السعودية للائتلاف: ماطلوا بإجراءات الثقة وتمسّكوا بتشكيل الوفد لتأجيل جنيف الحوار: بري يفكك الألغام ويحفظ الثوابت… والسنيورة يصعّد ثم يتبرّأ من ريفي

كتب المحرر السياسي

حملة مضايا التي بدأتها السعودية لتنظيم حملة إعلامية وسياسية تستهدف حزب الله، تجمّعت غيومها لتسفر عن قوافل مساعدات دخلت مضايا وكفريا بالتوازي وبالنوعيات والكميات ذاتهما بالتناسب مع عدد السكان، وشروط التوقيت والتحقق من الطرف المعني بتفتيش المساعدات ذاتها، لكن الحملة الإعلامية مستمرّة على تصوير الأمر حصاراً لمضايا، وليس تبادلاً للمسؤولية بين طرفين متحاربين بتنظيم الإغاثة لمنطقتين محاصرتين بالتوازي، يمكن التفاهم على إدخال كميات أكبر ونوعيات أشمل من المساعدات شرط التساوي فيها، ويمكن تخفيف إجراءات وقيود الحصار شرط التوازي أيضاً، ويمكن تكثيف وتيرة الإمداد وجعل مواقيتها أقرب، لكن بتطبيقها على البلدتين المحاصرتين، وتخفي الحملة أنّ جماعة المسلحين في مضايا والتابعين لـ»أحرار الشام» و»جبهة النصرة» هي التي رفضت السماح بكميات أكبر من المعونات ونوعيات أشمل من المواد ووتيرة أسرع، للضغط على كفريا والفوعة وهي تعلم أنّ التوازي والتساوي سيحكم في المقابل حالة مضايا، ما يدلّ على حسابات في السياسة تريد للحملة أن تستمرّ، وللصور الخاصة بالمجاعة، الحقيقية منها والمزيفة، أن تبقى عنوان ما قبل انعقاد جنيف، الخاص بالحوار بين الحكومة والمعارضة، والذي تعيش جماعات الائتلاف مأزق القبول بالسقوف التي كشف عنه ما تسرّب عن تمسك وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، بكونها بعد صدور قرار مجلس الأمن 2254 لم يعد للمسودّات التي سبقته أيّ قيمة سواء في فيينا، وخصوصاً في جنيف، إلا كبيانات تعكس مساعي الحلّ السياسي، وهذا يعني قطع الطريق على أيّ محاولة لطرح مستقبل ودور الرئيس السوري في العملية السياسية في حوار جنيف المقرّر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، باعتبار الأمر الراهن هو حكومة وحدة بظلّ رئاسة الرئيس السوري بشار الأسد، تقود الحرب على الإرهاب وتترك مستقبل الرئاسة للانتخابات وصناديق الاقتراع.

المعلومات الواردة عن مناخ الائتلاف تؤكد هذا الارتباك الذي عبّرت عنه نصائح سعودية بعدم رفض القرار الدولي، والمماطلة بالتمسك بتسمية الوفد المعارض، في ظلّ تأكيدات روسية على ضمّ ممثلين للأكراد ومكوّنات معارضة أخرى، وقبول ضمني أميركي وأممي بذلك، وبالتوازي تنصح الرياض قادة الائتلاف بوضع ما يُسمّى بإجراءات الثقة في المقدّمة كشرط للذهاب إلى جنيف، وهذه هي وظيفة حملة مضايا، وسواها من مطالبات بدأت تتحدّث عن الإفراج عن معتقلين، وليس مبادلتهم بالمخطوفين والمحتجزين لدى الميليشيات التي يزعم الائتلاف أنها من ضمن مكونات المعارضة كـ»جبهة النصرة» وأخواتها.

السعي إلى تأجيل جنيف هدف سعودي يحلّ مكان السعي لنسفه، مقابل ما أكده كيري ولافروف من تمسك بعقده في موعده، وهذا ما أعاد تأكيده المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا من طهران بعد لقائه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

المناخ السعودي ذاته عكسه سلوك تيار المستقبل تجاه حواري عين التينة أمس، ففي جلسة هيئة الحوار الوطني والحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله، شارك المستقبل وهو يدافع عن بيان سعودي عبر الجامعة العربية يتهم حزب الله بالإرهاب، ولكنه يشارك ليسجل موقفاً يدين موقف وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل الذي رفض البيان من موقع الحرص على الوحدة الوطنية، وما أسّسه رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلسة هيئة الحوار الوطني مهّد لنجاح الحوار الثنائي، بين المستقبل وحزب الله، حيث كان قد جرى تنفيس الاحتقان عبر مداخلات بري التي أنصفت باسيل وتصدّت لجماح مداخلات السنيورة، حتى اضطر إلى التبرّؤ من تصريحات وزير العدل أشرف ريفي التي اتهم فيها حزب الله وأمينه العام بالمسؤولية عن جرائم قتل، قائلاً: لا أوافق على الإسفاف من فريقنا أو من سواه.

جلسة للحوار بغياب عون وفرنجية

على وقع الأزمات الداخلية والعاصفة الإقليمية، انعقدت أمس الجولة الثالثة عشرة من الحوار الوطني في عين التينة، وأكد المتحاورون على ضرورة تفعيل العمل الحكومي، إلا أنهم لم يناقشوا الملف الرئاسي لا من قريب ولا من بعيد، باستثناء قول الرئيس نبيه بري إن المبادرة الرئاسية إما وضعت في الثلاجة وإما نامت إثر التداعيات الإقليمية التي حصلت.

وشهدت الجلسة خروج النائب وليد جنبلاط بسبب عارض صحي وخروج النائب طلال أرسلان لأسباب خاصة، كما شهدت سجالاً بين رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة والوزير باسيل حول موقف الأخير في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وسجالاً آخر بين السنيورة وبين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، حول كلام الأخير عن الرئيس سعد الحريري، إلا أنه رغم السجالات، أكد المتحاورون أهمية الاستمرار بالحوار والعمل على تذليل العقبات أمام مشاركة جميع المكونات في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل.

وانعقدت الجلسة بغياب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الذي مثله الوزير باسيل، وغياب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي مثله الوزير السابق يوسف سعادة. وحدد الرئيس بري 27 الجاري موعداً للجولة الرابعة عشرة.

التفاصيل ص. 2

الحوار الثنائي

على خط حواري ثانٍ، ووسط السجالات الحادة بين حزب الله وتيار المستقبل والتصعيد الإيراني – السعودي، عُقدت جلسة جديدة من الحوار الثنائي بين الحزب والتيار في عين التينة، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وأكد الطرفان في بيان أنه «على الرغم من التباينات في الموقف حول عدد من القضايا الخارجية، فإنهم يجدّدون الحرص على استمرار الحوار وتفعيله وتجنيب لبنان أي تداعيات تؤثر على استقراره الداخلي».

وأضاف: «أعلنّا أن البحث تناول تكثيف الاتصالات من أجل تفعيل عمل الحكومة، وجرى نقاش حول تطورات الأوضاع الراهنة وعرض للمواقف من القضايا المطروحة».

الحريري: موقف باسيل استرضاء لإيران

بعد امتناع لبنان عن التصويت على بيان إدانة حزب الله خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، استنفر فريق «المستقبل» للاعتراض على موقف الوزير باسيل، فقد عبّر الرئيس سعد الحريري في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي عن أسفه لامتناع باسيل عن التصويت على القرار. وقال: «نحن أمام موقف لا وظيفة له سوى استرضاء إيران والإساءة لتاريخ لبنان مع أشقائه العرب. وهو أمر مرفوض في قاموسنا ولا نُدرجه في خانة تعبر عن موقف الدولة اللبنانية».

اجتماع القاهرة مقدِّمة لاجتماعات جديدة؟

وأكد وزير الخارجية الأسبق عدنان منصور لـ«البناء» أن «موقف باسيل لم يخالف الإجماع العربي أو الداخلي، كما قال البعض، لأن لا يمكن للبنان أن ينزلق إلى منزلقات خطيرة تهدّد استقراره وأمنه في ظل حالة الانقسام العمودي التي يشهدها البلد». وأشار إلى أن «موقف وزير الخارجية في مكانه ويعبّر عن حقيقة وحساسية ودقة الوضع في لبنان، وبالتالي هو يعبّر عن موقف الحكومة اللبنانية، وليس عن موقفه الشخصي».

وتساءل منصور: «حزب الله هو مقاومة حرّر أرضه ويصدّ العدوان الإسرائيلي المستمرّ على لبنان ويحمي الحدود من الإرهاب، فكيف نصفه بالإرهاب في منتدى عربي أو إسلامي أو حتى دولي؟ وماذا نقول عن التنظيمات الإرهابية كـ»داعش» و«النصرة» و«جيش الإسلام»؟

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «باسيل تشاور مع رئيس الحكومة تمام سلام وبعض القوى السياسية في الحكومة حول موقفه الذي أدلى به في القاهرة»، وتخوّفت من أن «يكون ما حصل في القاهرة مقدّمة لاجتماعات مقبلة قد تحصل في الجامعة العربية والمنظمات الإسلامية ليس ضد إيران فقط، بل ضد حركات المقاومة في المنطقة وعلى رأسها حزب الله».

وقال مصدر دبلوماسي سابق لـ«البناء»: «بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني لا بد من رفع العقوبات الدولية عن إيران، إلا أن بعض الدول لا تستسيغ ذلك ولا تهضم أن تصبح إيران دولة قوية ومن دون عقوبات، وبالتالي ستعمد هذه الدول إلى مواجهة إيران وإصدار قرارات جديدة للضغط على العالم لوقف رفع العقوبات».

كما عبّر المصدر عن خشيته من أن تتموضع بعض دول العالمين العربي والإسلامي، ضمن اصطفاف جديد يتمثل باستبدال العدو الحقيقي للعرب والمسلمين أي «إسرائيل» بإيران، «ما يزيد الشرخ بين العالمين الإسلامي والعربي وهذا لا يصبّ في مصلحتهما والقضية الفلسطينية التي يجب أن تكون في صلب اهتمامات العرب والمسلمين».

جلسة حكومية بمشاركة «التيار»؟

حكومياً، يبدو أنّ جلستَيْ الحوار الوطني والحوار الثنائي انعكستا إيجاباً على الصعيد الحكومي، في ظلّ الحديث عن مشاركة وزراء التيار الوطني الحرّ وحزب الله في جلسة الخميس.

وأشارت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» إلى «أجواء إيجابية خلال جلسة الحوار الوطني ستنعكس مشاركة لوزراء التيار في الحكومة إذا تمّ الالتزام، بما اتفق عليه لا سيما إدارة صحيحة للجلسات وعدم هيمنة بعض الوزراء على قرارات الحكومة في ظلّ وجود كتل كبيرة تمثل القوى السياسية الوازنة».

وتساءلت المصادر: «لماذا لا يتمّ تعيين أعضاء المجلس العسكري وقائد جديد للجيش ومدير عام لقوى الأمن الداخلي، أو على الأقلّ تشريع التعيينات ضمن إطار القوانين والأصول؟». ولفتت إلى أنّ «هناك تواصلاً بين الرابية ورئيس الحكومة عبر وزير الداخلية نهاد المشنوق لتذليل العقبات قبل جلسة الخميس».

مبادرة الحريري مجمَّدة

وتردّدت معلومات عن سفر الوزير سليمان فرنجية إلى باريس للقاء الرئيس سعد الحريري، إلا أنّ مصادر في تيار المردة لم تنف ولم تؤكد ذلك، وأشارت لـ«البناء» إلى «أنّ مبادرة الحريري جدية منذ البداية وشكلت فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية، لكن لم تتمّ، والوزير فرنجية ليس مستعجلاً بل هو لا يزال وسيبقى ينتمي إلى فريق سياسي هو 8 آذار».

وأوضحت المصادر أنّ «المبادرة الآن مجمَّدة والتجميد من الفريق الآخر أي فريق الرئيس الحريري الذي لم يعلن الترشيح رسمياً لأسباب تتعلق بعلاقاته الخارجية».

من جهتها، لم تستبعد مصادر التيار الوطني الحر أن يعلن رئيس «القوات» سمير جعجع ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية ما يسهّل انتخاب الرئيس ويسهّل على لبنان حلّ أزماته».

المساعدات تدخل مضايا وكفريا والفوعة

بعد إقدام المسلحين على سرقة المساعدات التي دخلت الأسبوع الماضي إلى بلدة مضايا في ريف دمشق، دخلت أمس، قوافل المساعدات الإنسانية إلى البلدة، وبالتزامن وصلت قافلة المساعدات الإنسانية إلى مدينتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريف إدلب الشمالي.

وتجمّع العشرات من أهالي بلدة مضايا عند مدخل البلدة للخروج منها بسبب الأوضاع السيئة التي فرضتها عليهم المجموعات المسلحة، وأقدم أهالي البلدة على طرد ما يُسمّى مسؤول المجلس العسكري في البلدة من مكان إقامته بسبب محاولاته إدخال المساعدات إلى المستودعات، لكنهم رفضوا ذلك وطالبوا بتسلّمها بشكلٍ مباشر.

وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أنّ «قافلة المساعدات التي دخلت إلى الفوعة وكفريا مؤلفة من 40 شاحنة محمّلة بالمواد التموينية والأدوية تكفي ستين ألف شخص». وأشارت إلى أن «طلب دخول القافلات الإنسانية إلى مضايا تمّ من قبل المسلحين عن طريق الأمم المتحدة وتمّت الموافقة من الدولة السورية، بشرط دخول الكمية نفسها إلى بلدتي الفوعة وكفريا ووافق المسلحون».

وتحدّثت المعلومات عن ثراء بعض قيادات المسلحين في مضايا بعد سرقتهم المساعدات السابقة وبيعها للأهالي في السوق بأرباح خيالية، حيث وصل كيلو الأرز الواحد إلى 40 ألف ليرة سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى