المنطقة تدخل ساعة التغيير
مدير وكالة الطاقة الذرية يوكيا أمانو يعلن من طهران أنّ إيران نفذت ما تعهّدت بتنفيذه في الاتفاق الإطار الموقع قبل ثلاثة أشهر حول ملفها النووي، وأنجزت تعهّداتها بتخفيض ما لديها من يورانيوم مخصب إلى النسبة المتفق عليها في المهلة المحددة، وسفير إيران لدى الوكالة رضا نجفي يعلن بحضور أمانو انّ التفاهم قد تمّ على آليات للتحقق وجداول زمنية لتنفيذه بصيغ تحفظ ثوابت إيران ومبادئ الوكالة.
في فيينا كلّ الأطراف تعلن أنّ نسبة تتخطى الـ90 في المئة من الاتفاق باتت منجزة، والخبراء المتفاوضون يعلنون أنهم أنجزوا مسودّة كاملة للاتفاق، ووضعوا نقاط الخلاف بصياغات متعدّدة ليختار نواب وزراء الخارجية ومن ثم الوزراء ما يصلون إلى التفاهم بصدده، وانّ الأمور التي تندرج في هذا الإطار تحتاج إلى قرار سياسي وهي لا تتعدّى 3 مواضيع تفصيلية في قلب عنواني العقوبات وآلية إنهائها من جهة، وموجبات إيران لإيضاح مشاريع سابقة لديها تثير التساؤل حول وجود نوايا عسكرية في مشروعها النووي من جهة أخرى، وفي قلبها مسألتا تفتيش المنشآت العسكرية واللقاءات مع العلماء، وقد تمّ تضييق الخلافات إلى بنود جزئية جداً يملك ويقدر الوزراء على بتها في ضوء ما تبلغه الخبراء من عناوين التفاهمات، خصوصاً بعد لقاءات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع كلّ من وزراء خارجية أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا منفردين، ونجاح مباحثاته مع نظيره الأميركي جون كيري بوضع تصور مبدئي مشترك لمسألة العقوبات ونجاح المباحثات مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس برسم إطار قانوني لشروط التفتيش العسكري ولقاء العلماء.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه سيرغي رياكوف يؤكدان أنه سيكون هناك اتفاق خلال أيام والمتشائمون يقولون انّ تمديداً لاسبوع إضافي سيتكفل بالتوصل للاتفاق.
إذن… العالم والمنطقة على موعد قريب مع أهمّ حدث في القرن الواحد والعشرين، وهو لقاء القوة العالمية الأولى التي تمثلها أميركا مع القوة الإقليمية الأولى التي تمثلها إيران على تفاهم بعد خمسة عشر سنة من الحروب في المنطقة كانت الدولتان طرفيها المباشرين، ورغم أنه يمكن التخفيف من أهمية التفاهم لدى البعض بالقول إنه محصور بالشأن النووي، لكن ما يجب على هؤلاء فهمه هو أنّ التفاهم تأخر لأنه بات محصوراً بالشأن النووي، لأنّ إيران أصرّت على الصمود وعلى دعم صمود حلفائها في سورية والعراق واليمن ولبنان وفلسطين كي لا تكون ثوابتها وثوابت الحلفاء على طاولة التفاوض، وانّ التفاهم المحصور بالشأن النووي هو أهمّ بكثير وأعقد بكثير وكلفته أعلى بكثير من تفاهم يطاول النووي وما عداه، ولذلك فالآثار ستكون أكبر بكثير والتداعيات أهم بكثير، فالتفاهم يعني استبعاد المواجهة في الملفات الخلافية الأخرى حكماً لأنّ نية المواجهة في حال وجودها، كانت تستدعي عدم بلوغ التفاهم، لأنّ من يذهب إلى المواجهة لديه أمل بتغيير موازين القوى وفرض اتفاق أفضل، ومن ينهي المفاوضات باتفاق يعلن ضمناً أن لا ملف آخر سيأخذه إلى المواجهة، وأنّ طريق التفاهمات سيتكرّر في كلّ الملفات تباعاً ومهما كانت تعقيداتها.
التفاهمات ستنتجها مفاوضات وستكون وإيران مرتاحة إلى وضعها بعد عائدات التفاهم النووي عليها، وسيكون وضع حلفاء أميركا أصعب وأعقد وهم يقفون قبالة إيران. ها هي تركيا تسحب الحديث عن الخيار العسكري داخل سورية وها هي السعودية تعترف لروسيا أنها فشلت في سورية وتريد مصالحة معها، وها هي أميركا نفسها تقول لروسيا ليس هناك بديل للرئيس السوري بشار الأسد. المنطقة ستتغيّر بسرعة خلال الفترة الممتدّة حتى نهاية العام، ويبدو انّ روسيا وحدها تستعدّ للعب الأدوار المفصلية في صناعة التسويات من سورية إلى العراق واليمن ولبنان. روسيا التي قال رئيسها انّ الرئيس السوري بشار الأسد هو حليف لن تتردّد موسكو في دعمه بكلّ أسباب القوة… وهذا هو نموذج لما سيحدث خلال الأسابيع والشهور القليلة المقبلة.
«توب نيوز»