبارات أخرى لم يوضحها الإعلامي المخضرم ثعلب الجزيرة أحمد زيدان، مندوب تنظيم «القاعدة» في القناة، والذي أدرجته الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب كشخص يشتبه بقيامه بعمليات إرهابية. ولعلّ هذا الانتماء ما أجبره على مهادنة ضيفه وهو لم يعتد على ذلك فآثر التزام آداب جلوس التابع في حضرة أسياده، فيمين الطاعة الذي أقسمه على نفسه أقوى من أيّ اعتبار تفرضه المواثيق الإعلامية.
زيدان الخبير في تاريخ وحاضر «الإخوان المسلمين» و«القاعدة»، والذي صال وجال حيثما حلّ تنظيم «القاعدة» من أفغانستان وباكستان إلى إدلب وحلب، لم يجرؤ على مقاطعة ضيفه، بل مستضيفه والردّ على مغالطاته الكبيرة، ولم يعترض على أفكاره الإقصائية بحق مذاهب إسلامية كاملة وكلّ مَن لا يوافق تنظيمه الفكر والعقيدة.
بالرغم من أنّ كلام الجولاني لا جديد فيه من حيث الشكل والمضمون سوى أنّ حضور الجولاني على قناة «الجزيرة» يأتي في سياق الترويج والتسويق القطري لفرع «القاعدة» في سورية، كفصيل موثوق لدى قادة الحرب على سورية ويمكن التعويل عليه في حربها بعد أن اجتازت اختبار الولاء والطاعة للعدو الصهيوني بعد التعايش «الطبيعي» والحميمي على التخوم في القنيطرة ودرعا، واستحقاقها أن ترتقي إلى مرحلة التنسيق والإمداد بالأسلحة والذخائر، وهو ما لم يتطرّق له لقاء زيدان لا من قريب ولا من بعيد، علماُ أنّ الجولاني في لقائه السابق على القناة ذاتها في 19 كانون الأول عام 2013 مع زميل زيدان وخريج معتقلات اسبانيا بتهمة التعامل مع «القاعدة» تيسير علوني اتهم من وصفهم بـ«الطائفة النصيرية» بحماية «إسرائيل»، ولم يقدّم في لقائه ماذا فعلت جبهته خلال تواجدها لقتال «الإسرائيلي»! ولماذا يصفها قادة العدو بالصديق الذي يؤتمن على الحدود. أسقط لقاء زيدان والجولاني كلّ الجهود القطرية السعودية الفرنسية بالترويج لـ«جبهة النصرة» كفصيل سياسي قادر على الجمع بين السياسة والعسكر يأن يكون بديلاً للدولة السورية، يبني مؤسسات اجتماعية اقتصادية بمساعدة الأصدقاء من عرب وغرب من جهة وعسكرية تحارب تنظيم «داعش» على الأرض من جهة أخرى، فالتركيز على الجانب الشرعي في حرب «النصرة» على الأرض السورية يثبت أنها لا تزال قاعدية الهوى عسكرياً، أما اجتماعياً وأخلاقياً ودينياً فالرسالة واضحة دولة دينية إخوانية الفكر والعقيدة، وما عداها فمن الضالين، فالعلويون في مأمن ولهم مطلق الحرية بممارسة شعائرهم شرط أن يعودوا إلى الإسلام الصحيح الذي ينادي به الجولاني وكذلك الدروز والمسلمون ممّن يناصر الدولة السورية، أما المسيحيون فسيحصلون على مزايا لم يتمتعوا بها من قبل، حتى في الفاتيكان ولا في أنطاكية ولا في القدس، وسيدفع من استطاع منهم دفع الجزية… كم أنت عظيمة يا دولة الجولاني؟ طمأن الجولاني الشعب السوري بكلّ طوائفه بأنهم في مأمن من أيّ خطر يداهمهم، ورغم تكرار زيدان بأنّ عاصمة العلويين القرداحة تحت مرمى صواريخ «النصرة»، بدا الجولاني شديد الحرص على حمايتهم وضمان مستقبل زاهر للعلويين التائبين، مكرّراً بأنّ جهاد الجبهة لا يزال في مرحلة دفع صائل، مبشراً بأنّ المرحلة المقبلة هي الأخطر دون أن يكشف أيّ مصير ينتظر من وصفهم بالخوارج في الفترات الصعبة حين يضيق صدر الجبهة من رفض دعواتهم للإيمان القويم من قبل الأقليات التي يحرص شديد الحرص على حقوقهم أكثر من الغرب، فالجولاني ليس بحاجة إلى الغرب لتعليمه حقوق الإنسان أو الحيوان دون أن يفصح القصد من استخدام كلمة حيوان كمرادف لحقوق الأقليات تاركاً لكلّ لبيب أن يفهم إشارته. انتهى لقاء زيدان بالجولاني على وعد أن يكشف وجهه الذي خبأه من شدة الخجل والتقوى، عاد الجولاني إلى جهاده أما زيدان التفتنازي فسيعمل جاهداً على اللقاء والتواصل مع زميله في الجهاد والعداء لسورية فيصل القاسم، حاملاً إليه رسالة الدعوى الجولانية عله يكسب فيه ثواباً ويزف بشرى هدايته لأمة المسلمين الإخوانية الأسبوع المقبل حين يلتقي الجولاني مجدّداً… من زيدان الجولاني إلى القاسم أمن فلتؤمن أيها الخارجي.
«توب نيوز»