«سورية المدنية» تحْيي يوم المرأة العالمي بصوت همسة منيف الصدّاح

دمشق ـ آمنة ملحم

لأنّ سورية وجدت لتبقى، ولأنّ كلّ امرأة فيها تستحقّ أن يُحتَفل بصمودها وصبرها وتمسّكها بأرضها وحضارتها وعزّتها، أحيت المغنّية همسة منيف بمرافقة فرقة «تخت شرقي»، أمسية غنائية على مسرح دار الأوبرا في دمشق لمناسبة يوم المرأة العالمي، ضمن فعالية «نساء من وطني» التي نظّمتها جمعية «سورية المدنية».

وقدّمت منيف في الأمسية باقة من الأغاني الوطنية والتراثية استهلتها بـ«أحبّ دمشق» و«مر بي»، وواصلت مع «مهما يتجرّح بلدنا» و«أرضي عم تقاسي». وشهدت تفاعلاً كبيراً مع الحضور باختتامها الحفل الذي استمر لساعة من الزمن مع أغنية «تعلا وتتعمّر»، حيث وقف الحضور مشاركاً همسة الأغنية تصفيقاً وغناء.

كما تخلل الأمسية التي حضرها كل من وزير الثقافة عصام خليل، ووزيرة الشؤون الاجتماعية ريما القادري، بعد أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»، قطعة موسيقية مع فرقة «تخت شرقي» عنوانها «ذكريات»، ووصلة حجاز بعنوان «تراث»، قبل أن تعود منيف إلى المسرح مع أغنية «رقة حسنك وسمارك».

وفي كلمة ألقتها رئيسة جمعية «سورية المدنية» ربى ميرزا قالت: «من هنا، من دمشق، من أقدم عاصمة ما زالت مأهولة، نرحّب بكم جميعاً مجتمعاً سورياً مدنياً ينتمي إلى الوطن قبل أيّ انتماء آخر».

وتابعت: «سورية كانت وستبقى عامرة بمدنيتها ومجتمعيتها، لا بقوى الغير. ولدينا ما يكفي لبنيانها، نبنيها فكراً وثقافة وعلماً قبل كلّ بنيان».

وعن الفعالية لفتت ميرزا إلى أنّ «نساء من وطني» لقاء أردناه بمناسبة يوم المرأة العالمي لنجتمع ونظهر الصورة الحقيقية للمجتمع السوري عموماً والمرأة السورية خصوصاً. وعملنا على أن يكون لقاءً مختلفاً بالقول والفعل، بدأناه قبل أيام في الخامس من آذار الحالي بورشة عمل توزّعنا فيها إلى مجموعات، وعملت كل سيدة في محور، فكانت محاور: المرأة والسياسة، المرأة والقانون، المرأة والتعليم، وتوصلت كل مجموعة إلى فكرة مشروع قابل للتطبيق على الأرض. فكان يومنا خطوة للاستمرار عبر ورشات عمل متتالية.

واستطردت ميرزا قائلةً: «نساء من وطني» جاء ليُسمع العالم صوت المرأة السورية وهي تقول: أنا مواطنة سورية أنتمي إلى الأرض السورية أرض الحضارة، سأعمل على بناء مجتمعي بالعلم والثقافة والأخلاق، سأحميه بالحق والقانون، المرأة السورية هي تلك السيدة التي عاشت الأزمة بتفاصيلها كافة، صمدت وعملت، فهي ضابط في الجيش السوري وأمّ الشهيد، إنها الطبيبة، المهندسة، المدرّسة، الموظفة، الكاتبة، المنتجة والمزارِعة، أمضت في بلادها سنين الحرب بقساوتها، وقاومت العقوبات الاقتصادية والضغوط.

وخاطبت ميرزا المرأة السورية قائلة: إليك أيتها المرأة السورية ألف سلام وتحية لصمودك، لدفاعك، لعملك، لبنائك وطنك أينما كنت على هذا التراب المقدّس من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. تفكيرنا هو وحده الكفيل بتشكيل واقع حياتنا، ومقياس كل حضارة هو من خلال نظرتها إلى المرأة. ولأن سورية هي الأَوْلى والأولى، كوني قوية وافعلي ما استطعتِ، ازرعي الأمل قبل القمح.

وختمت ميرزا مستشهدة بقول سقراط «المرأة العظيمة هي التي تعلّمنا كيف نحبّ عندما نريد أن نكره، وكيف نضحك عندما نريد أن نبكي، وكيف نبتسم عندما نتألّم».

بدورها، وجّهت همسة منيف عبر «البناء» معايدتها الأولى لمناسبة يوم المرأة العالمي إلى سيدة الياسمين أسماء الأسد، وقالت: «يسعدني أن أكون في بلدي وعلى منبر ثقافيّ مهم في دار الأوبرا، لأمثّل المرأة والفنّ وأقدّم رسالتي بصوتي. وأنا فخورة بكلّ امرأة سورية، وسعيدة بأنني أقدّم هدية لكلّ من حضر ولكلّ امرأة سورية بجزء من مهنتي كمغنية وأستاذة في المعهد العالي للموسيقى كصوت سوريّ تملكه امرأة».

وعن تفاعل الجمهور مع الحفل أكدت منيف أنه كان جميلاً جداً، وطاقة الجمهور كانت قوية وإيجابية، حملت حماسةً فشعرت بإحساس متبادل معهم، فأوجههم كانت مليئة بالفرح والأمل.

وتمنّت همسة منيف أن تعود سورية كما كانت، وأن تعود الحفلات إلى المسارح والساحات، والفرحة إلى قلوب السوريين.

وختمت بالتأكيد على دور الإعلام في دعم الفن والفنانين، والتكاتف معاً لتقديم صورة جميلة. معربة عن فخرها بكل امرأة إعلامية تؤدّي دورها عبر عملها.

ومن بين الحضور، أعرب الفنان مصطفى الخاني لـ«البناء» عن سعادته بوجود نساء سوريات يقدّمن فعاليات كهذه، وقال: «كنّا اليوم جزءاً من متلقي إبداع المرأة السورية التي تقدّم صورة مشرّفة عن المجتمع السوري. والمرأة السورية أثبتت أنها ليست كما يسوّق لصورتها السلبية في الإعلام، بل هي امرأة فاعلة ومبدعة ومربية أجيال. وهذا الحفل جزء من هذا العطاء».

وأكد الخاني أن حضوره جاء كنوع من الدعم والتواصل الاجتماعي والتبادل الفنّي المشترك للاستمتاع بالإبداع السوري. وأشار إلى أنّ للفن دوراً كبيراً خلال هذه الأزمة، كونه يعدّ جزءاً من الإعلام الذي يمثّل أحد أهم الأسلحة التي استخدمت في أزمة البلاد. وأنّ جزءاً كبيراً من الفنانين كانوا على قدر المسؤولية، «ولكن ما نشاهده اليوم يبقى أكبر من القدرة على التعبير عنه».

وختم الخاني: «إن سورية تستحقّ أن نراها بعين أكثر رحمة، وأن نرى بعضنا بحبّ أكثر. وعلى الفنّ أن يحمل هذه الرسالة ويعمل عليها، هذا واجب من واجبات الفن والفنانين».

تجدر الإشارة إلى أنّ همسة منيف من مواليد عام 1987، وهي خرّيجة المعهد العالي للموسيقى اختصاص غناء شرقي، وهي حالياً أستاذة في هذا القسم. مثّلت سورية في عدد من البرامج التلفزيونية على مستوى العالم، وحصلت على المركز الثاني في برنامج «the winner». وشاركت كمغنية صولو في برنامج «ليلة الأنس» الذي كرّم عمالقة الفنّ في العالم العربي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى