التحالف «الإسلامي ـ الوهابي» مشروع حرب القرن…

محمد ح. الحاج

بلا مقدمات، ولا تسريبات أو تمهيد تعلن السعودية عن تشكيل حلف «إسلامي» لمحاربة الإرهاب، ولا يكاد يصدق الخبر من يسمعه للوهلة الأولى..! هذا العدد الكبير من الدول، وما هي الأسس التي يقوم عليها وما أهدافه؟ وهل تمّت المشاورات بمثل هذه السرية العالية أم أنّ السعودية أعلنت بالنيابة عن الجميع مفوّضة نفسها من منطلق موقعها الديني!؟

لم تتأخر الصدمة كثيراً فقد أعلنت أغلب الدول المسمّاة في هذا الحلف استغرابها وعدم علمها بقيامه، وما هي غايته، ومن سيحارب وأين؟

يقول عبد الله السوري: كيف لدولة صرفت مليارات الدولارات لتنمية وتكريس الفكر الوهابي التكفيري أن تعلن الحرب عليه وهي أصل الإرهاب ومنبعه وقاعدة انطلاقه؟

ويتساءل عبد الله الفلسطيني: لماذا لم يقم هذا الحلف لتحرير فلسطين، وشعبنا يعاني من أسوأ إرهاب عبر قرن من الزمن؟

ويردّ عبد الله الأردني: الإرهاب «المجوسي» هو من يقتل الإسلام اليوم، والسعودية حامية الإسلام، ومن يقف معها لا بدّ يقف مع الدفاع عن الإسلام!

ويتعجب عبد الله السوري مستغرباً: إرهاب مجوسي! وهل هناك مجوس؟ ولماذا لم يكن هذا الإسلام مجوسياً يوم كان على رأسه الشاه محمد رضا بهلوي وكان يرتبط بأغلب حكام العالم العربي آل سعود وآل هاشم وحكام المشيخات والإمارات بأوثق العلاقات وأحسنها أم لأنه كان مع الصهيونية العالمية شرطياً وحارساً مثله كمثل إسلام العثمانية البائدة! الإسلام واحد، لكنهم يستحضرون وحش التاريخ ساعة يشاؤون لخدمة أغراض السياسة ومشاريع الغرب الذي يقوده فكر التلمود… الوهابية فصيل من هذا الفكر ليست معنية بالإسلام، لا بسنته ولا بشيعته.

ويسأل عبد الله الفلسطيني: إذاً لماذا هذا التحالف ومن يستهدف؟

عبد الله السوري: بالتعريف السعودي… جزء من الشعب السوري أصبح مجوسياً ومثله في لبنان، وفي العراق وفي اليمن، وأغلب الدولة الإيرانية وأكثر من مائة مليون في باكستان، ولا أعلم كمّ في أفغانستان، وفي الخليج في الكويت والبحرين، وحتى في السعودية ذاتها في غربها وشرقها ملايين من المسلمين أصبحوا مستهدفين، والمبرّرات مشبوهة لكننا لسنا في غفلة من أمرها.

عبد الله الأردني: كيف ولماذا وما هي شواهدكم؟

عبد الله السوري: قبل أن تقوم لليهود دولة ومن خلال مباحثاته مع الدولة التي رعته وثبتت حكمه تعهّد عبد العزيز آل سعود بحماية اليهود «المساكين» حتى تصيح الساعة، وأنه لن يخرج على رأي بريطانيا العظمى… وفي السبعينات صرّح فيصل بن عبد العزيز لمجلة أميركية بالقول: نحن واليهود أبناء عمومة، تجمعنا روابط القربى نحن وهم من نسل سام… لن نسمح لأحد أن يرميهم في البحر كما يُقال، وسنعمل على حمايتهم والعيش معاً في وئام وسلام… وفي العصر الحالي وقبل فترة، وعلى خطى أبيه وأخيه يقول سلمان… أنا يهودي واسمي كمال! وتكتمل الحلقة، فإذا أضفنا إلى كلّ هذا أنّ بريطانيا وبعدها أميركا هي من رسّخت حكم آل سعود، وجعلت من آل بن لادن الحضارمة الأثرياء مموّليهم ومن بن عبد الوهاب الوهيبي مفتيهم… وهو من نسف دين محمد بن عبد الله وأحلّ مكانه مفاهيم التلمود واجتهادات الماسوني البريطاني هيمفر… يمكن حتى للبسطاء بيننا اكتشاف حقيقة حلف آل سعود «الإسلامي الوهابي» وهل هو موجه لمحاربة الإرهاب؟ أم أنّ التوصيف بالمفهوم السعودي يطاول «إرهاباً آخر»؟

عبد الله الفلسطيني: وهل تعتبر السعودية حزب الله مجموعة إرهابية؟

عبد الله الأردني: نعم هو كذلك! فهو يقتل أهلنا من السنة في الشام ولبنان!

الفلسطيني محتجّاً: لا دلائل ولا وقائع موثوق بها… حزب الله يقاتل اليهود وقد هزمهم في أكثر من معركة، وهذا ما يعرفه العالم وخصوصاً العرب، وهو يحارب إلى جانب حماس والجهاد ويحسب اليهود له ألف حساب.

عبد الله السوري: أنت وصلت إلى الحقيقة… السعودية صنّفت حزب الله «إرهابياً» قبل الأحداث في سورية ولبنان، وهي تآمرت عليه مع أنظمة أخرى، وأعلنت عداءها له أكثر من الغرب وأميركا… هل نسيتم تعهّدات عبد العزيز وفيصل، أم أنكم لا تعلمون أنّ كلّ من يتسلّم حكم المملكة يجب أن يزور أميركا ويوقّع على ملحق وثيقة عبد العزيز ووثائق أخرى كثيرة تضمن تبعية المملكة سياسياً واقتصادياً للغرب والولايات المتحدة؟ أوليس من الغباء تصديق ادّعاء آل سعود بحرصهم على فلسطين والقدس والمسجد الأقصى… إنّ ما يقوم به آل سعود في الوقت الحاضر إنْ هو إلا لحرف الأنظار بعيداً عن القضية الفلسطينية وتغطية على ما يفعله الصهاينة فيها… وقد لا نتفاجأ يوماً بتفجير المسجد الأقصى واتهام معتوه بفعل ذلك… بعدها يمكن الانتظار بضعة أعوام لبدء إقامة ما يسمّى الهيكل الثالث؟

عبد الله الأردني: وهل وحدكم من يعلم ذلك وكلّ الدول العربية والإسلامية غافلة عما يحدث؟

السوري: مؤكد لا، فهناك وعي كامل لما يحصل وما قد يحصل في المستقبل القريب، لكنه إعلام التعمية والتضليل المقصود مدفوع الثمن، إنّ كلّ الحرائق التي يتمّ إشعالها لها وظيفة واحدة… أن يكون دخانها كافياً لملء العيون بالدمع وتشويه صورة الحقيقة والواقع… السعودية ما زالت تجري نهراً من الأموال لقلب الحقائق واستثمار الدين بما يخدم تحقيق التزامها تجاه اليهود، الالتزام المعلن أو السري وكلاهما مكشوف ومعروف، ويخطئ أيّ عربي، وخصوصاً اللبناني والفلسطيني والسوري والعراقي والأردني، بمعنى آخر أبناء بلاد الشام، عندما يظنّ للحظة واحدة أنّ نظام آل سعود معني بالقضية القومية الأولى فلسطين أو أنهم معنيون بالإسلام بشكل عام، لأنّ تعريف الإسلام حسب مذهبهم مختلف تماماً عما هو الإسلام المعروف للعالم والذي نسف أسسه محمد بن عبد الوهاب وجعل مذهبه المتهوّد هو البديل، حيث اتبعه آل سعود بتوجيه من بريطانيا والصهيو ماسونية العالمية.

انّ مشروع تحالف آل سعود الأولي المأجور والذي ضمّ بعض الدول وأغلبها عربية، يقوم بتدمير اليمن لمصالح غربية مكشوفة تحت شعار زائف، وكأنّ شعب اليمن ليس من العالم الإسلامي، السعودي يعمل لتحقيق إسلام من نوع آخر، إسلام متصهين يعمل على حماية اليهود والكيان الصهيوني على حساب الحق الوطني لشعب شقيق كما يدّعون وتراهم من جانب آخر يعملون على تشجيعه على الهجرة والتوطين في أماكن غربته، بل يقومون بعمليات تمويل التوطين المرغوب سواء في عالم المغتربات أو حيث يقيمون في مخيمات ضمن الكيانات العربية، كما أنّ التحالف الذي استعجلت السعودية إعلانه قبل أيام من دون علم الكثير من الدول المعنية به، هو بحدّ ذاته مشروع حرب أهلية داخلية في كلّ بلد من البلدان المفترض مشاركتها فيه إذ أنّ كلّ من تلك البلدان تقوم على ثنائية المذهبية الإسلامية بغضّ النظر عن النسبية، ولم يكن في أيّ منها ما يمكن تسميته صراعاً مذهبياً، إلا بعد عمليات التعبئة والتحريض التي سوّق لها المذهب الوهابي وشارك في طرح أفكاره وتبنّيها بعض قادة العالم العربي، ومنهم المسجون حسني مبارك والطليق عبد الله الذي ينسب نفسه إلى بني هاشم، وكان طرحهما الملغوم في حينه مكشوف الأهداف… الفتنة ، إذ لا السنة ولا الشيعة كانوا ملتفتين إلى ما يحصل لولا هذا الطرح الفاجر وعلى هذا المستوى، السنة والشيعة مذهبان فقهيان، ولا اختلاف بينهما من حيث صحة العقيدة الإسلامية، أركاناً وإيماناً، إنْ هو إلا صراع سياسي على النفوذ تمّ تسخير من يدّعون الفقه والفتاوى لإثارته على أنه خلاف ديني وهو ليس كذلك، وحده «الإسلام الوهابي المتصهين» هو المختلف وهو الخارج عن أصول الدين وهو المتنكر لرسالة محمد بن عبد الله، مستعيضاً عنها بدعوة محمد بن عبد الوهاب الوهيبي المشبوهة، فهل لا بدّ لاكتشاف الحقيقة من خوض حروب قد تمتدّ إلى قرن وتكون أشبه بالحروب الدينية في أوروبا والمخاض العسير الذي مرّت به تلك الشعوب قبل أن تترك التعصّب الديني جانباً وتسود بينها الحياة المدنية الاجتماعية وقد حققت ارتقاء شعوبها ونسيت حروبها تلك؟ ولماذا نراها اليوم تشجع على تكرار تجربتها ضمن مجتمعاتنا المشرقية مستغلة ضعف الوعي وارتفاع حدة التناقضات التي تقودها الغرائز وليس العقول؟

هل حقا تريد أميركا إنصاف الأكثرية في دول المشرق ليكون الرئيس من تلك الأكثرية؟ ولماذا لا تطبّق ذلك في الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وهل الرئيس يمثل الطائفة الأكثر عدداً، أم هو يمثل الحزب الأكثر شعبية وقد يتشكّل هذا الحزب من كلّ الطوائف والمذاهب؟ ألا يفاخر البعض بأنّ أميركا انتخبت رئيساً من أصول إسلامية أفريقية؟

النفاق والرياء السياسي الغربي تمارسه السعودية بدوافع وتخطيط مراكز البحوث والدراسات الغربية المتخصصة بإثارة القلاقل والاضطرابات في الدول المتخلفة أو النامية لتسهل السيطرة عليها واستغلالها، الغرب يحارب تطوّر دول العالم الثالث، وحدها الحروب تفرغ هذه الدول من عقولها، وتستهلك ثرواتها وأهمّها الثروة البشرية.

التهجير بالطرق التي حصلت قبلاً وتحصل اليوم على الساحتين العراقية والشامية هو من أهمّ أبواب هذه الحرب، وأحد إفرازاتها المدمّرة… ألا يتجه الغرب إلى غربلة اللاجئين لينتقي منهم ما يناسبه وبعد قليل يلجأ عند أول فرصة لاستبعاد الآخرين؟ ويُشاع اليوم أنّ النرويج تتكفل بدفع نفقات العودة مع مبلغ من المال 2000 لبعض الذين ترغب في مغادرتهم وعودتهم إلى دولهم الأصلية، وفي القريب تحذو دول أوروبية أخرى حذوها، وأول هذه الدول ألمانيا التي ستقوم باستيعاب الجيل الأصغر سناً والأكثر ثقافة، وهو الجيل الأقدر على التأقلم والتعلّم والانصهار في بوتقة المجتمع الألماني الذي يعاني من نقص الشباب ويتجه إلى ركام من كبار السن، السعودية بمشروعها – إنْ تحقق – سوف تثير حرباً في الداخل اللبناني، والداخل العراقي وهنا بحدّة أكثر باعتبارها واقعة وإنْ ضمن حدود ومثل ذلك في سورية وباكستان وأفغانستان وفي دول الخليج حيث تصل تداعيات حرب اليمن، مع أنّ اليمن والثورة اليمنية لا تتبنّى مفاهيم تطرحها السعودية ضمناً وإنْ تحت شعار الشرعية، فالرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومعه الحراك الجنوبي والحركة الحوثية وشرائح أخرى في المجتمع اليمني لا تمارس الحرب على الآخر طبقاً للقاعدة السعودية التي ترغبها الرياض أن تتطوّر في العراق والشام.

انّ محاولة إدخال باكستان ودول أخرى مشابهة من حيث التكوين الديمغرافي هدفها زعزعة استقرار هذه الدول، أو زيادة حدّة الشقاق والخلاف الحاصل فيها نتيجة الفكر الوهابي ومحاولة تطبيقه، في باكستان أكثر من مائة مليون من المذهب الآخر وهم لا يطرحون ولا يتبنّون فكراً انشقاقياً عدائياً تجاه الآخر، ولهذا ومن منطلق التفكير العقلاني أعلنت الحكومة الباكستانية عدم علمها بمشروع التحالف، وأنها لم تتبلغ شيئاً في هذا الخصوص، كما لا تعلم شيئاً عن أهدافه وغاياته، وبالتالي أعلنت دول أخرى عن مثل ذلك… لتظهر السعودية بأنها صاحبة الرغبة في ما طرحته وأنه لا يحقق سوى الحلم اليهودي بقيامة حروب داخلية في العالم الإسلامي برمّته تؤدّي إلى تخريب هذا العالم والقضاء عليه، أو على الأقلّ استبداله بمذاهب جديدة تقوم على الولاء للتوراة والتلمود كما في عالم الغرب المسيحي وما يُقال عن مسيحية متهوّدة، أو أخرى متصهينة، وما بقي من المسيحية الحقيقية سوى المشرقية منها التي لما تزال على خطى بولس الرسول، ونحن أيضا سننجح في الحفاظ على نقاء وسماحة إسلامنا المشرقي النقيّ… وعد علينا… سنفعل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى