قلق مشروع من مغبّة التعديل الدستوري المتعلّق بازدواجية الجنسية لشغل المواقع العامة الرئيسة في الأردن

محمد شريف الجيوسي

قال رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور أنّ حكومته ستقدم بعد نفاذ التعديلات الدستورية وخلال الدورة الحالية نحو ستة مشاريع قوانين لتعديل موادها التي تشترط عدم ازدواجية الجنسية وأهمّها قوانين: الانتخاب والنزاهة، ومشاريع قوانين أخرى تتضمن جميعها مادة واحدة تلغي شرط عدم الازدواجية، وذلك استجابة للتعديل الدستوري الذي أقرّه مجلسا النواب والأعيان بجواز ازدواجية الجنسية لتولّي المناصب الرئيسة العامة في الدولة.

ويطرح هذا التعديل العديد من التساؤلات والكثير من القلق والمخاوف. فمن حيث المبدأ، هناك ما يُسمّى التعامل بالمثل، بمعنى، هل يمكن لأميركي أو بريطاني أو فرنسي أو كندي مثلاً، يحمل جنسية أردنية، تولي منصب عام في الكونغرس الأميركي أو مجلس العموم البريطاني أو مجلس اللوردات إلخ…، أو ما يعادل تلك المناصب في مؤسّسات مماثلة في أي بلد من العالم، أو تولي حقيبة وزارية؟ علماً أنّ نصّ قَسَم الجنسية الأميركية هو التالي: «أعلن هنا وعلى القَسَم أنني أمتنع مطلقاً وبشكل كامل عن الولاء أو الإخلاص لأيّ أمير أو ملك أجنبي أو دولة أجنبية أو أيّ جهة سيادية كنت في السابق من رعاياها أو مواطنيها. أقسم بأنني سأدعم وأدافع عن دستور وقوانين الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة جميع الأعداء، أجانب ومحليين، وسأكون مخلصاً حقاً لكليهما، وأن أحمل السلاح دفاعاً عن الولايات المتحدة وسأؤدّي المهمّات غير القتالية في قوات الولايات المتحدة، وسأقوم بأداء الأعمال ذات الأهمية القومية، وفق التوجيهات المدنية، إذا ما تطلبها القانون. إنني أقدم على هذا الالتزام بكامل وعيي وإرادتي من دون أيّ تحفظات عقلية أو أيّ قصد، فساعدني يا إلهي على ذلك».

أما نصّ القسم البريطاني فهو: «إنني يذكر الاسم كاملاً أقسم بأن أكون وفياً ومخلصاً حقاً لصاحبة الجلالة الملكة إليزابيت الثانية ولأبنائها وأحفادها ومن يخلفها، وفقاً لما يمليه القانون، فأعنّي يا إلهي على ذلك». أما نصّ قسم الحصول على الجنسية الكندية أو حقّ المواطنة فهو: «إنني هنا أقسم بأن أكون وفياً وكامل الولاء والإخلاص، لصاحبة الجلالة الملكة إليزابيت الثانية ملكة كندا ولأحفادها ومن يخلفها، ووفياً لقوانين كندا، وأن أؤدّي واجباتي كمواطن كندي». ويحقّ للآباء التوقيع عن أبنائهم تحت سنّ الرابعة عشرة.

يُذكر أنّ شرط حمل الجنسية الألمانية هو التنازل عن الجنسية الأصلية، وإتقان اللغة الألمانية، والإقامة في البلاد لمدة لا تقلّ عن 8 سنوات، وأن يكون طالب الجنسية مقتدراً مالياً.

السؤال في ضوء ما سبق: ما هو الموقف الذي سيكون عليه الحال في حال طلبت الدولة التي يحمل جنسيتها الوزير أو النائب، منه كمواطن صالح أدّى قسم الولاء لها، الانضمام إلى القوات المسلحة والمشاركة في الحرب على بلد ما قد يكون الأردن، أو دولة صديقة أو حليفة أخرى للأردن مصالح استراتيجية معها؟ فالسياسة والحرب لا تحكمهما اعتبارات افتراضية بل الواقع، وفي حال رفض الشخص المطلوب الالتزام بقسمه، ماذا سيكون موقف الأردن الرسمي حينها؟

ويطرح هنا سؤال ثالث، هل سينطبق هذا الحال على تولّي مسؤوليات تنفيذية وغيرها لمزدوجي الجنسية، في الجيش والاستخبارات العسكرية والأمن والمخابرات العامة والدرك والديوان الملكي والبنك المركزي والإشراف على الأحزاب السياسية الأردنية والمناهج التربوية والتعليمية والأوقاف الإسلامية؟

والسؤال الرابع: هل يُستثنى الأردني الذي يحمل جنسية عربية من حقّ تولي المسؤولية العامة، أسوة بالغربي مثلاً، على اعتبار أنّ اتفاقية 5 نيسان سنة 1954، تمنع ازدواجية الجنسية بين الدول العربية، وبهذا المعنى ألا بشكل ذلك مفارقة غريبة ومعيبة؟

السؤال الخامس، أليس من حقّ الدولة، التي يحمل الأردني جنسيتها، الموافقة المُسبقة على تولّي مواطنها مسؤولية في دولة أجنبية هي الأردن في هذه الحالة بالنسبة إليها ؟ ألا يخلق هذا الالتزام حساسية ما؟ وفي حال التزام الأردن بذلك، ألا يشكل ذلك انتقاصاً من سيادة الدولة الأردنية؟

السؤال السادس: أليس الأولى بنا، البحث عن الكفاءات الأردنية المُهاجرة تحت ظروف الضغوط المعيشية والتي لم تحمل جنسية أخرى ورفدت الخزانة الأردنية بالعملات الصعبة، وتقليدها المواقع التي تستحق، بدلاً من البحث عن مزدوجي الجنسية من حَمَلة الكفاءات؟

السؤال السابع: كيف سيكون حال مزدوج الجنسية في حال ارتكب جريمة الولاء لدولة أجنبية وسرّب معلومات عن الأردن وقدم تقارير مسيئة، أو في حال سرقته المال العام؟ وما مدى

إمكانية إنزال العقوبة القانونية به؟

إنّ التصرف السليم في حال كان هناك من هم جديرون بتولي المسؤولية العامة من صفّ السياسيين الأول، التنازل عن جنسياتهم الأجنبية، وهو الحدّ الأدنى المطلوب ليكونوا جديرين بالولاء للوطن والوفاء له.

بكلمات، إنّ التعديل الدستوري المتعلق بازدواجية الجنسية أسوأ تعديل دستوري تمّ في تاريخ الأردن منذ عهد الإمارة، وكلّنا أمل بأن يقوم الملك عبد الله الثاني بردّه، خدمة للدولة الأردنية ومؤسّسة العرش والدستور واستقلالية القرار والسيادة الأردنية.

m.sh.jayousi hotmail.co.uk

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى