تقرير

نشرت صحيفة «لاستامبا» الإيطالية تقريراً أشارت فيه إلى احتمال عودة صلاح عبد السلام، أحد منفّذي هجمات باريس، إلى مناطق تنظيم «داعش» في سورية. ورأت أنه إذا صحّت هذه الفرضية، فإنها ستكون إهانة أخرى للأجهزة الأمنية الأوروبية، التي تبذل جهوداً كبيرة للقبض عليه منذ 13 تشرين الثاني الماضي.

وقالت الصحيفة، إن الجميع صاروا يعلمون أن صلاح عبد السلام، الذي يبلغ من العمر 26 سنة، وطوله متر و75 سنتيمتراً وعيناه بنيتان، مطلوب لدى الشرطة الفرنسية، فقد انتشرت صوره في كل مكان في أوروبا، بعدما أصبح العدو رقم واحد للأجهزة الأمنية الأوروبية، بسبب تورّطه في هجمات باريس.

وأضافت الصحيفة أن هذا الشاب الذي تصفه الصحافة الأوروبية بأنه وسيم وجذاب للنساء، كان محل بحث وتفتيش دقيق من قبل الدول الأوروبية التي جنّدت لأجله كل قدراتها، خصوصاً فرنسا وبلجيكا، ولكنه تبخر بعد الهجمات، ولم يظهر مجدداً إلا في مناطق تنظيم «داعش» في سورية.

وذكرت الصحيفة أن مصادر استخبارية فرنسية أكدت ما تم تداوله خلال الأيام الماضية على مواقع الإنترنت، من أن صلاح عبد السلام نجح في التسلل عبر كل الحواجز الأمنية والسفر إلى سورية. وبذلك يذهب حاملاً معه كل الأسئلة المحيرة حول سبب عدم قيامه بعملية انتحارية، على غرار أخيه إبراهيم الذي يكبره بخمس سنوات.

وقد كثرت في الفترة الماضية التخمينات حول ما إذا كان قد شعر بالخوف وتراجع عن التزاماته مع التنظيم، أم أن الأمر كان مخططاً له منذ البداية. وكثر الحديث أيضاً حول أن هذا الشخص المطلوب من قبل كل أجهزة الشرطة الأوروبية، مطلوب أيضاً من قبل تنظيم «داعش» لمعاقبته بتهمة التراجع والاستسلام للخوف، الذي يعدّ جرماً لا يغتفر في قوانين تنظيم «داعش».

وذكرت الصحيفة أن صلاح وشقيقه إبراهيم اللذين يحملان الجنسية الفرنسية، وينحدران من أصول مغربية، عاشا غالبية فترات حياتهما في حي «مولينبيك»، في الدائرة التاسعة عشر في بروكسل، الذي أصبح يوصف بأنه معقل للمجموعات المتشدّدة في أوروبا.

وأضافت أن هذين الأخوين كانا يديران مقهى «لي بيغين» في هذا الحي، وكانا يتعاطيان الكحول والمخدرات في هذا المكان، وهو ما أدى إلى إغلاقه من قبل الشرطة في آب الماضي بشكل موقت. وفي الفترة ذاتها، كان الأخوان عبد السلام يتابعان تسجيلات الفيديو الدعائية التي ينشرها تنظيم «داعش» على الإنترنت، والتي أحدثت تأثيراً كبيراً خصوصاً لدى إبراهيم.

ورجّحت الصحيفة أن الأخوين قد يكونان اعتمدا أسلوب التقية، الذي مكنهما بحسب تقديرها من إخفاء الأفكار الدينية ومخالفة الشريعة الإسلامية إن لزم الأمر، من أجل البقاء بعيداً عن أعين الشرطة البلجيكية.

وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن صلاح عبد السلام، كان في السابق قد وقع في مشكلات عدّة مع السلطات بسبب قيامه بعدة عمليات سرقة وجرائم أخرى، كما أنه كان شخصاً يطيل السهر في الليل، ولا يمكن أن يستفيق قبل الساعة الثالثة ظهراً، كما وصفه أصدقاؤه، وكان يعيش حياة ليلية ويخالط النساء كثيراً ولديه علاقات متعدّدة. وعلى رغم أن شقيقهما محمد لاحظ تغييراً طفيفاً عليهما، في الفترة الأخيرة قبل الهجمات، فإن ذلك لم يثر شكوك العائلة التي رأت في الأمر تغيراً إيجابياً في سلوك صلاح وإبراهيم.

كما ذكرت الصحيفة أن ما تأكد للشرطة الفرنسية حتّى الآن، أن صلاح هو الذي كان يقود السيارة من نوع «رينو كليو» في ليلة تنفيذ الهجمات، وكان يقلّ معه المجموعة التي حاولت تنفيذ الهجوم في محيط ملعب كرة القدم، وقد عثر على السيارة لاحقاً في الدائرة 18 في باريس.

وبعد ساعات من الهجوم، عثرت الشرطة في منطقة «مونروج» على حزام ناسف آخر في مكب للنفايات، بعد نجاحها في تعقب هاتفه الجوال، وهو ما جعل الكثيرين يفترضون أن صلاح تراجع عن تنفيذ مهمته في اللحظة الأخيرة.

وقالت الصحيفة إن الشرطة البلجيكية قامت بحملة مداهمات شديدة يوم السبت الماضي في حي «مولينبيك»، للعثور على صلاح بعدما وردتها معلومات حول تواجده هناك، ولكنها لم تعثر عليه، وهو ما عزز الشكوك التي بدأت تروج في شأن نجاح صلاح في العودة إلى سورية، خصوصاً أنه قام في آب الماضي برحلة نحو سورية، رصد خلالها تواجده في مدينة باري الإيطالية وعدة مدن يونانية، وهو ما يعني أنه كان حينذاك بصدد استكشاف الطريق والتعرف إلى أشخاص ربما يساعدوه.

وخلصت الصحيفة إلى أن هذا يؤكد فرضية أن عدم قيامه بالعملية الانتحارية كان أمراً مبرمجاً منذ البداية، من أجل تأمين عودته إلى أحضان تنظيم «داعش»، وهو ما يمثل بكل تأكيد إهانة كبرى لكل الأجهزة الأمنية الأوروبية التي نجح في تجاوزها والإفلات منها للوصول إلى سورية، بعدما نجح بعد الهجمات في العودة من فرنسا لبلجيكا على رغم عمليات البحث عنه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى