الولايات المتحدة… بين اللحم والظفر!
فاديا مطر
منذ بروز أول ملامح إخفاق الاستراتيجية الأميركية لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية والعراق، حتى بدا ما أعلنته الولايات المتحدة من طلب علني لتقديم دعم مالي متجدد للمجموعات الإرهابية في سورية في موقف يُكرس سياسة دعم الإرهاب منذ بداية الحرب على سورية.
فقد طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من الكونغرس في 27 حزيران 2014 تقديم مساعدات مالية لمجموعات الإرهاب في سورية تحت تسمية «معارضة معتدلة» مع العلم أن بعض هذه «المعتدلة» مصنف تحت بند الإرهاب الدولي، وقد كان الرئيس الأميركي نفسه أعلن في 20 حزيران من العام نفسه في موقف متناقض يعكس إزدواجية المعايير في نهج الإدارة الأميركية عن تقديم مساعدة للحكومة العراقية في مواجهة العصابات الإرهابية، فمحاولة تمويه الدعم الاميركي المباشر للإرهاب مستمرة، خصوصاً بعد حديث أحد المسؤولين العسكريين في 28 أيار الماضي عن تدريب المعارضة السورية لمحاربة تنظيم «داعش» دخوله حيز التنفيذ في تركيا بعد تصريحات وزير الخارجية التركي جاويش أغلوا عن اتفاق بين واشنطن وأنقرة بتوفير دعم جوي للمعارضة السورية، والتي أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة تقوم بدعم وحماية الفصائل المعارضة التي تم شمولها ببرنامج التدريب والتسليح الأميركي من الهجمات التي قد تتعرض لها سواء من تنظيم «داعش» أو من الجيش السوري وحلفائه بحسب ما قاله المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض إليستير باسكي أول من امس، ليأتي التحذير الروسي من الدوحة التي كانت تستضيف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والذي أعلن منها ان التصريحات الأميركية ستكون لها نتائج عكسية لأنها ستعرقل محاربة الإرهابيين في سورية، فقد ذّكر الوزير الروسي بعدم جدوى الضربات الجوية بتحقيق مكاسب على الأرض، ومُعيداً للأذهان مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي طرحها في لقائه مع ولي ولي العهد السعودي، داعياً الى وقف أي تدخل خارجي في الشأن السوري، فإشارات الاستفهام الكبيرة حول جاهزية مقاتلي المعارضة المعتدلة التي تعمل الولايات المتحدة مع حلفائها على تدريبهم باتت تطفو على السطح لتفرض أجوبة محرجة خصوصاً ان القوة التي دربتها الولايات المتحدة تعرضت لاعتداءات من تنظيمات إرهابية سابقاً، لتضع الخطوات الاميركية البديلة في موقع المحاولة لتغيير ما يمكن تغييره من المشهد الميداني الذي تتداخل فيه القوات السورية والحلفاء الداعمون ولجان الحماية مع فراغ تكتيكي يمكن أن تحققه هذه القوة المدربة، وتداعيات كارثية بتحذيرات روسية من استهداف الجيش السوري في ظل ظروف عدم توافر ساحة سياسية لاستيعاب هذه التداعيات، لتبقى هذه الخطوات حبيسة الأوراق السياسية والتصريحات الفارغة مع انعدام العامل اللوجستي الذي يضع المقاتلين «المعتدلين» أمام القرار الحاسم في الميدان السوري، فهي خطوات لإرضاء من يمكن إرضاؤه من الحلفاء الإقليمين والدوليين لأميركا في ظل عدم وجود وزن ملحوظ لمجموعات «المعارضة المعتدلة» في المعادلات الإقليمية والدولية مقارنة بالمتطرفين مثل «داعش» ومتفرعاته على خلفية ما تسعى اميركا الى حمايته من مصالح حيوية مرتبطة بأمن «اسرائيل» ومع اقتراب واشنطن وحلفاؤها اكثر من الموقف الروسي لايجاد حل سياسي في سورية، فالخيارات المتبقية قد تسعفها ظروف وأدوات المشهد الدولي والإقليمي خصوصاً على خلفية ما كان قد رفضه البيت الأبيض سابقاً من توصيات وزارتي الخارجية والدفاع حول تسليح المعارضة السورية في 8 شباط 2013 والتي لم تغب عن الأذهان، روسياً وأميركياً، فهي خطوات تعكس الاستراتيجية الأميركية التي وقعت في تخبط وعدم تنسيق واتخاذ منحى متباطئ في المساندة الجوية من جانب قوات التحالف لمجموعة المسلحين «المعتدلين» على حساب سياسة معقدة تحكم الساحة الشرق اوسطية سياسياً وعسكرياً وأمام استراتيجية ايرانية وعراقية وسورية أغنت المعادلة الدولية بعدم اللجوء إلى استراتيجية «أوباما» في محاربة الارهاب وعدم الارتكاز في المقاربة التي اتبعتها إدارة واشنطن باتجاه سورية خصوصاً.