تحرير «سلمى» وتقهقر الإرهاب كسر منظومة الطوق على سورية
معن حميّة
قبل أقلّ من عامين، حذّر الرئيس السوري د. بشار الأسد من أنّ «الإرهاب يتعدّى دول المنطقة ليصل إلى العالم كلّه، وخصوصاً تلك الدول الحاضنة والداعمة له». ومنذ اندلاع حرب الإرهاب على سورية، قال الأسد: «التدخل في سورية… هو كاللعب بفالق الزلزال سيؤدّي إلى ارتجاج المنطقة كلها».
الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، صمّ آذانه ولم يفهم جيداً تحذيرات الأسد، فاستمرّ في الاندفاع لتحقيق هدفه بإسقاط سورية بوصفها دولة مقاومة، مستخدماً الإرهاب وسيلة، وموفراً لهذا الإرهاب كلّ أشكال الدعم والمؤازرة عبر أدواته الإقليميّين والعرب وحليفته «إسرائيل». وهكذا صارت كلّ الجغرافيا المحيطة بسورية، جبهات حربية مفتوحة ضدّها، بدءاً من لبنان إلى الأردن فالعراق لاحقاً. وجبهة «إسرائيل» انطلاقاً من فلسطين المحتلة، وتركيا التي شكلت جبهة رئيسة في العدوان على سورية.
ربما كانت الدول الغربية تدرك منذ الأساس مخاطر الإرهاب، لكنها وقعت في فخ ربطة العنق «الإخوانية التركية» فذهبت إلى اتفاق ضمني مع أصحاب «ربطات العنق»، على قاعدة خذوا السلطة في المنطقة واعطونا مصالحنا وأمن «إسرائيل».
في هذا السياق، حقق الغرب وعلى رأسه أميركا هدفاً رئيساً، إذ إنه أسقط فكرة «دول الطوق» في مواجهة «إسرائيل»، وأنشأ منظومة طوق على سورية، استكملت بتمكين «داعش» من السيطرة على الجانب العراقي المحاذي لسورية.
ويعتقد كثيرون أنّ ما نجحت في تحقيقه أميركا والقوى الغربية، إنْ لجهة تشكيل منظومة طوق على سورية، أم لجهة تمكين الإرهاب من السيطرة على مناطق سورية عديدة، زاد قناعة دول العدوان بدنوّ ساعة إسقاط سورية. لذلك لم يكن الصوت السوري المحذّر من وباء الإرهاب ومخاطره مسموعاً، إذ إنّ «لوبي العدوان على سورية» وجهابذة الإعلام العربي المتأسرل، ومراكز الأبحاث الغربية، كانوا يضعون هذه التحذيرات، في خانة الاستجداء تارة، وطوراً في خانة الترهيب من خطر مزعوم! وقد نجح هذا «اللوبي» في حجب حقيقة المخاطر الإرهابية، ونجح أيضاً في التعمية على عناصر قوة سورية، من خلال مسلسل الانشقاقات في مؤسسة الجيش، والحديث المتكرّر عن عدم قدرته على الصمود والمواجهة.
وفي الوقت الذي كان يخرج فيه المسؤولون الغربيون «والإسرائيليون» والأتراك وأدواتهم العربان، بتصريحات ببغائية مكرّرة ومستهلكة وممجوجة على مدار الساعة، تطالب بتنحي الأسد وتزعم بفقدانه الشرعية، وتتنبّأ بأن لا مستقبل له في سورية، كانت الدولة السورية بقيادتها وجيشها ثابتة على مواقفها، تعدّ العدّة والخطط لمواجهة حاسمة تؤدّي إلى هزيمة الإرهاب وداعميه، وترسم مسار المعركة وأولوياتها لتحقيق ما كان قد أعلنه الرئيس الأسد من أنّ سورية قادرة على اجتثاث الإرهاب من الأرض السورية.
وما كانت سورية ترسمه وتحققه في الحرب ضدّ الإرهاب استناداً إلى قوتها الذاتية، أضيف إليه عامل المؤازرة من حلفائها الأساسيّين وفي مقدّمتهم روسيا الاتحادية، ما مكّن جيشها والقوى التي تؤازره من امتلاك زمام المبادرة بالكامل، وتحقيق إنجازات ميدانية سريعة، حيث تتهاوى كلّ يوم عشرات المواقع الإرهابية، وتتمّ استعادة قرى وبلدات أساسية واستراتيجية. ولعلّ التقدّم السريع في ريف اللاذقية، وتحديداً في ما يسمّى جبل الأكراد وتحرير بلدة سلمى وعشرات القرى، يشكل كسراً فعلياً لمنظومة الطوق على سورية، التي شكلت تركيا إحدى جبهاتها الأساسية.
عود على بدء التحذير السوري من خطر الإرهاب على المنطقة والعالم، فقد بدأ هذا الإرهاب يرتدّ على صانعيه وداعميه الغربيّين والإقليميّين. فتفجيرات اسطنبول الإرهابية قبل يومين، والتي أعلنت السلطات التركية أنّ «داعش» مسؤول عنها، وقبلها التفجيرات الإرهابية التي حصلت في فرنسا ودول أخرى، أكدت صحة وصدقية ما كان يحذر منه الرئيس الأسد، حتى أنّ «موسى» الإرهاب لم تستثنِ لحية حليفه الإخواني في تركيا.
الغرب ومعه حلفاؤه في مرمى الإرهاب وإجرامه، وبالتالي لم يعد رجب طيب اردوغان، ولا العرب المتأسرلون، يستطيعون تبييض صفحة الإرهاب، ولا هم قادرون على التأثير في شيء، لا في ترجيح كفة الإرهاب في الميدان، ولا في مسار الحلّ السياسي المزمع إطلاقه.
الدولة السورية التي كانت منذ الأساس حازمة وحاسمة وواثقة في قدرتها على هزيمة الإرهاب، تمسك جيداً بزمام المبادرة العسكرية، فجيشها يضع المجموعات الإرهابية بين فكي كماشة الموت والتقهقر، ويتقدم على كل جبهات القتال في أرياف اللاذقية وحلب وحماه ودرعا وغير منطقة سورية.
ما هو مؤكد أنّ سورية كسرت الذراع الإرهابية لدول العدوان، وأسقطت أوهام وأحلام المناطق الآمنة والعازلة، وبتحرير «سلمى» والبلدات والتلال المحيطة بها، كسرت منظومة الطوق التي فرضت عليها…
إنه زمن الجيش السوري… إنه ثمن «السوخوي».
مدير الدائرة الإعلامية في الحزب السوري القومي الاجتماعي