الجولاني أصدق من بيانات الرياض …

سعد الله الخليل

لم يكن توقيت ظهور زعيم تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي على قناة «الجزيرة» أبو محمد الجولاني بالغريب، فالقناة التي شكلت المنبر الإعلامي لتنظيم «القاعدة»، منذ نشأته، دأبت على استعراض حصرية استحضار رموز التنظيم، بدءاً من بيانات أسامة بن لادن مروراً بأبو مصعب الزرقاوي إلى الجولاني الذي يعد الحضور الأخير الثالث من نوعه بعد حوارين مع تيسير علوني سجين القناة السابق في معتقل «غوانتانامو» وحوار أحمد منصور وكيل التنظيم في المحطة القطرية.

في الشكل، وإن بدا ظهور الجولاني الثالث على قناة «الجزيرة» على شكل مؤتمر صحافي مصغَّر، ضمّ بالإضافة إلى القناة القطرية قناة «أورينت» المعروفة بميلها الإخواني وقناة «الغد العربي» التي تبث من القاهرة وبريطانيا والتي أثار تواجدها في اللقاء تساؤلات عدة عن حقيقة ما تدّعيه القناة بالحفاظ على القيم العربية الأساسية والتعاون العربي ويضعها في خانة الجزيرة الإخوانية.

ما قاله زعيم التنظيم في اللقاء لم يكن هو الآخر بالمستغرب، والذي تجلى في تكفير المجتمعين في الرياض ووصفهم بخونة الجهاد المقدس، بحسب زعم الجولاني، الذي أدار ظهره للمجتمعين في الرياض كما فعل بالكاميرا ولم يكن محرجاً بالقول إنّ مشاركة حلفائه في الاجتماع لم تكن سوى مسرحية سعودية استعراضية لا تقدم ولا تؤخر، وخير دليل على دقة ما ذهب إليه الجولاني انسحاب حركة «أحرار الشام» من المؤتمر الذي بدا للمتابعين حجم إخراجه السيىء والدور السعودي الواضح بدءاً من اختيار المشاركين، وفق معاييرها،إلى الأوراق الجاهزة الموزعة على المؤتمرين وانتهاء بالبيان الختامي المعدّ مسبقاً بحسب ما أظهر الاجتماع، بما يشبه الانصياع السعودي صوب الجهد الدولي لحلّ الأزمة السورية بالطرق السلمية، إلا أنّ المخرجات ورغم مساوئها لم تكن لتعبر عن الحقيقة السعودية التي أعلنها الجولاني صراحة بأنّ من اجتمعوا في الرياض بكبيرهم وصغيرهم من الائتلاف المعارض إلى القوى المسلحة لا يملكون على الأرض أدنى مقومات القرار فـ»النصرة» وحلفاؤها الممسكون بمفاتيح الحلّ والربط على الأرض بدليل عجز من يطلق عليه اسم رئيس الحكومة الانتقالية عن دخول الأراضي السورية من معبر باب السلامة قبل أيام وعودته إلى اسطنبول بخفي حنين.

لم تقف رسائل الجولاني عند حدود الائتلاف بل وجّه ضربة قاسمة للساعين إلى تعويم «جبهة النصرة» كفصيل ثوري سياسي قابل للتعاطي مع المفاوضات وحجز مقعد له في العملية السياسية بالإصرار على تحالفه مع تنظيم القاعدة وعلى العلاقة العضوية التي لا يمكن فصلها بما يعني إسقاط ورقة «النصرة» من اليد التركية القطرية وعودتها إلى الأصول السعودية القاعدية.

بالرغم من حجم الكذب الواضح في ادّعاء السعي نحو إيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية، فقد أفصح الجولاني عن الرسائل السعودية الحقيقية حيال الشأن السوري بالإصرار على الاستثمار في الإرهاب بعيداً عن صراخ مؤتمرات الرياض الفاشلة في الشكل والمضمون.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى