نيو شرق أوسط
بلال شرارة
أثار التواجد العسكري الروسي المتزايد الجوي، البحري، البري في منطقة اللاذقية السورية الكثير من التساؤلات والحراك السياسي الذي أبرزته زيارة رئيس حكومة العدو نتنياهو وأركان حربه موسكو، وهي الزيارة التي تسبق زيارته واشنطن، والتي رأى فيها خبراء أنها تحديد لحدود صورة الحركة «الإسرائيلية» في المجال الجوي والبري السوري.
أنا أزعم أمام ما أرى وألمس أننا أمام تشكيل نيو شرق أوسط وهو الأمر الذي تعارف عليه الجميع باسم «الشرق الأوسط الجديد» يقوم على توزيع شعوبنا على أراضٍ أوروبية على النحو الذي يتمّ فيه توزيع الشعب السوري ليملأ فراغ الأراضي الأوروبية، وبالتالي تصبح بلادنا سلاح مداح أمام حركة القوات الأجنبية.
أنا أزعم أننا أمام شرق أوسط جديد إنْ قلنا: نعم أو لا.
أنا أزعم أنّ الانتشار العسكري ليس لحماية مصالحنا بل مصالح الدول الصناعية الكبرى السبع زائد؟ والتي اتفقت ذات يوم على الشرق الأوسط الكبير ـ الجديد ـ الموسع حسب ما ترون في نيوايلاند، واستخدمت عندنا استراتيجية «الفوضى البناءة» وفي طليعتها اختراع: داعش في تشكيل هذا الشرق الأوسط الذي تقوم الدول الكبرى بصياغة علاقاتها وتحالفاتها الاستراتيجية معنا ونشر قواعدها عندنا ويأتي في السياق الانتشار العسكري الروسي في سورية المجدية وتحويل العراق وسورية إلى أهداف جوية على وقع غرفة عمليات موحدة شرقية وغربية.
الآن الصراع على الجبنة الموضوعة على طاولة المغانم الشرق أوسطية…
كلّ يأخذ حصته، و«إسرائيل» تريد حصة كما دول الجوار الإقليمي.
القواعد الأجنبية تملأ دنيا الشرق، وليس فقط اللاذقية والجوار، وكي لا ننسى أعيد عليكم بعض ما هو موجود في أرشيفنا عن القواعد العسكرية الأميركية.
لا بدّ من الإشارة بداية إلى القواعد العسكرية في تركيا وفي طليعتها قاعدة أنجيرليك الجوية وإلى القواعد العسكرية في باكستان مطار جاكوب آباد – دالبندين – باستي وقاعدة شاهباز وإلى المشاركة الأميركية الفاعلة في قوات الشيشان في أفغانستان وفي قواعد قندهار كابول والوحدات المنتشرة في كامل مساحة البلاد والقواعد العسكرية الأميركية في طاجكستان قاعدة دشونبي ودجيبوتي .
أما في بلادنا، فالقواعد العسكرية الأميركية تنتشر في المملكة العربية السعودية: قاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض ، تسميات عسكرية مختلفة للقوات الأميركية في الدمام، الهفوف، الخُبر، تبوك، ينبع والظهران.
القواعد العسكرية الأميركية في الكويت: قاعدة أحمد الجابر الجوية. معسكر الدوحة جزيرة فيلكا. مطار الكويت الجوي. ميناء الأحمدي. قاعدة علي سالم. معسكر أريفجان.
القواعد العسكرية في عُمان: ميناء قابوس، ميناء صلالة، مطار السيب الدولي. قاعدة المثنى الجوية. قاعدة تيمور الجوية. قاعدة مصيرة العسكرية.
قواعد عسكرية أميركية في البحرين: ميناء سلمان، مطار المحرق، قاعدة الشيخ عيسى الجوية، قاعدة الجفير العسكرية القريبة من المنامة.
قواعد عسكرية أميركية في قطر: معسكر السيلية، مطار الدوحة الدولي، منطقة أم سعيد، قاعدة العيديد العسكرية.
قواعد عسكرية في الإمارات العربية المتحدة: قاعدة الظافرة الجوية أبو ظبي ، مطار الفجيرة الدولي، ميناء زايد، ميناء رشيد، ميناء جبل علي، ميناء الفجيرة، وحدة عسكرية أميركية تتكوّن من طائرات استطلاع.
قواعد عسكرية في جيبوتي: قاعدة جيبوتي العسكرية، محطة استخبارات.
أما في العراق ورغم الإعلان السابق عن انسحاب القوات الأميركية إلا أنّ الجديد اليوم هو أنّ القوات الأميركية تنفذ دوريات استطلاع في الأنبار إضافة إلى القواعد التي تضمّ ما يوصف بالخبراء.
في هذا الأمر لا بدّ من الإشارة إلى ما يوصف بالقواعد الأميركية لتدريب المعارضة السورية أو رجال العشائر العراقية ومعسكرات التدريب هذه تنتشر في الأردن وتركيا والعراق.
وفي إطار النيو ميدل إيست لا بدّ من الإشارة إلى التطور النوعي للمشاركة الجوية البريطانية والفرنسية تحت عنوان الحرب ضدّ داعش .
الآن أرجو أن لا يعتقد أحد أنّ حماستي ناجمة عن التواجد العسكري الروسي في سورية، فأنا لست ساداتياً أريد خروج الروسي ولست مغشوشاً بوجود صراع امبرياليات بل اعتقد بوجود تفاهم امبرياليات يحاول التموضع وامتصاص ثرواتنا ومواردنا البشرية والطبيعية.
وطبعاً لا يستطيع شخص مثلي يمتلك قدراً محدوداً من المعلومات رصد كلّ ما يقع على خريطة الشرق الأوسط أو يقع منها و الحبل على الجرار ولكن لا بدّ أن يلاحظ أيّ شخص أنّ تغييراً ما يجري وأنّ المحادثات الروسية العسكرية الأميركية المقبلة على خلفية التعزيزات الروسية العسكرية في سورية وعلى خلفية الدخول الانكليزي الفرنسي على خط الشرق الأوسط بعنوان داعش و -أن- كل ذلك يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط الميدانية .
ربما نكون غداً أمام سالت 4 أو سالت 5 لا أدري، أو ربما مالطا جديدة أو سايكس – بيكو جديد – أو لافروف – كيري جديد أو لا أدري أسماء وزراء خارجية الدول الخمس الكبار أو الدول الصناعية الكبرى ولكن…؟
ولكن بما أني شرق أوسطي، فأنا بطبعي متشكك وحذر وربما أتوهّم أننا نعيش في نيو شرق أوسط وأننا نحن بأنفسنا نأتي بالدبّ إلى كرمنا أنا لا أقصد الدبّ الروسي وحده فالآخرون دببة بألوان مختلفة .
إنه كما في عنوان كتابي عام 2004 تمويه النوايا الشرق الأوسط الجديد.
فإنّ داعش هو مجرد حجة ومبرّر ومثله جيش الفتح والقاعدة وأسماء المعارضات.
من أين أتت هذه الأسماء؟ من صاحب هذا الاختراع الذي يستدعي العودة إلى قوات التحالف التي خاضت الحرب العالمية الثانية ضدّ ألمانيا النازية؟ من الذي يريد إعادة إنتاج خريطة الشرق الأوسط لتناسب مصالحه حيث أنّ الخطوط الزرق الفرنسية الانكليزية لسايكس – بيكو لم تعد ملائمة؟ أين تقع أوطاننا؟ أين أقع أنا على خريطة نيو شرق أوسط لا أدري من يدري.