صحافة عبريّة
كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية: على رغم أنّ الحكومة «الإسرائيلية» الحالية ـ وهي حكومة ضيّقة ليس فيها سوى اليمين ويتبعه الغاوون ـ هي الأكثر تجانساً في تاريخ «إسرائيل»، إلا أنّها تكاد تنفجر من داخلها لأسباب موضوعية وذاتية. ووصل الأمر بزعيم «البيت اليهودي» نفتالي بنيت، إلى الإعلان عن أنّ طمأنة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو له، وتعهّده بأنّه لن يقدم على أيّ خطوات من طرف واحد في الضفة الغربية، لم يأتِ إلّا بعدما «وضعت له رصاصة بين عينيه». وطبيعي أن يقود مثل هذا التصريح إلى حملة واسعة من «الليكود» ضدّ بنيت، فضلاً عن توبيخ نتنياهو له.
الواقع أنّ الائتلاف «الإسرائيلي» الحاكم يعيش أزمةً فعليّة منذ تشكيله، وذلك لاعتبارات عديدة، أقلّها أنّه ائتلاف يتكون من 61 نائباً، أي النصف زائداً واحداً. وهذا يعني أنّ الائتلاف لا يملك ترف الاختلاف على أيّ مسألة وإذا اضطر لذلك، فإنّه يخسر أمام معارضة جادّة مكوّنة من 59 عضو «كنيست». ومع ذلك، وعلى رغم أنّ الائتلاف يمينيّ بامتياز بين من يعرّفون أنفسهم على أنّهم وسط اليمين، إلّا أنّ هذا لم يخلق انسجاماً لا سياسياً ولا فكرياً والأهم شخصياً أيضاً. فالخلافات الشخصية كانت معروفة وعلنية، بين نتنياهو وزعيمَي كل من «البيت اليهودي»، نفتالي بنيت، الذي سبق وخدم كأحد أفراد طاقم نتنياهو قبل أن تعلن زوجة نتنياهو، سارة، الحرب عليه، وموشي كحلون الذي يرأس حزب «كلنا» وترك «الليكود»، وكان نجماً صاعداً فيه، بسبب خلافاته مع نتنياهو.
واضطرّت الظروف نتنياهو للتحالف مع خصومه الشخصيين لتجنب الخضوع لابتزاز خصومه السياسيين. ومع ذلك، لم تكن الخلافات بين نتنياهو و«البيت اليهودي» مجرّد خلافات شخصية، إنما كان لها أيضاً أبعاد زعامية وأيديولوجية وسياسية. فبنيت يتطلع إلى تزعّم «اليمين الإسرائيلي»، وهذا يبقيه في صِدام دائم مع زعيم اليمين الحالي، أي نتنياهو. وهو أيضاً يحمل فكراً يمينياً متطرّفاً لا يبقي هامشاً للتسوية مع الفلسطينيين، وينطلق من أنّ لليهود فقط الحق في هذه الأرض. ونتنياهو، الذي قد لا يختلف مع بنيت جوهرياً في هذه المسألة، يأخذ في الحسبان أنّه من مدرسة جابوتينسكي الفكرية التي لا تتجاهل وجود الفلسطينيين ولو من الناحية الظاهرية.
وهذا يقود إلى المستوى السياسي، حيث يريد نتنياهو أن يبقي لنفسه هامشاً للمناورة السياسية في ظلّ وضع دوليّ ضاغط على «إسرائيل»، اضطره إلى أن يعلن التزامه بحلّ الدولتين وثرثر بكلام عن «خطوات من طرف واحد» في زيارته الأخيرة إلى واشنطن. وطبعاً حاول بنيت الظهور بمظهر من أصابه مسّ عندما سمع نتنياهو يكرّر كلاماً كان قد أطلقه آرييل شارون، وقاد إلى خطة الفصل عن غزة.
وهكذا، وبعدما أعلن نتنياهو أنّه لا يقصد شيئاً بالخطوات من طرف واحد في الضفة الغربية، وقرّر توسيع الاستيطان في محيط القدس، وإخراج الجناح الشمالي في «الحركة الإسلامية» داخل الخط الأخضر عن القانون، قال بنيت في حديث مغلق مع أعضاء حزبه: «لقد تراجع نتنياهو عن الخطوات من طرف واحد فقط بعدما أطلقت له رصاصة بين عينيه».
ونشرت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» نصّ كلام بنيت هذا الذي وصلها طبعاً من خصوم له كانوا حاضرين في الاجتماع. وبحسب «إذاعة الجيش الإسرائيلي»، فإنّ وزير الزراعة من حزبه، أوري آرييل، توجّه لبنيت منبّهاً: «انتبه لما تقول». حينذاك، حاول بنيت تفسير كلامه ـ وهو ليس الأول ضدّ رئيس حكومة هو وزير فيها ـ فقال: «لا تفهموا كلامي خطأ. هذه استعارة، إذا سرّبتم هذا الكلام فلن تعقد لقاءات كهذه مستقبلاً».
وعندما سألته الإذاعة عن هذا الكلام، رفض بنيت التعليق واكتفى بالقول: «أنا مسؤول عن أمن إسرائيل ولن أردّ على أحاديث شخصية». وأضاف أنّه طالما لا يزال موجوداً في الحكومة، «لن يكون هناك انسحاب من طرف واحد». وقال إنّ الحلّ لموجة الإرهاب الحالية ينبغي أن يكون «السور الواقي 2»، وبحسب رأيه، «ينبغي الدخول بقوات كبيرة جداً إلى الخليل، وإلى المدن حولنا، ولا مفر من فعل ذلك».
وكان بنيت قد أعلن أثناء زيارة نتنياهو إلى واشنطن، أنّ «أيّ تسليم للأرض من طرف واحد للعرب هو خطأ جسيم، دائماً. والحديث عن هذا في ذروة موجة إرهاب يبعث برسالة تناقض المطلوب. ينبغي معاقبة العدو على إرهابه لا منحه جائزة لقتل اليهود. ولا ريب أننا بحاجة إلى خطوات من طرف واحد: فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في يهودا والسامرة».
وكان جانب من توتر العلاقة، مؤخراً، بين نتنياهو وبنيت، يكمن في إدراك الأخير أنّه بعد إقرار الموازنة، ينوي نتنياهو تكثيف مساعيه إلى ضمّ «المعسكر الصهيوني» إلى الحكومة، وهو ما سيقود فعلياً إلى انسحاب «البيت اليهودي» من الائتلاف. ولهذا، يحاول بنيت رفع الصوت عالياً من الآن، وإشعار نتنياهو أنّه جاهز لمناكفته. وهذا ما دفع نتنياهو، قبل يومين إلى محاولة طمأنة بنيت و«البيت اليهودي» بالقول: «لا نيّة لأيّ تغيير في الائتلاف الحالي»، وأنّ أيّ توسيع للائتلاف، لن يكون على حساب أيّ من الشركاء الحاليين.
وكان واضحاً أنّ كلام بنيت لن يمرّ من دون ردّ من جانب نتنياهو و«الليكود». ووبّخ نتنياهو بنيت علناً، قائلاً له: «إنّ الأقوال المنسوبة إليك ليست مناسبة، وهي تناقض الواقع بشكل مطلق». وهزأت جهات في «الليكود» من بنيت قائلة: «بنيت هذا صاحب خيال واسع جداً ـ لكنّه، لأسفنا، يعاني من حالة متقدمة من التشويش بين الخيال والواقع. وما بدأ بتسجيل نقاط لمصلحته على خطوات قادها رئيس الحكومة، تطوّر إلى نوع من انعدام الإدراك التام بمكان، ومكانة وزير التعليم في عملية صنع القرارات».
وقال مسؤول آخر في «الليكود» إنّ بنيت، فهم وبحق، أنّ نتنياهو لا ينوي إبعاد «البيت اليهودي» عن الائتلاف ولا يسمح لنفتالي بنيت وآفيغادور ليبرمان بالالتفاف عليه من جهة اليمين في المعارضة. لذلك يسمح بنيت لنفسه بالتصرّف بلامبالاة مطلقة وهو متأكد أنّ كرسيه مضمون. نحن نسمع عن انتقادات غير مناسبة يوجّهها لنتنياهو في دوائر مختلفة. ينبغي وضع حدّ لهذا. إن كنت داخل الحكومة، تصرّف برسمية. لا تهن نتنياهو. المسألة على حافة الغليان.
الجيش يكشف عن القنبلة الذكيّة التي استخدمها في تدمير غزّة
كشفت «القناة الثانية» في التلفزيون «الإسرائيلي»، أنّ الجيش دمّر المباني في قطاع غزّة خلال الحرب الأخيرة بقنبلة أميركية من نوع «SDB»، وهي من تصنيع شركة «بوينغ». وبحسب مُراسل القناة للشؤون العسكرية نير دفوري، يطلق سلاح الجوّ «الإسرائيلي» على هذه القنبلة اسم «البَرَد الخارق». واشترت «إسرائيل» تلك القنابل عام 2006. وعام 2011 دخلت حيّز التنفيذ في سلاح الجوّ «الإسرائيلي»، ورُكّبت على طائرات من نوع «أف 15» و«أف 16».
وتعتبَر هذه القنبلة الأكثر فتكاً ودقة في إصابة أهدافها. واستخدمها الجيش «الإسرائيلي» للمرّة الأولى، بحسب «التلفزيون الإسرائيلي»، الصيف الماضي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزّة. ويدور الحديث عن قنبلة صغيرة القطر بالإنكليزية: Small Diameter Bomb أو ما يعرَف اختصاراً بـ«SDB» أو «GBU-39»، وهي قنبلة منزلقة موجّهة بدقة، زنتها 110 كيلوغرامات. والهدف من صنعها توفير القدرة للطائرات على حمل أكبر عدد من القنابل. ومعظم طائرات القوات الجوية الأميركية قادرة على حمل حزمة من أربع قنابل «SDB» مكان قنبلة واحدة من زنة 907 كيلوغرامات، باستخدام رفّ تعليق من نوع «BRU-61/A».