مثقّفو الخليج… وشمّاعة إيران
نظام مارديني
سيطرح إعدام الشيخ النمر من قبل آل سعود شيئاً ما من أسئلة المجتمعات في كيفية محاربة الأفكار الظلامية السعودية وتهيئة مناخات جديدة لواقع عربي لا يخضع لابتزازات هذه العائلة وأفكارها المنحرفة، التي تريد أن تفرض قاموسها الوهابي البالي على المجتمعات، كمهيمن يخترق النسق الثقافي العام في العالم العربي، ورغم محاولات الثقافة بشقها الفكري إنتاج قسم من عناصر لمواجهة التصحر الفكري الإرهابي، إلا أنها، ويجب أن نعترف، تفاوتت في عناصر المواجهة هذه.
هذا على صعيد الثقافة في «سوراقيا»، من جهتهم، لم يفلح مثقفو دول الخليج في إظهار موقفهم بوضوح من هذه الظلامية المهيمنة على أرواحهم، بل عقلهم المتصحّر ذهب بعيداً في حماية تلك الظلامية ضد «الصفويين»، كما يسمّونهم، وهو ما سيكون له تأثيرات كارثية على مستقبل المنطقة.
والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو: لماذا لم تربط النخب الثقافية والسياسية بين زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى الرياض وتوقيت إعدام النمر؟
مرّ هذا الحدث مرور الكرام أمام هذه النخب، بالرغم من أن هناك خطوط طويلة وكبيرة تربط الحدثين ببعضهما، وهما الحدثان اللذان من الممكن أن يقوّضا نظامَيْ الحكم في السعودية بالدرجة الأساس التي تعاني عجزاً كبيراً في ميزانيتها بلغ وفق التقديرات إلى نحو 100 مليار دولار، وفي تركيا الأردوغانية التي تعاني من اهتزازات «كردستانية» ستدفع حزب «أوجلان» إلى تغيير قواعد اللعبة في الداخل التركي… كل هذا يجعل أردوغان في أزمة، وهو يسعى إلى تصديرها للخارج، وليس أغبى من آل سعود للتكفّل بهذا الأمر.
لقد أجّج العجز في ميزانية السعودية موجة غضب داخل الشارع، الذي أخذ يغلي في الآونة الأخيرة بعد تسريبات «مجتهد» التي كشف فيها عن فساد العائلة الحاكمة، وتزامن كل هذا مع قضية المعارضة التي صار صداها يتردّد في العالم كلّه، بعد القمع المتزايد ضدّها، ناهيك عن السلفيّة المتصاعدة، والتي خرجت من عباءة آل سعود بعد أن تغوّلت، فأين مثقفو الخليج من هذه التطورات وهم اللذين تقع على عاتقهم فكرة خلاص مجتمع الجزيرة العربية بعيداً عن تعليق شمّاعة أزماتهم على إيران؟
تدرك النخب العربية من «المحيط إلى الخليج» أن توقيت إعدام النمر المتزامن مع بدء الحديث عن دعم قيام دويلة «سنية» في العراق سيقوّي موقف «داعش»، ويثبت موقع «إقليم كردستان» الواقع تحت الحماية الغربية التركية السعودية. فهل ستساعد في تراجع السعودية لإخراجها من مسار سقوطها؟ أم أن ولي ولي العهد يريد أن يفرد عضلاته ويُسحَق، كما حدث لصدام سابقاً؟
أي جنون وضعت السعودية نفسها فيه، أي تغوّل صار عليه أردوغان، وأي النظامين سيتهاوى قبل الآخر؟
دعونا نترقَّب بهدوء.