الرياض تخسر جولة عزل طهران ديبلوماسياً خليجياً وعربياً وإسلامياً… ودولياً تصويب سعودي من «الجامعة العربية» على المقاومة… ولبنان يعارض

كتب المحرر السياسي

توّجت السعودية ما بدأته غداة اغتيالها للشيخ نمر النمر، عبر حملتها التصعيدية ضدّ إيران، بلقاءين متتاليين لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ووزراء الخارجية العرب، أملاً بببلوغ عتبة الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي، تكون معه العلاقات الخليجية والعربية مع إيران في حال قطيعة، وصولاً إلى القطيعة الإسلامية التي تخرج إيران من المنظمة الإسلامية، كما أخرجت سورية من قبل من الجامعة العربية، والذهاب إلى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار إسلامي بتجميد رفع العقوبات على إيران، يحمله وزراء خارجية باكستان وتركيا والسعودية، كما حمل وزيرا خارجية قطر والسعودية المشروع العربي ضدّ سورية قبل أربع سنوات، لكن الرياض بدأت تستشعر الخيبة والإحباط من الصدى الخليجي لدعوتها، ثم العربي، وبينهما موقف كلّ من تركيا وباكستان، كمؤشر هامّ لما سيكون الموقف الإسلامي، وقبل ذلك كله وبعده الموقف الأميركي القائم على ثلاثية الدعوة إلى التهدئة والتحذير من تخريب المسار السوري السياسي، والتمهيد لوضع الالتزامات التي تضمّنها التفاهم مع إيران حول ملفها النووي لجهة رفع العقوبات، وهو ما كانت تستهدف السعودية إجهاضة عبر حملتها، قيد التنفيذ.

انتقلت السعودية إلى الخطة البديلة التي رسمها تفاهم أميركي ـ «إسرائيلي»، عنوانها حصر الاشتباك بحزب الله، فصاغت أول بيان رسمي عربي يستهدف المقاومة اللبنانية ويتهمها بالإرهاب وسط صمت عربي مريب ومؤلم للبنانيين، ومسيء لكلّ التاريخ العربي في الصراع مع «إسرائيل»، ويدلّ على سقوط فلسطين نهائياً من القاموس العربي الرسمي، فلم يقف إلا لبنان معترضاً بلسان وزير خارجيته جبران باسيل، وبداعي الحفاظ على الوحدة الوطنية اللبنانية.

الزمن العربي الأسود الذي يصير فيه الدفاع عن المقاومة التي تشكل مصدر الفخر الوحيد للعرب في العصر الحديث، وتمثل بارقة الأمل الوحيدة أمام حروب الردّة والفتن، له مبرّر وحيد هو الحرص على الوحدة الوطنية لبنانياً، ويصير الصمت العربي فضيلة، من الجزائر إلى العراق، ومصر وفلطسين، هو زمن عربي يصنعه بنيامين نتنياهو، وهذا كاف ليعرف المواطن العربي والفلسطيني خصوصاً أنّ «إسرائيل» لم تشطب لفظياً كمصدر للخطر على الأمن القومي العربي، بل إنّ مفهوماً لهذا الأمن القومي يحمل توقيع نتنياهو صار هو السائد، ولا يعود مستغرباً فيه ان تصنّف إيران او روسيا في قائمة الأعداء بدلاً من «إسرائيل».

حزب الله المعني المباشر بهذا الهجوم، لم يفاجأ فهو يستشعر منذ مدة حرباً ضروساً تعدّ لاستهدافه، ويرى طلائعها بالإجراءات المتلاحقة لملاحقته وتقييده مالياً وإعلامياً وتصنيفه على لوائح الإرهاب، وتشكيل أحلاف وهمية للحرب على الإرهاب مهمّتها رصد قادته وكوادره وتتبّعهم، وتبادل المعلومات حولهم وصولاً إلى تسليمها لتل أبيب ليتمّ قتلهم كما حدث مع اغتيال الشهيد سمير القنطار بتنسيق تركي سعودي «إسرائيلي»، وحزب الله يستعدّ للمواجهة بثقة بتحقيق النصر، لكنه يرسم معادلة للشركاء اللبنانيين في هذه الحرب، كما قال رئيس مجلسه التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، إنّ الذين يدافعون عن الملوك سيخسرون معهم، من اليمن إلى لبنان، وحزب الله برفع السقف أمام الاستهداف خارجياً وداخلياً بقي متمسكا بالمشاركة في كلّ مستويات الحوار التي تجمعه مع تيار المستقبل، الشريك اللبناني في الحملة التي تستهدفه، من الحوار الثنائي إلى هيئة الحوار الوطني، اللذين يشهدان اليوم جولة جديدة في عين التينة.

أسبوع حافل بالاستحقاقات

أسبوع حافل ومزدحم بالاستحقاقات الداخلية، أبرزها عودة هيئة الحوار الوطني اليوم إلى الانعقاد في عين التينة، بعد انقضاء عطلة الأعياد بحضور الأطراف المشاركة كافة، كما تعقد جلسة جديدة من الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل في ضوء تصعيد المواقف بين الجانبين، كما يشهد هذا الأسبوع جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل.

الملفات على الطاولة

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب عمار الحوري لـ«البناء» أن «اتجاه المستقبل كان لعدم المشاركة في الحوار الثنائي اليوم، لكن حُسم الأمر أمس، بالمشاركة على قاعدة وضع الملفات المستجدة على الطاولة، لا سيما ما ورد على لسان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عن الرئيس سعد الحريري وعن اتفاق الطائف وصلاحيات رئيس الحكومة، لأن هذا الكلام لا يخدم الحوار لا سيما وأن ليس تيار المستقبل مَن بدأ بالتصعيد بل حزب الله بدأه ضد السعودية، ما استدعى رد الحريري».

وأضاف حوري: «أن ما حصل في مضايا سيكون مدار بحث ونقاش مع حزب الله في الحوار، لا سيما أن ما يجري يولد التوتر والاحتقان على الساحة المحلية»، وأكد أن «طبيعة النقاش ستتشعب، لأن الوضع لم يعُد يحتمل في ظل ازدحام الملفات الخلافية وسيتم التطرق إلى تفعيل عمل الحكومة الذي يخفف من أزمات البلد واستمرار تغطية حزب الله للعماد ميشال عون بتعطيل الحكومة».

واستبعدت مصادر معنية فرط الحوار الثنائي، خصوصاً في هذه المرحلة الإقليمية الحساسة، وأكدت لـ«البناء» أن «طبيعة المتحاورين وأداءهم في جلسات الحوار السابقة، تمنع أي مشادات كلامية تؤدي إلى فرطه وانسحاب المشاركين»، لكن مصادر في «المستقبل» حذرت في حديث لـ«البناء» أن «الأخير سينسحب من الحوار إذا وجد أن مساوئ الحوار أكثر من فوائده»، ودعت إلى «عدم تحميل الحوار أكثر مما يحتمل، فهو محصور بعنوانين هما رئاسة الجمهورية وتخفيف التوتر المذهبي والحفاظ على الاستقرار الامني».

المشنوق من الرابية: الحريري صادق في مسعاه

واستكمالاً لجولته على القيادات السياسية تحضيراً للانتخابات البلدية، زار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق العماد ميشال عون في الرابية. وأوضح المشنوق بعد اللقاء أن «الرئيس سعد الحريري كان دوماً صادقاً في مسعاه لإجراء الانتخابات الرئاسية، وإلى اكتمال النصاب الدستوري، بحيث تصبح الصراعات السياسية داخل النظام، لا خارجه كما يجري الآن»، موضحاً أن «عون مقتنع بصدق مسعى الحريري الرئاسي، بصرف النظر عن مسألة التسمية والمرشح. وهو يعلم أن الأيام الصعبة تفترض المزيد من تفعيل العمل الحكومي». وأكد أن «وزارة الداخلية جاهزة ومستعدة لإجراء الانتخابات».

جلسة حكومية بحضور الجميع؟

حكومياً، عممت الأمانة العامة لمجلس الوزراء جدول أعمال الجلسة الحكومية، وضم 140 بنداً وأرفقت بجدول ضم 104 مراسيم عادية تحتاج الى تواقيع رئيس الحكومة والوزراء نيابة عن رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي وعملاً بمضمون المادة 63 من الدستور.

ورجّح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» حضور جميع المكونات السياسية الجلسة، مضيفاً: «جميع البنود المدرجة على جدول الأعمال تطال مصلحة المواطنين المالية والحياتية، وبالتالي لا مصلحة لأحد بالتغيّب وتعطيل شؤون المواطنين الضرورية والحياتية من قبول هبات وصرف مستحقات وترقية موظفين وغيرها».

وأكد درباس تواصل الرئيس تمام سلام مع جميع مكونات الحكومة «لتذليل العقبات أمام حضورها للجلسة لا سيما وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله»، مشدداً على أن «سلام لن يتجه خلال الجلسة إلى عرض أي ملف على التصويت، بل سيسعى الى تأمين التوافق عليها قدر الإمكان وإذا لم ينجح سيعمل إلى تأجيلها إلى جلسات لاحقة».

لبنان يتمنّع في القاهرة

عربياً، رفض لبنان تأييد بيان وزراء الخارجية العرب، الذي صدر عقب الاجتماع الاستثنائي الذي دعت إليه الرياض، والذي عقد أمس في القاهرة.

وأشار وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إلى «أننا رفضنا ربط اسم حزب الله بالأعمال الإرهابية، ولذلك امتنعنا عن التصويت على بيان وزراء خارجية الجامعة العربية». وأوضح باسيل الى أن «لبنان اتخذ قرارًا بالابتعاد عن المشاكل في المنطقة من دون تعطيل الإجماع والتضامن العربي، مع إعطاء أولوية لوحدتنا الداخلية».

حزب الله: مَن دافع عن الملوك فسيخسر معهم

اعتبر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين أن «من اختار في لبنان في ظل هذه الانقسامات والأحوال أن يكون شريك الملوك والأمراء، ويضرب بسيفهم وينطق بأحقادهم وجهلهم وفتنهم، ويأكل من مالهم وعلى موائدهم، فيجب أن يعرف بكل وضوح أنه إذا خسر هؤلاء الملوك والأمراء فإنه سيخسر في لبنان، ونحن على ثقة تامّة بأن هؤلاء الأمراء والجهلة الذين لا ينضحون في معركتهم إلاّ بالحقد، ولا يستندون فيها إلى عقل أو منطق أو معرفة أو حتى سياسة، هم أمراء الخيبة والخسران من اليمن إلى لبنان».

مضايا: الحصار مستمرّ

يستمرّ حصار المسلحين لبلدة مضايا السورية في ظل انفضاح كل الصور الملفّقة والمركّبة التي تسوقها بعض وسائل الاعلام عن حصار الجيش السوري وحزب الله لأهالي البلدة، وأكد الأهالي في تقرير إخباري أجرته قناة «المنار» مع عدد منهم، أن «الأوضاع المعيشية صعبة للغاية والمسلحين يسيطرون على المواد الغذائية وعلى المعونات التي تدخل الى البلدة»، وأشاروا الى أن «المسلحين قاموا بتوزيع نصف كمية المعونات التي دخلت، ويبيعون النصف الآخر بأسعار خيالية».

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «انقلاب المسلحين على الاتفاق ومصادرتهم المواد التموينية التي دخلت في 18 تشرين الماضي التي كان من المفترض أن تكفي لثمانية أشهر، هو الذي أدى الى هذا الوضع المأسوي الذي تعيشه البلدة».

ولفتت المصادر إلى أن «قرى كفريا والفوعا ونبل والزهراء في وضع آمن نسبياً، وأهلها أقوى من قبل وقادرون على الدفاع عن أنفسهم ضد أي هجوم للمسلحين».

«أبو طلحة» في قبضة الأمن

أمنياً وفي إطار إنجازات الأجهزة الأمنية، نجحت القوى الأمنية أمس، في إلقاء القبض على العنصر الأساس في المجموعة الإرهابية التي نفّذت تفجيري برج البراجنة، والمدعو خ.ز. وهو لبناني من مواليد 1986 والملقب بـ «أبو طلحة»، في محلة القبّة بطرابلس شمال لبنان.

وأكدت قوى الأمن الداخلي في بيان أنها «نفذت عملية نوعية وأوقفت العنصر الأساس في المجموعة الإرهابية التي نفّذت تفجيري برج البراجنة».

وفي التفاصيل، فقد تمكنت القوة الضاربة في شعبة المعلومات من تطويق منطقة مشروع الحريري في منطقة القبة، بعد عملية رصد ومتابعة استمرت أسابيع، ثم داهمت منزل المطلوب خ. ز. بتهم متعلقة بالارهاب والانتماء لتنظيم إرهابي، وهو الرأس المدبر لعمليات التفجير والملقب بـ»أبو طلحة».

وأكدت مصادر أمنية لـ»البناء» أن «أبو طلحة هو رئيس الخلية «العنقودية» التي خططت لتفجير برج البراجنة ورئيسها التنفيذي والمشرف على التنفيذ الميداني وهو يتلقى الأوامر من قادة الإرهابيين في سورية والعراق».

وأشارت المصادر إلى أن «الخيوط التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية خلال الأسبوع الذي تلا العملية، هي خيوط بالغة الدلالة واحتفظت بها قوى الأمن الداخلي وتبادلت المعلومات مع استخبارات الجيش ومع جهاز الأمن العام وتوصّلت بالتنسيق بينها خلال الأسبوع الماضي إلى أن العملية نظمت وخططت وحضرت في طرابلس وأن رأس الخلية موجود أيضاً في طرابلس».

ولفتت المصادر إلى أن العملية «تعدّ إنجازاً أمنياً بامتياز ويصبّ في اتجاه تحصين الوضع الأمني في الداخل، إذ إن الخلايا الإرهابية المتخفية ستتخذ مزيداً من الحذر وستتقيد حركتها كي لا ينكشف أمرها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى