لجنة الطوائف… المطبخ لتسوية قانون الانتخاب!
هتاف دهام
اجتمعت لجنة درس قانون الانتخاب على سرية مطلقة للمداولات مستفيدة من تجربة اجتماعات اللجنة في السنوات الماضية، حيث كانت نهاية الاجتماعات فرصة لتراشق إعلامي حادّ بين أعضائها، وأحياناً كما حصل مرات عدّة كانت التراشقات الإعلامية تتحوّل إلى اشتباكات كلامية حادّة كما في الحادثة المشهورة بين النائبين أحمد فتفت وألان عون. وبناء على التجربة الماضية و«الشوشرة» الإعلامية قرّر الممثلون العشرة للطوائف الكبرى إبعاد الإعلام عن فحوى الاجتماعات، بخاصة أنّ الإضاءة الإعلامية في ظلّ التناقضات التي لا تزال جوهرية تجعل الشراكة مع الإعلام مُحرجة للجنة.
سيخيّم الصمت الآن على اجتماعات اللجنة، هذا فقط إعلامياً، أما على مستوى الفعل، فثمة صخب سياسي فعلي، كما يدّعي أحد أعضاء اللجنة يمكن توقعه بالبداهة نتيجة للفروق الموجودة بين المشاركين، لا سيما في غياب التسوية السياسية التي تشكل شرطاً للاتفاق على قانون انتخابي مشترك. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الحديث عن تسوية سياسية قائمة، إلا أنّ هذه التسوية التي يتمّ التشاور في شأنها، لم تكتمل معالمها بعد، وبحسب ما يتمّ تداوله، فهي بما يصبو إليه الرئيس سعد الحريري تقضي على أيّ إمكانية للتوافق على قانون انتخابي جديد والاكتفاء بتعويم قانون الستين، مما يعني الحكم على لجنة قانون الانتخاب بالعقم وعدم الإنتاج. وبما أنّ عنوان قانون الانتخاب هو عنوان جوهري في السلة المتكاملة التي تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وفي لقاء الحريري رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، وبما أنّ الاتفاق على قانون الستين كما سرّب من اللقاء قد يشكل فضيحة، فإنّ اللجنة الحالية ستكون المطبخ الحتمي لأيّ تسوية تتعلق بقانون الانتخاب. وبذلك يكون عمل اللجنة السري جزءاً من مراكمة الثقة بالنفس، ما يجعلها ذات دور جوهري، بناء على تحريك الملف الرئاسي وترابط الملفات بعضها ببعض، بحيث تحاكي اللجنة في مهلة الشهرين التي خصّصت لها وقائع غير فعلية، ومن المفترض عند ذلك أن تتعاطى بجدية مع الوصول إلى قانون انتخابي متفق عليه.
إنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون تخلّى عن اقتراح القانون الأرثوذكسي الذي تقدّم به النائبان نعمة الله أبي نصر وألان عون لمصلحة مشروع القانون الذي يجعل لبنان 15 دائرة مع اعتماد النظام النسبي. وهو المشروع الذي تمّ التوافق عليه مارونياً في اجتماع الأقطاب في بكركي، فيما رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط تخلّى عن المشروع المختلط الذي يجمعه وحزب القوات وتيار المستقبل لمصلحة نسبية ما، يريدها جنبلاط إصلاحية لكن شرط «المحافظة على مصالح الطائفة الدرزية»، وحزب الله يكرّر أنه مع النسبية والدائرة الواحدة. والسؤال المطروح: كيف سيغادر هؤلاء طروحاتهم إلى حيث نقطة التوازن الصعبة بين الجميع؟ هل ستكتفي اللجنة بالبحث في المشروع الذي قدّمته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والقائم على جعل لبنان 13 دائرة على أساس النسبية والعمل على تعديله، وفي النظام المختلط الذي يجمع بين «الأكثري» و«النسبي»، بمعنى آخر جمع اقتراح رئيس المجلس النيابي نبيه بري، واقتراح «القوات» و«المستقبل» و«الاشتراكي» لإيجاد قواسم مشتركة بينهما؟ أما أنها ستبحث في اقتراحات قوانين أخرى مقدّمة من الكتل النيابية، فحزب الكتائب على سبيل المثال يصرّ على البحث في اقتراحه القائم على اعتماد النظام الأكثري على الدوائر الصغرى أو الدوائر الفردية.
تنعقد لجنة قانون الانتخاب في ظلّ مناخ إعلامي وسياسي يحيط بها ولا يوحي بأيّ مؤشر تفاؤل حول إمكانية الوصول إلى نتيجة. فهل سيحصل تبدّل دراماتيكي في قانون الانتخاب ويهبط حلاً من سماء الغرائب والعجائب التي تخيّم على الوضع اللبناني كانت أبرز معالمها تبني الحريري ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية؟
في الانتظار، سيجتمع النواب الذين يمثلون التوزيع المذهبي في المجلس: ألان عون، إميل رحمة، علي فياض، أحمد فتفت، سامر سعادة، سيرج طورسركيسيان، روبير فاضل، ميشال موسى ومروان حمادة، برئاسة منسق عام اللجنة النائب جورج عدوان يومي الثلاثاء والخميس من كلّ أسبوع بعيداً عن الإعلام للبحث في اقتراحات ومشاريع القوانين المقدّمة من الكتل السياسية. فهل ستبقى هذه اللجنة تدور في حلقة مفرغة متراكمة من الحقبة الماضية؟ وهل يكون سبب السرية عدم كشف الخواء في عناوين البحث لدى المجتمعين؟ وهل تكون هذه اللجنة لجنة غبّ الطلب على غرار طاولة الحوار الوطني بانتظار كلمة السرّ الآتية؟