كيلا نستبدل داعشاً بداعش
بلال شرارة
مع خفوت بريق داعش بدأ الاستثمار على مهمتها الأخيرة في استحضار الوجود الأجنبي الاحتلال أو الانتداب في إطار ترسيم مشروع الشرق الأوسط الجديد للسيطرة على مواردنا البشرية والطبيعية.
فقد أحدثت داعش الفوضى الخلاقة المطلوبة في إطار الاستراتيجية الأميركية لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد… والآن ستبدأ القوات البرية للدول الصناعية السبع الكبرى زائد روسيا التي لا يمكن إلا الاعتراف بمصالحها بالانتشار بمواجهة دولة داعش وتمركزها في المشرق العربي وبعد قليلٍ من الآن في المغرب العربي ليبيا والجوار الليبي تحت ستار أن الحرب الجوية وحدها لا تكفي لتحرير العالم من إرهاب داعش المتمادي الذي بلغ كاليفورنيا وباريس ويهدّد التماس الأوروبي وروسيا وجنوب شرق آسيا.
التموضع الدولي الآتي هو على حد التبريرات الدولية إجراء دفاعي عن أمنها لا بد منه الآن، هل ما يجري يعبّر عن انتباه النظام العالمي ومعه الجوار المسلم والرأسمال العربي إلى أنه موّل انتحاره وليس فقط نحرنا.
أنا أزعم أننا نحن العرب ومعنا النظام الإسلامي انخرطنا جميعاً في مسرحية الشرق الأوسط الكبير، وأننا نصبح يوماً بعد يوم وجهاً لوجه أمام تموضع للقوات الأجنبية بحجة أن الحرب الجوية وحدها لا تكفي . وهذا صحيح والجمهورية الإسلامية الإيرانية نبّهت منذ زمن طويل مع بدء تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية إلى أن الحرب الجوية وحدها لا تكفي.
الآن الولايات المتحدة الأميركية ترسل المستشارين العسكريين ذات اليمين وذات اليسار إلى الشمال السوري والى محاور الأنبار العراقية والبرلمان الألماني أقر إرسال ١٢٠٠ جندي وهناك مئات عدة من الجنود الأتراك توجّهوا لتقديم الدعم ! خدمات التدريب في محافظة الموصل العراقية . وطبعا تجدر الإشارة إلى أن روسيا الامبريالية روسيا هي غير الاتحاد السوفياتي تستعدّ لافتتاح قاعدة جوية ثانية في سورية، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند صال وجال على حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول، وهو لن يتأخر في القول لنا إن الحرب من البحر لا تكفي ولا بد من قاعدة أرضية في الشرق الأوسط للدفاع عن أمن فرنسا والأقليات المسيحية لذلك فإن قاعدة أرضية إنكليزية بالإعارة في قبرص لا تكفي، وربما يكون لبنان مكاناً أنسب؟! ومن المفيد الانتباه إلى المناورات السياسية البريطانية لتبرير زيادة المشاركة العسكرية ديمقراطياً داخل مجلس العموم أنا أعتقد أن بريطانيا التي تؤهل لعملياتها أكبر قاعدة عسكرية في البحرين عينها علينا في الشرق العربي – الله يسترنا – أزعم أن كل ذلك هو من أجل إرساء الانتداب الأجنبي علينا، وغداً بعد الانتهاء من هزيمة داعش سيبدأ داعش الأجنبي بإدارة شؤوننا بسبب فشل الدولة عندنا، وستتكفّل حرب اليمن بنقل صورة طبق الأصل عما يجري عندنا إلى الخليج، وبعد ذلك سيتكفل تهديد داعش انطلاقاً من ليبيا ليشمل الجوار الليبي باستحضار الدب إلى كرمنا مجرد استخدام مثل من الألسنية العربية إذ إنني لا أقصد روسيا وستلعب ايطاليا كاحتياط استراتيجي للغرب دورها في تحرير ليبيا والعالم من الإرهاب حوارات حول حوض المتوسط من ١٠ – ١٢ كانون الأول في روما وفي ١٣ مؤتمراً دولياً حول ليبيا . ما تقدم هو جزء من صورة حركة مشروع الشرق الأوسط. هذا مع ضرورة الانتباه إلى المشهد الأفريقي وادوار داعش الأفريقية بوكو حرام في نيجيريا ودواعش الصومال والأدوار المقبلة في إطار الصراع الأميركي الصيني على أفريقيا.
طيب! ماذا نفعل نحن العرب؟ باستثناء الموقف العراقي وتغريدة حيدر العبادي رئيس وزراء العراق وإعلانه أن نشر قوات أجنبية في العراق عمل معادٍ – باستثناء – هذا الكلام المتأخر باعتبار أن الخبراء والمستشارين الأجانب منتشرون في الجمهوريات العراقية ! من كردستان إلى تماس الأنبار إلى الموصل ، باستثناء ذلك فإن هناك تورطاً عربياً كاملاً أو صمتاً مطبقاً أو التهاء بوقائع داخلية إزاء مقدمات الاحتلالات الأجنبية. يبقى أن داعش المستتر إسرائيل ، وتتجهّز بمنظومات الحرب الجديدة من واشنطن وتستعدّ لأكبر مناورة دفاع جوي جونيفر كوبرا في الربع الأول من العام المقبل ٢٠١٦ وأقول لولا القيامة الفلسطينية الآن لما تمّ تحييد الدور الإسرائيلي عن صورة الحركة الشرق أوسطية المباشرة في هذه اللحظة السياسية، ربما علينا الانتباه جيداً، صحيح أن الأولوية هي لقتال الإرهاب، ولكن لا بد لنا أن لا نستبدل داعشاً بداعش؟
تُرى، مَن سيقود حرب التحرير المقبلة لأقطارنا؟ هناك فرص عمل وفرص موت كبيرة لأولادنا!