«سنوات الحبّ والحرب»… مقالات وقصص للأديبة كوليت الخوري
محمد خالد الخضر
«سنوات الحبّ والحرب»، كتاب يتضمّن مقالات أدبية وقصصاً قصيرة للأديبة كوليت الخوري كتبتها بين عامَي 1973 و1979، تمكّنت عبرها من تأريخ حرب تشرين التحريرية وما سطّره أبطالها من أمجاد.
الكتاب الصادر عن «الهيئة العامة السورية للكتاب»، ويقع في 334 صفحة من القطع الكبير، يُظهر حرص الكاتبة على رفع المستوى الأدبي في ما جاءت به نظراً إلى أهمية القصص التي أتت بها من الميدان العسكري ومن المشافي ومن ذوي الشهداء، لتكون كتاباتها محمّلة بكرامة الجندي السوري وعنفوانه.
في مقالها الأول الذي جاء بعنوان «أخي الغالي كمال ناصر»، رثت فيه الأديبة الشاعر الفلسطيني الشهيد كمال ناصر الذي شكّل عبر مسيرته النضالية حربة في أحداق العدو الصهيونيّ، ما دفعهم إلى اغتياله. وفي الوقت عينه جاء المقال بأسلوب سرديّ قريب من القصّ، نظراً إلى ما يحمله من عاطفة، ومن معنى استطاعت أن تتصاعد أحداثه حتى النهاية، لا سيما أن الخوري استشهدت بما ذهب إليه كمال ناصر عندما قال: «العدوّ ليس قوياً… العدوّ جبان… نحن الذين نمنحه من ضعفنا قوّة… صدّقوني قوّة العدوّ ليست سوى ضعفنا».
كما عبّرت الأديبة الخوري في مقالها «بلا مكياج» عن استهتار العرب بثقافتهم وعدم تمكّنهم من استحضار الألفاظ اللغوية الموازية للغات الأخرى، على رغم وجود مفردات كثيرة وبديلة للكلمات الأعجمية في لغة الضادّ.
أما ما جاء تحت عنوان «سفراؤنا إلى المجد»، فضمّنته الخوري عدداً من الأحداث التي تحكي قصص الطيّارين السوريين وبطولاتهم في حماية سماء الوطن بشكل مكثّف تجاوز المقال ووصل إلى القصة القصيرة جدّاً.
وجاءت قصّة «مواطن من تشرين» لتسجّل تمسّك السوريين بكرامتهم من خلال رجل عجوز حمل على كتفه بطلاً من أبطال تشرين، والذي أبلى بلاءً حسناً في الحرب، ثمّ أصيب، وعلى رغم الإعياء والتعب، صمّم الرجل العجوز على الوصول بالجريح إلى المشفى متحملاً المشقّة مقابل ألّا يترك واحداً من حماة الوطن يعاني من جروحه في الأرض العراء.
ولعل أهمّ ما طرحته الأديبة الخوري، قصّة المرأة السورية التي كان عنوانها «امرأة من تشرين»، تلك المرأة التي ذهبت لتزور ابنها في المشفى، وبعد عناء طويل، استطاعت أن تصل إليه لتجده مبتور الساقين فقالت له: «المهم أن أراك حيّاً ومنتصراً على أعدائك بإذن الله، وثمن النصر يا ولدي غال».
الكتاب خلّد مآثر حرب تشرين. وتمكّنت الخوري من استحضار قصص أخرى متنوّعة تحظى بمقدرة فائقة على الإثارة والتشويق نظراً إلى تمرس الأديبة بالسرد الروائيّ وكتابة القصة والمقالة، إضافةً إلى حرصها على المستوى الرفيع في المواد المكتوبة.