سورية العصيّة على الاختراق…تاريخ يشهد وصلابة لا تتصدّع
جمال رابعة
في خطاب للزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر تحدّث فيه ومن خلال مذكرات ايزنهاور الرئيس الأميركي السابق ما كان يُخطط ويُحاك للمنطقة لجهة العدوان على سورية، ضمن مخطط تنفيذي لاحتلال سورية، بالاتفاق مع تركيا ونوري السعيد في العراق، كذلك أشار إلى «الحلف الإسلامي» الذي دعا إليه آل سعود بأوامر من واشنطن للوقوف في وجه القوى الثورية في المنطقة تتقدّمها مصر عبد الناصر، وذلك في إطار المخططات التي كانت ترسم للمنطقة خدمة للمشاريع الصهيو ـ أميركية.
لكن في ذاك الوقت لم يستطع العدوان تحقيق أهدافه، لأنّ عبد الناصر أرسل قوات خاصة إلى سورية في العام 1957 وأفشل العدوان عليها، أما مشروعهم بتشكيل «تحالف إسلامي» فوجود عبد الناصر أفشل وأبطل التداعي لهذا الحلف، لأنّ أحد أهمّ استهدافاته هو مصر عبد الناصر لما كان يمثله من حضور عربي وإقليمي ودولي ومن الزعماء المؤسسين لدول عدم الانحياز ووقوفه إلى جانب كل حركات التحرر العالمية من نير الاستعمار والغطرسة الامبريالية.
وحيث إنّ مخططات العدوان والاعتداء على الشعوب من قبل واشنطن تنتظر دائماً الفرص المناسبة لتنفيذها وبعد التحضير والطبخ في المطابخ الخلفية وتحت مسمى الربيع العربي شن العدوان على سورية في مثلث لإقليمي آل سعود – أردوغان – آل خليفة يدعم عصابات من التكفيريين كالقاعدة والنصرة وداعش وغيرها.
جيوش تقاتل بالإنابة عن أهداف ومخطط مشروع صهيو ـ أميركي ـ وهابي، المشيخات والممالك ما هي سوى أدوات كداعش والقاعدة والنصرة برؤية وفكر وهابي تكفيري.
بالأمس كان عبد الناصر العدو الذي يُعتبر العقبة الكأداء في وجه المخطط الصهيو أميركي وتحقيقه، وحيث إنّ الزعيم عبد الناصر كان يحظى باحترام ومحبة وتقدير في ضمير الأمة والشارع العربي والإسلامي.
اليوم تمّ استيلاد عدو آخر بديل للعدو الصهيوني وفق دعوات الوهابية الصهيونية، وذلك بشحن الغرائز الطائفية والمذهبية لجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي قامت في بداية انتصار الثورة فيها باستبدال سفارة الكيان الصهيوني في عصر الشاه، الحارس الأميركي للخليج، بسفارة فلسطين
لهذه الأسباب دعت الوهابية الصهيونية إلى تحالف تحت مسمّى إسلامي طائفي غايته حروب طائفية مذهبية في المنطقة لا تهدأ نيرانها ولا تنطفئ ولا تبقي على شيء.
ومن الأهمية بمكان التذكير بالوثيقة التاريخية وثيقة كامبل عام 1907 والتي حدّد فيها مصير وتاريخ المنطقة العربية، حيث قرّر في تلك الوثيقة زرع خنجر في قلب المنطقة العربية الكيان الصهيوني ، وما زالت تلك المنطقة منفعلة ومسيّرة، كما رسم في ذاك الاجتماع.
مع الإشارة الهامة إلى أنّ السياسة الأميركية تجاه العرب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت نقطة ارتكازها وتبلورها تستند على المبادئ الأساسية لهذه الوثيقة من أهمّها فكرة صراع الحضارات والصراع الديني مع فارق إحلال السيطرة الأميركية مكان السيطرة الأوروبية.
في شريط مسرّب وعبر كلمة وجّهها رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، قال فيه:
كل العالم يعرف قوة إسرائيل، لكن الكثير يجهلون السرّ وراء ذلك، قد تستغربون إذا قلت لكم إنّ مصدر قوتنا هو الحكام العرب، فأغلبهم متعاونون معنا في العلن والبعض في الآخر يفضّل ذلك في السرّ، لذا نرى قطر والإمارات والسعودية والأردن ومصر ودولاً أخرى رهن الإشارة، ولا يفوتني موقفهم المشرّف وسعيهم الجادّ في توسيع حدود دولة إسرائيل !!
كما أشار في كلمته الموجهة: ما يحدث اليوم في العراق وسورية من قتل ودمار ليس إلا بتخطيط مشترك مع بعض الحكام العرب لإضعاف حزب الله وإيران العدو الحقيقي لإسرائيل وأنا أحذر العراق وسورية من أنّ لعبة داعش ستستمر حتى يرضخ الجميع لإسرائيل !!
في تصريح أخير لدوري غولد مدير عام وزارة خارجية الكيان الصهيوني مفاده:
إن هناك تغييراً دراماتيكياً في علاقات إسرائيل مع العالم هو أنه بإمكانها اليوم الاتصال تقريباً مع كل دولة عربية.
إن آل سعود وحكام الخليج المطمئنين إلى هذا التقرّب والعلاقات الحميمة مع نتنياهو وعصابته اللذين لن يبعدا عنهم ما هو مرسوم ومنتظر من قبل هؤلاء، فهم مخطئون ولن يتركوا المنطقة آمنة كلها.
ففي عام 2006 نشر الكولونيل الأميركي المتقاعد رالف بيتر في صحيفة القوات المسلحة الأميركية بعنوان حدود الدم ، يقول فيها السعودية ستعاني أكبر قدر من التقسيم، حيث ستقسم إلى دولتين: الدولة الإسلامية على غرار الفاتيكان تشمل المواقع الدينية المهمّة لمسلمي العالم، ودولة سياسية سيقتطع منها أجزاء لتمنح إلى دول أخرى اليمن، الأردن . وهذا ليس في مصلحة شبه الجزيرة العربية ولا إيران وحتى أميركا والعالم ، لأنّ البديل سيكون مزيداً من الإرهاب والفوضى وسيطرة القوى التكفيرية الوهابية الصهيونية، حيث الشارع مشبع بالايديولوجية الوهابية التكفيرية التي هي سبب كل العنف والتطرف اللذين تواجههما المنطقة والعالم والمولدَيْن عدم الاستقرار.
ختاماً أقول إنّ استهداف سورية قلب العروبة النابض بمشاريعهم العدوانية من محور العدوان، ليس بجديد كما يدّعون اليوم وفق المبرّرات والأسباب والمسوغات الزائفة. إنه استراتيجية قديمة جديدة فحواها السيطرة على سورية عبر أدوات تمثلهم وتأتمر من قبلهم في سدة القرار السياسي والاقتصادي السوري، مما يوفر الفضاء والجغرافية السياسية والسياسات التوسعية لكيانهم المزروع في قلب الأمة العربية والإسلامية، ما لم يستطيعوا أن يحققوه بعد حرب ظالمة قاربت السنوات الخمس، فلن ينالوه بعد تشكيلهم واجهة سياسية في الرياض عنوانها واجهة سياسية لاستمرار الحرب على سورية.
شعب سورية المقاوم وجيشها المغوار وقيادتها الوطنية بجانب الأشقاء والأصدقاء روسيا وإيران والمقاومة اللبنانية لهم بالمرصاد.
عضو مجلس الشعب السوري