أَتَكْسِفُونَ «المنار»؟!

هاني الحلبي

تواصل «عربسات» تصعيدها المشبوه، قراراً قراراً، فتكشف عن حقيقتها وحقيقة أقطابها المستثمرين قناعاً قناعاً.

كان قرار «عربسات» بحجب قناة «الميادين»، بإيقاف بثها عن قمرها، خلافاً لأيّ تعاقد قانوني بين الفريقين، وتعسّفاً بتفسير أيّ نصّ قد يحكم الرابطة التعاقدية، لتؤكد أنها حالة تخلّف بدوي لا تقيم للعهود ولا للمواثيق وزناً. و«الميادين» القناة العربية المستقلة الرائدة توّجت لبنان بلد استضافة للرأي والموقف الحرّ والمقاوم عربياً.

لم تتأخّر «عربسات» حتى اتخذت قرارها الأخرق الثاني، بإيقاف بث قناة «المنار» عن قمرها، قمعاً للموقف الآخر، وهو عذر أقبح من ذنب، وليس سوى ورقة توت لا تنطلي على بسطاء عرب.

وفي إيقاف «الميادين» و«المنار» لم يكن ممكناً حجب ضوئهما قط عن جمهورهما، بل لا بدّ لمن كانت قناته «المنار» أو «الميادين» أن يتعقّبها من مدار إلى مدار، حتى يضمن تحصينه من الظلال وتجنّبه اغتيال الحق في روحه ومبدئه.

وقرار إيقاف البث خلاصة الإفلاس السياسي والدبلوماسي المتسارع وتأزّم الخوف من الانهيار الحتميّ الذي تحاول مملكة الكبتاغون والرمال والعار تلافيه برشى فلكية.

هو الخوف من حقيقة «الميادين» ومن «منار» الجبهات المقاومة، ومنها جبهة الدبلوماسية التي بدت فيها الدبلوماسية السعودية طفلة لم تتخطّ سن رضاعتها في السياسة ولا في الدبلوماسية، حتى انقلبت عليها رشاها، لعيونها وأبواقها في لبنان وها هم يتوسّلون مرشحاً رئاسياً من فريق خصومهم رأس جسر لعودة مستورة إلى حلبة السياسة فيه وكذلك رشاها لفلول الكتائب والألوية والجبهات والدول الإسلامية في سورية التي كلّ منها تتشرنق بمشروع «خليفة» وإنْ عجزت فبمشروع «أمير»، وتحاول من فسيفسائها حياكة بساط ريحها بعد اضمحلال المعجزات. وليست آخر رشاها 8 مليارات دولار لرئيس كيان كردستان الهجين مسعود البرزاني لتقسيم العراق بدعم تركي مباشر لإقامة «كيان سني» يفصل بين بغداد ودمشق. وهو الاستحالة كلها…

وما كان طغيان سعودي، واستطراداً خليجي، على المؤسسات المتفرّعة عن جامعة الدول العربية الكسيحة ليستشري لولا وهم الحكومات العربية وعقلياتها الرسمية أنّ تلك المؤسسات هي حالة اتحادية وليست طغياناً من قوة المال والبترودولار على باقي المجموعة العربية. وهذا الطغيان استشعر فائض قوّته فأخذ يعيد تركيب العالم بين آل سعود وبني طوران وبني صهيون، مثلث التطرف الوهابي الإخواني الصهيوني وفقاً لتصوّره الناري للدين والجحيمي للسياسة.

أتكفيك سعوديتكِ وقطركِ يا «عربسات»؟ هما تكفيانك، مالاً وأرصدة آخذة بالتناقص السريع، فمهما كانت أنابيب وأساطيل النفط تفيض من أرض العرب، مع أنّ هذه الثروات ليست هي معيار القوة والانتصار الوحيد، فيمكنهما استئجار كلّ مسوخ الجحيم واستقدامهم إلى بلادنا، ويمكنهم توظيف فقراء السنغال والسودان وباكستان وغيرها من بلدان الكثرة والعوز، لكن كلّ جيوش المرتزقة لا تنصر باطلكم الوهابي ولا تفرض قضيتكم الوهمية فالمأجورون ولو كانوا كثرة متراكمة في شعوبنا لا يقيمون حقاً ولا يزهقون باطلاً!

قرار «عربسات» بإيقاف البث تعسّف قانوني ومغامرة سياسية خاسرة. ونقل محطة البث من لبنان إلى الأردن، من دون أيّ إبلاغ لسلطة الوصاية اللبنانية، وزارة الإعلام مثلاً أو غيرها كرئاسة الحكومة او وزارة الخارجية، احتقار فاضح للدور والشراكة اللبنانيين في شركة «عربسات» التي استولت عليها السياسة السعودية بهدف احتكار الفضاء.

لكن «عربسات» ومَن خلفها، ينبغي أن يدركوا أن الفضاء ليس «غيتو» بدوياً لقبيلة في الربع الخالي وليس ماخورة، بل هو متعدّد ومداراته كثيرة، ويمكن استبدال البث من قمر أو شركة إلى غيرهما.

وقبل «الميادين» و«المنار» حوصر الإعلام السوري من التلفزيون العربي السوري إلى قناة «الدنيا» إلى قصف الإخبارية الفضائية وخطف عامليها من عصابات مسلحة، ولا شك في أنّ الاستهداف المعادي سيطال كلّ وسائل الإعلام المقاوم في حرب الوجود.

قراران كافيان ليشهر الإعلام المقاوم عزمه على وضع استراتيجية إعلامية مقاومة ذات بعد إقليمي دولي متكامل يحتضن أقنية المقاومة ويحميها ويؤمّن حقها في الصراع الإعلامي بالصورة والصوت والموقف.

عندما تمّ احتلال العراق أوجدت مبرّرات لاحتلاله ليلغو بها المغفلون، من صدام على السلاح الكيماوي إلى حماية الكويت… قلة كانوا يدركون أنّ الأبيض يؤكل يوم يؤكل الأحمر أو الأزرق لا فرق… والتهديف على العراق استهداف على ظهير استراتيجي لأيّ مقاومة قومية تصنع الانتصار فبلا سورية لا مقاومة وبلا بغداد وطهران لا انتصار…

هي الحرب، ما علمتم وما ذقتم، فـ»أعدُّوا لها ما استطعتم من قوة» ومن خطط، كي لا تؤخذوا فرادى وتذهب ريحكم!

أما زلتم يا ممالك الغبار تظنّون أنكم ستكسفون «المنار»؟!

ناشر موقع حرمون

www.haramoon.org gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى