«التحالف الإسلامي» إرهاب رسمي بديل.. و لمصر 8 مليارات دولار ونفط مجاني!
سامي كليب
ليس مفاجئاًَ إعلان السعودية عن تحالف إسلامي. هذا جزء من الأعداد للتحولات المقبلة في المنطقة على ضوء التفاهم الأميركي الروسي لضرب الإرهاب وتعزيز الجيوش العربية. وهذا استباق لمرحلة القضاء على جزء كبير من التنظيمات والمجموعات المسلحة في سورية والعراق والتي سيلتحق بعضها في الجيش السوري إذا ما صدقت التسويات.
لنراقب المشهد كي نفهم أكثر:
مع انخراط روسيا في الحرب السورية بقبول ضمني أميركي. بات القضاء على التنظيمات المسلحة أمراً مؤكداً حتى لو طال الزمن. جرى التمهيد لدمج بعضها في العملية السياسية مؤتمر الرياض للمعارضة السورية جزء من هذا ، وسينتهي دور بعضها الآخر بالمصالحات أو بالقتال. لو جرى ذلك فإن الدول التي كانت تريد إسقاط النظام السوري بالقوة وعبر تنظيمات مسلحة إسلامية، تبحث عن بديل. هذا البديل وفق المنظور السعودي القطري التركي الأميركي بشكل خاص، هو بديل سني يعبر عن شريحة واسعة من البيئة العربية في الدول الغارقة بالحروب. لعل التحالف الإسلامي الجديد هو البديل خصوصاً وسط التعبير الدائم عن القلق من التمدد الإيراني.
+ وفي اليمن، تبين أن التحالف العربي الذي كاد ينحسر الى تحالف سعودي إماراتي مع بعض القوات الإضافية من السودان وغيره، لم ولن يحقق الأهداف المرجوة بالقضاء على الحوثيين والجيش اليمني الموالي للرئيس السابق على عبد الله صالح. صار الحل السياسي ووقف القتال هما المخرج اللائق.
في الحالتين السورية واليمنية، تماماً كما في العراق، تميل الكفة لمصلحة خصوم السعودية وفي مقدمهم إيران. ودولياً تميل الكفة أكثر صوب روسيا وحلفائها. صحيح أن الحسم العسكري لأي من الحروب الدموية والمجانية الدائرة في هذه الدول مستحيل، لكن الصحيح أيضاً أن واشنطن الذاهبة للغرق أكثر في الانتخابات تريد إنهاء عهد الرئيس باراك أوباما بحلول حتى ولو كانت ضعيفة. الأهم إذا هو تفعيل القضاء على داعش وإشعار السنة بأن واشنطن حريصة على توسيع مشاركتهم في القتال والسلطات، وتمهيد الطريق لاحقاً لهدنة عسكرية عربية «إسرائيلية» تعتقد واشنطن أن روسيا تؤيدها نظراً لعلاقاتها الجيدة مع الحكومة «الإسرائيلية».
من الصعب إذا على السعودية أولاً ثم على تركيا وقطر ثانياً، مشاهدة إيران والرئيس بشار الأسد وحزب الله يحققون تقدماً سياسياً وعسكرياً على الأرض بدعم روسي وتراجع أميركي، من دون الإقدام على أي خطوة ولو رمزية. فكان البديل من التحالف العربي، توسيع الكرة نحو تحالف سني يحظى بتأييد ومباركة أميركا ويكون هدفه المعلن هو القضاء على الإرهاب.
ثم إن سيف الإرهاب صار مسلطاً أيضاً على الداخل السعودي، ما زاد حجم الإرباك لدى القيادة الجديدة التي يقال إنها تشهد أيضاً تنافساً داخلياً خصوصاً بين الأميرين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف لكن لا توجد أي معلومات موثوقة تؤكد أو تنفي ذلك حتى الآن .
هل التحالف جدي؟
من المهم الإشارة الى أن التحالف لا يدعو الى تشكيل قوة عسكرية مشتركة، وإنما الى تنسيق وتشاور. من المهم أيضاً الإشارة الى أن الناطق العسكري باسم التحالف العربي اللواء أحمد عسيري كان في القاهرة أثناء الإعلان عن التحالف الإسلامي، وما إن قالت مصر إنها جزء من التحالف الجديد حتى تم الإعلان في الرياض عن رفع الاستثمارات السعودية في مصر الى 8 مليارات دولار وتوفير احتياجات مصر من النفط لخمس سنوات… فمصر التي تعتبر الدولة الأهم عربياً في هذا التحالف العتيد ليست في وارد الانخراط في حروب ومغامرات وقد تبيّن هذا على نحو واضح في اليمن، لكنها بحاجة الى المساعدات السعودية.
ضعف التحالف يكمن أيضاً في استبعاد العراق وسورية وإيران. إذا كان استبعاد دمشق وطهران مبرراً نظراً للعداوة بين السعودية والعاصمتين، فماذا يبرر استبعاد العراق؟
هذا يعني أن الدول الثلاث الأساسية المحيطة بالسعودية ستكون ضمنياً ضد هذا التحالف الجديد تماماً كما كان الحال ضد التحالف العربي. هذا يفترض أمرين، فإما أن أميركا تريد جائزة ترضية للسعودية ومن خلالها للسنة وسط استمرار المشاريع الغربية التي تريد اللعب على وتر السنة والشيعة لاضعاف الطرفين ، أو أن السعودية قد تغامر مع بعض الدول الأخرى بالعمل عسكرياً ومباشرة في سورية لدعم أطراف المعارضة وهذا سيؤدي الى نقل الحرب نحو مستويات خطيرة مفتوحة على كل الاحتمالات، أو في اليمن لاحقاً خصوصاً بعد تعرضها لنكسات كبيرة في الأيام القليلة الماضية.
المناخ الدولي الموحي بتقارب جدي بين روسيا وأميركا في الوقت الراهن وبسعي أوباما لتحقيق انفراجات قبل رحيله عن السلطة، يوحي بأننا في مرحلة جوائز الترضية وليس الحروب. وحين تحضر الضوابط الدولية، تخف المغامرات الإقليمية.